تمر وحجارة

> محمد باسنبل

> كان قد مضى على ذهابي الى السوق نحو الساعتين تقريبا.

في الحقيقة كان همي أن لا أعود للبيت ويدي خالية، ذلك أن زوجتي سليطة اللسان، لا تتوانى في تقريعي ما بقي من يومي وليلتي كلها، لذا أحاول أن أجد عملا بقدر ما أستطيع. ولذا تراني جالسا القرفصاء في الظلال وبيدي القفة والمجرفة، أنتظر أن يأتي أحد المقاولين، ولكن في الغالب لا يأتي أحد.

لا أفعل شيئا سوى الترقب، ومعي عمال الأجرة اليومية والحمالون.

تظل وجوهنا كالحة و أيادينا ناشفة، ومحروقة.

أعود أدراجي، وما أن أقترب من بيتي حتى ينفطر قلبي، أحسسته يحتضر، صوتها يعلق في دماغي ويطرق كالمطرقة فيه.

جاري قفزت خطاه الدرج درجتين درجتين، منحني التفاتة سريعة، وتملص من محاولتي استيقافه:

- أسرع يا عبد الله فسوف يكملون توزيع المعونة.

زفير حاد ينزف من صدري: "ما حاجتي للتمر وأنا دون فراش ودون غطاء ووسادة، ومنزلي عريان جهة السقف".

لن أذهب ولتذهب أنت وتمر الحثالة للمحيط.

أين انت يا عبد الناصر؟ أين سالمين؟ أين (القصعة اللبن بدينار)؟ نعم، لن أذهب.

- أسرع يا عبد الله.

فأسرع ورأه مهرولًا، ولاهثا.

أعود وبيدي تمر مملح، تمر المعونة، تمر وتراب. ألج إلى بيتي.

سمعت صوتا افزعني، صوت يأتي من أعماق بئر عميقة ... صوت تقريعها المعتاد.

ما أحلى تلك الابتسامة التي تصدر من فم صغيرتي المليء بالحجارة.

نعم، تمر المعونة، تمر وتراب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى