السودان يعزز مراقبة العملات الأجنبية وأسعار الصرف في ظل أزمة اقتصادية

> الخرطوم "الأيام" أ.ف.ب:

> ​أعلن البنك المركزي السوداني الأحد توحيد أسعار صرف العملات الاجنبية مقابل الجنيه السوداني في إطار اجراءات تتماشى مع برنامج صندوق النقد الدولي ويُخشى أن تعمق الاستياء الشعبي في ظل أزمة اقتصادية مستفحلة.
ويهدف الإجراء إلى القضاء على السوق السوداء التي بلغ فيها سعر الدولار الأميركي 400 جنيه، في حين أن السعر الرسمي هو 55 جنيهًا.

ويتوقع محللون أن يُخفض سعر الصرف الرسمي بشكل كبير نحو مستويات السوق السوداء، وأن تؤدي خطوة بنك السودان بتعويم العملة المحلية الى زيادة أسعار السلع في حين يعاني السكان من التضخم الذي تجاوز 300% في يناير الماضي.
وقال المصرف في بيان إنه "لمعالجة هذه الاختلالات استقر رأي حكومة الفترة الانتقالية على تبني حزمة من السياسات والإجراءات تستهدف إصلاح نظام سعر الصرف و توحيده".

وأضاف أن الاجراء يسمح له بتحديد سعر الصرف حسب العرض والطلب.

وقال البنك المركزي إنه قرر أيضا "تحويل الموارد من السوق الموازي إلى السوق الرسمي واستقطاب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج عبر القنوات الرسمية"، مؤكدا أنه يريد "الحد من تهريب السلع والعملات وسد الثغرات لمنع استفادة المضاربين من وجود فجوة ما بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي".

وقال محمد الفاتح زين العابدين محافظ البنك المركزي للصحافيين الأحد "من شروط المانحين لتمويل مشروع دعم الأسر الفقيرة توحيد سعر الصرف. ومنذ الغد ستبدأ أموال المانحين تنزل في حساب وزارة المالية".
واعتمدت الحكومة برنامجا لتقديم دعم شهري إلى 80% من سكان البلاد البالغ عددهم حوالي 42 مليون نسمة للتكيف مع إصلاحاتها الاقتصادية. ويتم تمويل هذا البرنامج عبر عدد من المانحين منهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.

وأكد جبريل ابراهيم وزير المالية "وصلتنا أموال وهناك أموال في الطريق لكن لن أكشف عن قيمتها أو الجهات التي اتت منها... سيتم دعم كل فرد بمبلغ 5 دولارات شهريا".
وقال ابراهيم إن "لا احد يستطيع تحديد سقف زمني لجني ثمار هذه القرارات. اتخذنا تدابير في حالة ارتفاع الاسعار بمواجهة هذا الامر والبنك المركزي لديه القدرة على التدخل، إضافة الى برنامج دعم الأسر".

واشار البنك في بيانه إلى أنه فرض قيودا على حركة العملات الأجنبية عبر السماح للمسافرين الى خارج البلاد بحمل مبلغ ألف دولار فقط.

ويأمل البنك المركزي بذلك "تحفيز المنتجين والمصدرين والقطاع الخاص... واستقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي وتطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية والدول الصديقة بما يضمن استقطاب تدفقات المنح والقروض من هذه الجهات والمساعدة فى العمل علي إعفاء ديون السودان الخارجية بالاستفادة من مبادرة (تجاه) الدول الفقيرة المثقلة بالديون".

كما قررت الحكومة الحد من استيراد الكماليات. وقال علي جدو وزير التجارة للصحافيين الاحد "سوف نزيد ضرائب الجمارك على السلع الكمالية للحد من الاستيراد دون الاخلال بالاتفاقيات الدولية".
جاءت هذه القرارات إثر تشكيل حكومة جديدة مطلع فبراير وضعت على رأس اولوياتها معالجة الأزمة الاقتصادية.

نظام مصرفي مزدوج
وشهدت أجزاء متفرقة من البلاد احتجاجات على الغلاء ونقص الخبز والأدوية في الأسابيع الأخيرة عقب اعلان الحكومة زيادة أسعار المواد الغذائية. لكن الحكومة اتهمت مناصري الرئيس عمر البشير الذي أطاحه الجيش بالوقوف وراءها.
فقد عانى اقتصاد السودان جراء عقود من العقوبات الأميركية في ظل حكم البشير والعديد من النزاعات ومن انفصال جنوب السودان في 2011.

في يناير، قال صندوق النقد الدولي إنه "يعمل بشكل مكثف مع السودان لوضع الشروط المسبقة لتخفيف الديون".
وخلال الاشهر الماضية شطبت الولايات المتحدة السودان من لائحة للدول المتهمة برعاية الإرهاب. وأملت الحكومة أن تساعدها هذه الخطوة على استقطاب استثمارات أجنبية ومعالجة ديونها الخارجية البالغة 60 مليار دولار.

وقال محافظ البنك المركزي إن السودان سيعتمد نظاما مصرفيا مزدوجا من خلال استمرار النظام الاسلامي الذي تعمل به البنوك وشركات التأمين منذ عام 1984 مع إعطاء البنوك الحرية في أن تعمل بنظام غير إسلامي.
وقال زين العابدين إن "النظام المصرفي المزدوج... سيفتح الباب امام البنوك الاجنبية لتعمل في السودان".

في عام 1983 أعلن الرئيس السوداني الاسبق جعفر نميري تطبيق قوانين الشريعة الاسلامية التي استمرت في ظل عمر البشير. ووفق النظام الاسلامي لا تقدم البنوك أرباحا للمودعين.
ويأتي التحول في سياسة البنك المركزي وسط مخاوف من اقتراب مستوى ما يملكه السودان من العملات الأجنبية من النضوب، من دون أن تكشف الحكومة عما لديها.

وقال خبير الاقتصاد السوداني محمد الناير لوكالة فرانس برس إن النقص الاخير في الخبز والوقود يشير الى احتمال "نقص شديد" في الاحتياطيات الأجنبية.
وأضاف أنه إذا كان للبنك المركزي أن ينجح في سحب المعاملات من السوق السوداء، فيجب أن تبلغ الاحتياطيات حوالي 5 مليارات دولار.

سقط نظام البشير قبل نحو عامين بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه الاستبدادي فجرتها ضائقة مالية أدت إلى زيادة أسعار الخبز بثلاثة أضعاف.
وفي أكتوبر، وقع السودان اتفاق سلام مع الجماعات المتمردة يأمل المراقبون في أن ينهي نزاعات طويلة الأمد في مناطق مختلفة بعيدة عن العاصمة.
وفي الشهر الماضي، وافقت الحكومة على ميزانية هذا العام وهي تهدف إلى خفض التضخم إلى 95 بالمئة بنهاية العام الحالي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى