مصالح الصين النفطية والاقتصادية مع الخليج تتجاوز اليمن العالق في الحرب

> «الأيام» غرفة الأخبار

> نشر مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث مستقل، تقريراً بعنوان مصالح الصين النفطية والاقتصادية مع الخليج تتجاوز اليمن العالق في الحرب، موضحا فيه طبيعة العلاقات بين اليمن والصين منذ القدم، ثم علاقة الصين بالجنوب.

وقال التقرير الصادر في 27 من الشهر الجاري، إنه بعد استقلال اليمن الجنوبي عن الاحتلال البريطاني في نوفمبر 1967، كانت بكين مهتمة بإقامة علاقات ودية مع الحكومة الاشتراكية الجديدة في عدن، حيث تبادلت السفراء معها في يناير 1968، وسرعان ما وقّعت الحكومتان اتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني؛ منحت الصين بموجبه قرضًا بقيمة 9.6 مليون دولار، وعام 1970 منحت قرضاً آخر بدون فوائد بقيمة 43.2 مليون دولار مع فترة سداد تصل إلى 20 عامًا؛ وساعدت الاتفاقيات اللاحقة في بناء الطريق الرابط بين عدن والمكلا وجسر زنجبار أبين ومصنع النسيج في عدن.

كما ساعدت علاقات الصين بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على تعزيز مصالحها الأيديولوجية في دعم الحركات اليسارية الإقليمية، وحين تعمّقت الانقسامات بين الأيديولوجيات الشيوعية السوفيتية والصينية في الستينيات، تحوّل التعاون بين روسيا والصين في اليمن إلى تنافس.

كما أشار المركز في بند بعنوان "مصالح الصين النفطية والاقتصادية مع الخليج تتجاوز اليمن العالق في الحرب" إلى طبيعة علاقة اليمن بالصين في الوقت الحاضر، موضحا أن الصين رتبت مشاريعها في منطقة الخليج لتنفيذ مبادرة الحزام والطريق، وكان اليمن غارقًا في حرب أهلية جفّفت منابع الاستثمار الأجنبي ودمرت اقتصاده، فبعد استيلاء جماعة الحوثيين المسلحة، تصاعّدت الحرب بصورة دراماتيكية مع تدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات في محاولة لإعادة الحكومة اليمنية إلى صنعاء. وفي مارس 2015، بعد أن شن التحالف أولى ضرباته الجوية على الحوثيين، كان هدف بكين الأساسي حماية المواطنين الصينيين في اليمن، الذين يعمل معظمهم في قطاعات النفط والغاز والبناء، وأغلقت بكين سفارتها في صنعاء، وأرسلت سفينة تابعة للبحرية الصينية إلى مرفأ عدن لإجلاء نحو 600 مواطن صيني و225 أجنبيًّا إلى جيبوتي.

تم تعليق المشاريع الصينية الجارية المتعلقة بالنفط والبنية التحتية، ولم تُنفذ المشاريع التي اتُفق عليها خلال زيارة الرئيس هادي إلى بكين عام 2013 جراء تدهور الوضع الداخلي. من أبرز هذه المشاريع، مشروع بناء محطتين تولدان 5 آلاف ميغا واط من الطاقة الكهربائية، وآخر لتوسيع مناطق تخزين الحاويات في مرفأي عدن والمخا بقيمة 508 مليون دولار وبتمويل من الحكومة الصينية على شكل قرض مُيسّر.

قبل اندلاع الحرب، شاركت الصين في مجموعة من المشاريع، شملت إرسال فرق طبية وتشييد طرق وجسور، وفقًا لممثل السفارة الصينية لدى اليمن، التي تعمل من الرياض.

وقال المسؤول الصيني: "بسبب الحرب، توقفت هذه المعونات، وبكل أمانة، المعونة التي تقدمها الصين حاليًّا إلى اليمن ضئيلة، وتركّز على المساعدات الإنسانية الطارئة".

قال السفير الصيني لدى اليمن كانغ يونغ في مقابلة مع موقع "المصدر أونلاين" في مارس 2020: "كل الاتفاقيات بين الصين واليمن التي وُقعت قبل الحرب ما زالت مستمرة وموجودة، وستُنفذها الصين بعد انتهاء الحرب اليمنية وإعادة السلام والاستقرار". وأضاف أن عشرات من المهندسين الصينيين كانوا يعملون في محطة توليد الكهرباء في مصفاة عدن خلال عامي 2018 و2019، لكنهم غادروا بسبب الاشتباكات التي اندلعت في المدينة منتصف أغسطس عام 2019.

ينحصر الوجود الصيني في اليمن اليوم عبر المعونات الغذائية والطبية على الأرض والطائرات المُسيّرة في الجو، وفي حين أن إيران كانت قد اشترت أسلحة من الصين، إلا أن مبيعات الأسلحة الصينية إلى دول الخليج العربية نادرة؛ فالدول الغربية تلبّي حاجاتها التسليحية إلى حد كبير، بيد أن السعودية والإمارات طلبتا طائرات مقاتلة مسيّرة صينية وأنظمة صواريخ باليستية في السنوات الأخيرة، خاصة بعد محاولة عدة عواصم غربية منع بيع الأسلحة إلى السعودية والإمارات عقب مقتل خاشقجي.

استخدمت قوات التحالف بعض أنظمة الصواريخ الصينية في اليمن، وفي أبريل 2018، سيّر التحالف العربي طائرة مقاتلة من طراز وينغ لونغ 2، وأطلقت صاروخ جو- أرض مضاد للدبابات من نوع بلو آرو، وكلاهما من صنع الصين، ما أسفر عن مقتل صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثيين، وهو أبرز قيادي حوثي قُتل في الحرب حتى الآن.

أعربت الصين في عدة مناسبات عن قلقها إزاء حالة عدم الاستقرار التي تسببها الحرب في اليمن، لا سيما داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكن دبلوماسية بكين كانت متحفظة بشكل عام تماشيًّا مع توجهها بعدم التدخل، وبالتوازن بشكل مدروس لتجنب نفور حليفتها القديمة، إيران، أو شركائها الجدد في مجلس التعاون الخليجي. حتى في ديسمبر 2016، حين استقبلت وزارة الخارجية الصينية وفدًا من الحوثيين بعد أيام من إعلان الجماعة تشكيل "حكومة الإنقاذ الوطني"، أخمدت الصين التوقعات القائلة إنها تشجع هذه الخطوة، أو تفضل حليف إيران في الحرب، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن حكومة الحوثيين "لا نؤيد التحركات أحادية الجانب… ونعتقد أنها لا تفيد الحل السياسي للقضية اليمنية".

حتى الآن، لم يؤثّر انعدام الأمن الناجم عن الحرب في اليمن بشدة على المصالح الاقتصادية الاستراتيجية للصين بشكل يدفع بكين للسعي إلى لعب دور وساطة بارز؛ بيد أن الصينيين أعربوا عن قلقهم من التهديدات المتعلقة بالحرب التي تضر بمصالحهم المباشرة مع السعودية.

إن استعداد بكين للاجتماع بجميع أطراف الصراع المحلية والإقليمية يسمح لها بتقديم مساهمات موجزة ومحدودة لجهود الآخرين، مثل دعم مبادرات الأمم المتحدة كاتفاقية ستوكهولم أو المبادرات السعودية، كاتفاق الرياض، أو المحادثات الدائرة عبر القنوات الخلفية مع الحوثيين، ومن غير المحتمل أن تحاول بكين إنفاق قدر كبير من رأس مالها الدبلوماسي كما فعلت في المساعدة على التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015.

يبدو أن بكين تكتفي بالتعبير عن دعمها للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وأنها ستعمل على الأرجح على تأمين موارد وإمدادات الطاقة، وحماية مصالحها الاقتصادية الخارجية، والدعوة إلى عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى لتقليل المخاطر الأمنية التي قد تؤثر على مبادرة الحزام والطريق. لغاية الآن، أما في مرحلة ما بعد الحرب في اليمن، قد تكون مبادرة الحزام والطريق محفّزًا لزيادة التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي كما هو الحال مع دول الخليج الأخرى. يبقى موقع اليمن الجغرافي استراتيجياً لوقوعه قرب مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات الشحن الدولية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى