أسرة في عدن تبدأ يومها بفرح وتختمه بفاجعة «صورة»

> عدن «الأيام» خاص

> مولد كهربائي يخطف حياة شابين بمدينة المنصورة
 
في العاصمة عدن، بدأ يوم الإثنين الماضي، 19 أغسطس الجاري، بفرح وسرور عم جميع أفراد إحدى الأسر القاطنة في مدينة المنصورة بحضور عرس أحد الأقارب في المدينة نفسها، لينتهي ذلك اليوم بحزن عميق عم جميع أفراد الأسرة.. تلك الأسرة هي واحدة من الأسر في مدينة عدن التي لجأت إلى اقتناء إحدى أدوات الطاقة الكهربائية البديلة لاستخدامها وقت انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة، والذي بات مشهدا يوميا ألفه سكان مدينة عدن واعتادوا على تلك الانقطاعات التي تتكرر لعدة ساعات في اليوم الواحد..

المولد الكهربائي "الماطور" هو الجهاز الذي كان لدى تلك الأسرة للاستعاضة عن التيار الكهربائي في وقت غيابه.. اتخذت الأسرة من سطح منزلها مكاناً لـ "الماطور"، وفي يوم الإثنين الماضي كان لدى تلك الأسرة عرس لأحد الأقارب وتطلب ذلك أن يذهب جميع أفرادها للمشاركة وإغلاق المنزل، وخوفا على المولد الكهربائي من أن يتعرض للسرقة فقد أنزلوه من السطح إلى داخل المنزل (الصالة) ريثما يعودون مساءً بعد المشاركة في العرس..

عاش أفراد الأسرة يوما فرائحيا فريدا ثم عادوا في المساء إلى منزلهم وقد أنهكهم التعب واستلقى الجميع على فُرُشهم استعدادا للنوم.. وبعد مرور وقت قصير من عودتهم انقطع التيار الكهربائي، وكان على احد أفراد الأسرة أن يشغل المولد الكهربائي كالعادة.. من بين أفراد تلك الأسرة شابان جاءا منذ فترة لزيارة خالهما رب الأسرة، أحدهما يدعى داود صدام حسين راجح المشألي (18 عاما) والآخر معين نصر محمد عوض المشألي (16 عاما)، تذكر داود ومعين أنهما أنزلا  "الماطور" من السطح إلى الصالة حينما ذهبا إلى بين العرس، ولأنهما كانا منهكين لم ترق لهما فكرة إعادة المولد إلى سطح المنزل واتفقا على تشغيله حيثما هو موجود "في الصالة"، وفعلا قاما بتشغيله وعاد إلى غرفتهما ليخلدا إلى النوم، وكانت غرفة داود ومعين ملاصقة لتلك الصالة التي بها "الماطور"، وكان الغاز "السام" الصادر عن المولد (أول أكسيد الكربون) يتسلل إلى غرفة نومهما عبر فتحة باب الغرفة، وبات الشابان داود ومعين يستنشقان أول أكسيد الكربون ليلتهما تلك دون أن يشعرا به وبخطره المميت..

وعند نحو الساعة الرابعة فجرا استيقظ رب الأسرة وذهب لتفقد الشابين في غرفتهما فوجدهما في هيئة غير طبيعية فحاول إيقاظهما إلا أنهما فلم يستجيبا له فصرخ طلبا للنجدة وأسعف الشابان إلى مستشفى النقيب الأهلي في المدينة إلى إلا أنهما قد فارقا الحياة اختناقا بغاز أول أكسيد الكربون الصادر عن ذلك القاتل المجهول "المولد الكهربائي"، لتتحول الفرحة التي عاشها أفراد الأسرة بداية يومهم إلى حزن كبير وفاجعة لم يكونوا يتوقعون حدوثها.

الشابان داود ومعين
الشابان داود ومعين

وبين السبب والنتيجة هناك خيط ناظم وهو التوعية المجتمعية بمخاطر هذه العوادم وتداعياتها المؤلمة، الأمر الذي يحتم تضافر كل الجهود المجتمعية لإحداث استجابة توعوية شاملة تكون ترياقاً فاعلاً لعدم تكرار مثل هكذا حوادث.

ومع وجود حاجة الكهرباء الملحة للسواد الأعظم في العاصمة عدن والمحافظات الأخرى لتسيير أمور حياتهم اليومية في الريف والحضر، بالتزامن مع شحة توفرها لاعتبارات عديدة، وجد كثير منهم ضالته في (المولدات الكهربائية) التي ازدهرت تجارتها مؤخراً بشكل ملفت وتتواجد في الأسواق بأصناف وأنواع مختلفة.

وتُستخدم المولدات الكهربائية اليوم أكثر من أي وقت مضى في المنازل والمحال التجارية بصور عدة منظمة كانت أو عشوائية، ولذلك كان لابد أن يرافقها حزمة من الإجراءات التي يجب أن يتبعها مستخدموها لتكون تلك المولدات الكهربائية مفيدة للناس لا أن تكون أحد مصادر الموت الذي يتسلل خفية ويخطف الأرواح دون رحمة.. فعدم التعامل الجيد مع تلك الأدوات قد يتحول نفعها إلى ضرر وتكون بمثابة وحش يعيش بيننا يترصد الوقت المناسب ليخطف أرواحنا دون أن نشعر به، لما تسببه تلك الأدوات من مشاكل صحيّة وبيئية وتودي بحياة الكثير من الناس.. وقد رصدت حوادث عديدة خلال السنوات الماضية جراء الاختناق بعوادم المولد الكهربائي "الماطور" تعرض له أفراد وأسر بأكملها.

المخاطر الصحية التي يسببها غاز أول أكسيد الكربون المنبعث من المولد الكهربائي مرتبطة بقلة الوعي والمعرفة بتلك المخاطر، ومن تلك المشاكل الصحية التي تسببها الانبعاثات السامة لتلك المولدات ما يصيب جلد الإنسان وجهازه العصبي والتنفسي، خاصة لدى الأطفال التي تؤثر عليهم سلباً في مراحل النمو الجسماني والذهني، ناهيك عن كبار السن خاصة إذا كانوا يعانون من أمراض مزمنة كالسكر والضغط والقلب وأمراض القفص الصدري، كما أن انبعاث غاز أول أكسيد الكربون في الأماكن المغلقة والذي يعمل على أخذ الأكسجين من الدم يؤدي إلى الاختناق المؤدي إلى الوفاة.

فلا يمكن صرف النظر أو التغاضي عن مخاطر المولدات الكهربائية في ظل انخفاض مستوى الوعي والمراقبة عند كثير من المواطنين فكثير ممن يقومون بتشغيل المولد الكهربائي أطفال أو أشخاص يجهلون الطريقة والخطوات الصحيحة لتشغيل المولد التي تضمن سلامة الجميع منها مكان المولد وأماكن تواجد الناس واتجاه حركة الهواء لضمان عدم استنشاق نواتج الاحتراق.

لذا فمن الأهمية بمكان أن توضع الحلول والمعالجات والمبادرات الكافية والكفيلة بتوعية المجتمع بآثار كل ما له علاقة بصحة وسلامة الإنسان وبيئته، ولا شك انه من ضمن مهام واختصاصات وزارة المياه والبيئة وفروعها بالمحافظات تبني وتفعيل التشريعات ذات الصلة بتنفيذ برامج التوعية البيئية، وتشجيع مشاركة المجتمعات المحلية والجمعيات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، واستصدار قوانين وقرارات تهدف إلى اتخاذ الإجراءات والوسائل الكفيلة بمكافحة التلوث بأشكاله المختلفة، والعمل على تجنب أية أضرار أو آثار سلبية مباشرة أو غير مباشرة آجلة أو عاجلة منها على سبيل المثال عوادم المولدات الكهربائية.

كما يجب على أئمة المساجد وخطبائها والمرشدين القيام بدورهم المناط بهم بالتوعية المجتمعية في هذا الجانب، فالكثير من الناس يجهل المخاطر والأضرار على الصحة والبيئة الناجمة من استخدام المولدات الكهربائية.
وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي هي الأخرى عليها أن تساهم في التوعية بمخاطر عوادم المولدات الكهربائية، فالتوعية الإعلامية موجبة لنشر الوعي لدى الجمهور في كل القضايا التي تمس حياتهم وخاصة فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع الوسائل التي تتفاعل مع البيئة والمحيط والكائن الحي.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى