فنان تشكيلي ينال ألقابا وجوائز فخرية دولية ويفتقد لـ "كلمة مبروك

> التقته/ فردوس العلم

>
​في تجسيد حي لمقولة "المعاناة تصنع الإبداع" تظهر ملكة الفنان التشكيلي د. علي سالم عبيد المتميزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فمتابعته لشغفه منذ الصغر أسهم في صقل موهبته مبكرا؛ لتتفجر لاحقا عطاء إبداعيا، استحق عليه تكريما وتشريفا عربيا ودوليا، ونكرانا وتجاهلا محليا، أثر على روحه الفنية، التي ما زلت تنتظر التفاتة لمسيرته وإنجازاته، وتقديرا لصنيعه الذي طالما رفع به اسم بلاده عاليا. "الأيام" التقت بالفنان د. علي سالم عبيد، وغاصت في خبايا روحه الموهوبة، وأعدت التالي:

دوت صرخة عبيد الأولى وأبصر النور في 28 سبتمبر 1978م في مديرية التواهي بالعاصمة عدن، تربى وترعرع أخا لثلاث بنات وولد، احتل المرتبة الرابعة بينهم، فثابر منذ صغره ليكون الأول على  أقرانه وزملائه في الفن التشكيلي، حيث ظهرت موهبته عندما بلغ السابعة من العمر.

وكأي أسرة ترى مستقبل بنيها داخل أسوار المؤسسات التعليمية، لم تتقبل أسرة عبيد موهبته التي ارتأت أنها ستعيقه وتشغله عن تحصيله العلمي، فعملت بكل الطرق المتاحة لتردعه عن التعلق بالفن وممارسة الهواية، إلا أن إصراره وتعلقه بما يصفه بالموهبة، وليس الهواية دفع أسرته لتغيير رأيها، بل وتسانده وتدعمه لنمو موهبته وتحقيق طموحه الفني.

الفنان علي عبيد
الفنان علي عبيد
ويقول عبيد عن بداياته: "كانت بداية موهبتي منذ الصغر عندما كنت في السابعة، وبدعم ومساعدة أسرتي استمريت في تنمية الموهبة وممارستها حتى صرت فنانا. في عام 1992م دخلت معهد جميل غانم للفنون الجميلة بعدن، وعملت على تطوير موهبتي من خلال الممارسة، كما درست دورة في الإخراج والإنتاج السينمائي في المركز الإعلامي لتدريب وتأهيل الإعلاميين التابع لمكتب وزارة الإعلام، ثم حصلت على بكالوريوس الفنون التطبيقية من جامعة عدن".

وأضاف: "أسرتي، بصراحة، كانت في البداية غير متقبلة لفكرة أن أكون فنانا تشكيليا، ولكن بعدما رأوا تعلقي بهذا المجال دعموني من خلال توفير أجواء الرسم والإبداع لي، وتسهيل كل متطلبات الرسم من أدوات ووقت ومال. شجعوني بكل ما عندهم، الوالد والوالدة رحمهم الله، لم يكونوا مقصرين معي، وكانوا يفرحون ويتابعوا كل أعمالي وأخباري، وكل جديد لي بفرحة وفخر".

ولدى عبيد عدد من الجوائز والألقاب والشهادات، منها لقب فنان العرب 2019م، درع التميز في الإبداع 2020م، ويعد أول فنان عربي ويمني يحصل على درع الفنان المصري حسين بيكار الدولية، وأول فنان حصل على وسام الإبداع على المستوى العربي، كما تم اختياره أفضل شخصية ذهبية لعام 2020م.

وإلى جانب نيله جائزة أوسكار الدولية في الإبداع، حصل عبيد على عضوية جمعية نجم العربية الدولية للإبداع، ومنتدى الفنون الجميلة في كلس تركيا، وواحة حلب الشهباء للفنون والآداب، ومنتدى نجوم الخط العربي، وملتقى الفنانين العرب الدولي، واتحاد القيصر للآداب والفنون، وأكاديمية مصر للتدريب والتنمية، وأتيليه فناني العالم، وملتقى مبدعي الفن التشكيلي، ومؤسسة المملكة للثقافات والفنون، إضافة إلى كونه عضوا في المنظمة المصرية الدولية لسفراء السلام والعلوم الإنسانية، ومنتدى المرأة الدولي للثقافة والفنون، والمؤسسة الدولية للدفاع عن حقوق الطفل والمرأة، ومجلة ريشة ومداد، والمنتدى العالمي لسفراء السلام، ومجموعة عكبرة للثقافة والفنون العالمية، وأكاديمية السلام في ألمانيا، ومنتدى أناملي ترسم مستقبلي الدولية، وملتقى الفن العربي، ومؤسسة سومر وما بين النهرين، وأكاديمية الإبداع للعلوم والثقافة والفنون، وفي منتدى ندى للفنون التشكيلية.
وأوضح عبيد أن علاقاته بشخصيات يمنية معروفة خارج الوطن تقدر الفن، مكنته من الحصول على ذاك الكم الكبير من الجوائز والألقاب، "على سبيل المثال الشاعرة الجميلة غالية دكتورة في جامعة الملك قابوس ود.أمينة الراشد، التي من خلالهما تعرفت على مؤسسات عربية ودولية تجري مسابقات تنافسية ما كنت لأعلم عنها شيئا".


وتابع: "أعمالي القوية كانت كجواز سفر أثبت وجودنا ومنافستنا وسط نخبة من فناني العرب، ومنها انطلقت للمنافسة على مراكز أولى مشرفة ترفع اسم بلدي عاليا، وعدن على وجه الخصوص، ليعرف المشاركون بأن هناك فن وإبداع في عدن".

وعن حصوله على شهادة الدكتوراه قال: "نعم حصلت على دكتوراه فخرية من مؤسسة عربية دولية في فلسطين وذلك لتصدري قائمة الفنانين العرب على مستوى العالم".
ويؤكد أن حضوره ومشاركاته الدولية لا تعد تمثيلا شخصيا بقدر ما هي تمثيل للوطن ولمدينة عدن التي يشير إلى أنها افتقدت مشاركات الفن التشكيلي خلال الثلاثين سنة الماضية.

ويرى عبيد أن المشاركات التي يقوم بها الفنانون خارج الوطن تعيد لعدن عافيتها وترفع اسمها عاليا، مع التأكيد أنها لا زالت بخير، مهما قست عليها الظروف، ورغم الحروب تظل ولاّدة لمبدعين وفنانين على مستوى عال.
ويأسف الفنان التشكيلي للتجاهل الذي تمارسه السلطات المحلية والدولة عمومًا تجاه الفن وأهله، مما يضطر كثيرا منهم إلى التخلي عن موهبته، "عندما ألتقي بالفنانين الذين سبقوني وأسألهم عن سبب تركهم للفن يؤكدون أنها الأوضاع القاسية، ولأن الفن ما يأكل عيش".

"لا يوجد هنا من يقدر قيمة الأعمال الفنية والإبداعية، لا أحد يعرف قيمة الفنان التشكيلي في عدن"، بهذه الكلمات يحمل عبيد مكتب الثقافة بالذات مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الفنانين نتيجة غيابهم عن المشهد وتخليهم عن مهامهم.

ويتابع: "ثقافة عدن لم يقدم نشاطا فنيا وإبداعيا، حتى المعارض لا نعرف أهو تعمد من قبل القائمين عليها من المكتب أم أنه لا توجد لديهم مسؤولية وطنية. افتقدنا المعارض التشكيلية والأنشطة الفنية التي كان يقيمها مكتب الثقافة بشكل دائم في المحافظة، وكل المعارض المقامة مؤخرا تنظمها مؤسسات ومنظمات مجتمعية، أو يرعاها تجار في غياب جلي لدور مكتب الثقافة الذي بسببه كم من فنان ترك الفن وراح يبحث عن لقمة عيشه ومصدر دخل".

ورغم كل هذا الإبداع والتميز والتكريم الخارجي، لم يحصل الفنان عبيد على أي تكريم محلي. يقولها بغصة: "للأسف، إلى الآن لم أحصل على  تكريم واهتمام من الجهات المختصة، سواء مكتب الثقافة أم مكتب المحافظة بعدن، حتى كلمة مبروك، رغم أني ابن عدن، ورافع رأسهم في المشاركات والمسابقات العربية ودولية، وأحصل على تكريم واهتمام من دول عربية ومن مسئولين عرب، لكن مكتب الثقافة بعدن للأسف لاحس ولا خبر، هم يعرفون أني أشارك وأنافس بقوة، لكن لا نعرف ما الأسباب، أهم غير مهتمين بالفن التشكيلي ولا يريدوننا أن نشارك أم أنهم لا يعرفون دور مكتبهم الثقافي ومهامهم تجاه الفنانين المبدعين؟".

وتمنى عبيد من الجهات المختصة الاهتمام بالفنانين في عدن وتقديم يد العون لهم، وأن يكونوا على قد المسؤولية التي أوكلت إليهم، وأن يعملوا على تسهيل متطلبات الفنان وتوفير أبسط حقوقه التي تتمثل بإقامة المعارض بصورة مستمرة، وفتح قنوات التواصل بينهم وبين الفنانين؛ لرفع مستوى الإنتاج الفني في عدن.

وقال: "في العام الجديد 2021 والحكومة الجديدة آمل في أن تتحسن أوضاع الفنانين، وأن يحصلوا على كافة الدعم والاهتمام اللائق بهم"، مقدما نصيحة للفنانين أن لا يدعوا الظروف تقف في طريق تحقيق أحلامهم، وألا يذعنوا للأوضاع السيئة من حولهم؛ ليرتقوا في سلم الإبداع عالميا، تاركين العراقيل والصعوبات خلفهم، "امش في طريقك الفني، لا تلتفت للخلف، ولا تقف، وإن لم تجد كلمة مبروك".

الفنان التشكيلي د. علي سالم عبيد واحد من كثر أبدعوا، وسعوا لإظهار مواهبهم، وكبتهم المجتمع أو حشرتهم الدولة في زاوية الإهمال، وإن أقل ما يقدم للمبدع تكريم بالصورة التي يستحقها من داخل مدينته ومن أبناء وطنه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى