سباق أمريكي روسي للسيطرة على البحر الأحمر

> عمار عوض

> تتكشف أكثر فأكثر، ملامح السباق الأمريكي ـ الروسي على الساحل السوداني للحصول على نفوذ على البحر الأحمر، حيث وصلت إلى ميناء بورتسودان، سفينة استطلاع روسية، في وقت زار فيه القائم بالأعمال الأمريكي، براين شوكان، الميناء نفسه للقاء طاقم سفينة حربية أمريكية، وصلت منذ يومين.
مصدر عسكري في بورتسودان قال: «ستدخل اليوم (أمس) سفينة استطلاع روسية إلى الميناء، مع العلم أنها كان يفترض أن تدخل غدا (اليوم) لكن بطلب منهم تم السماح لها بالدخول اليوم (أمس) حيث يتوقع أن تدخل سفن أمريكية في اليومين المقبلين».

وتابع: «هذه الزيارة للبحرية الروسية مجدولة منذ وقت سابق، ونتيجة للتفاهمات التي تمت مع روسيا الاتحادية في وقت سابق، ويبدو أنهم مع وصول عدد من السفن الأمريكية لموانئ السودان، سارعوا بالحضور لتثبيت ما تم الاتفاق عليه في السابق».
وزاد: «هناك جديد بخصوص المركز اللوجستي الذي طالبت به روسيا في السابق، لأن دخوله حيز النفاذ يحتاج إلى مصادقة من البرلمان أو الجهة التشريعية المنوط بها ذلك في الوقت الراهن».

وأضاف: «نعم يبدو أن هناك سباقا روسيا أمريكيا للتعامل مع السودان، بعد الثورة والتغييرات الأخيرة. لكن من الأفضل للسودان أن يستعرض ما يمكن أن يحققه من البلدين للمواطن السوداني من فوائد اقتصادية وسياسية لأن شعار المرحلة الحالية هو مصلحة السودان أولا، بعكس القيادة السابقة (الرئيس السابق عمر البشير) التي كانت تبحث في تحركاتها الخارجية، المصالح الشخصية والسياسية دون التركيز على ما يمكن تحقيقه للمواطن السوداني».

ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية، أمس الأول، عن مصدر قوله إنه «في إطار التعاون العسكري السوداني الروسي، تقوم الفرقاطة الروسية الأدميرال جريجوروفيتش، التابعة لأسطول البحر الأسود، بزيارة ميناء بورتسودان».
وأضاف أن الفرقاطة «ستمكث في ميناء بورتسودان من يوم 28 فبراير حتى الرابع من مارس المقبل».

أطباء روس
في غضون ذلك، وزع المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات، إعلانا عن وصول وفد روسي لجراحات العظام والمفاصل والعمود الفقري، ودعا المواطنين الذين يعانون من أمراض العظام لمقابلة الأطباء الروس في مدينة بورتسودان اعتبارا من السبت 27 فبراير.

وسبق ذلك وصول القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة في الخرطوم براين شوكان إلى مدينة بورتسودان على البحر الأحمر السبت الماضي، للقاء مسؤولين حكوميين وشخصيات من المجتمع المدني وقادة المجتمع، والترحيب بسفينة البحرية الأمريكية «يو إس إس ونستون تشرشل» حسب صفحة السفارة الأمريكية في السودان، على «فيسبوك».

ونشرت الصفحة «هذه ثاني سفينة تتوقف في السودان هذا الأسبوع»، وتابعت: «تسلط هذه الزيارات الضوء على دعم الولايات المتحدة للانتقال الديمقراطي في السودان، واستعداد الولايات المتحدة لتعزيز الشراكة مع السودان».

كما نشر شوكان على حسابه في «تويتر» أمس، مجموعة من الصور مع قيادات مجتمعية في شرق السودان، وكتب «التقيت ظهر اليوم (أمس) في بورتسودان مع ممثلي المجتمع المدني حيث ناقشنا كيفية دعم الولايات المتحدة للتربية المدنية والتعايش السلمي وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وتمكين المرأة».

وكان ميناء بورتسودان، استقبل الأربعاء الماضي سفينة النقل السريع التابعة لقيادة النقل البحري العسكري «يو أس أن أس كارسون سيتي».
وقال قائد القوات البحرية الأمريكية وقيادة النقل البحري في أوروبا وأفريقيا وقائد فرقة العمل 63، النقيب فرانك أوكاتا: «يشرفنا العمل مع شركائنا السودانيين في تعزيز الأمن البحري، وترغب القوات المسلحة الأمريكية في تعزيز شراكتها المتجددة مع القوات المسلحة السودانية».

ويأتي وصول السفن الأمريكية للسودان، في أعقاب الزيارة التي قام بها نائب قائد الاشتباك المدني العسكري بالقيادة الأمريكية في أفريقيا، السفير، أندرو يونج، ومدير المخابرات، الأدميرال هايدي بيرج، إلى الخرطوم في يناير من هذا العام، لتوسيع المشاركة التعاونية. ونقلت صحيفة سودانية محلية، عن السفير السابق، الصادق المقلي، قوله إن «هذا التعاون مشار له في البند (11 ) و(12) في القانون الأمريكي الخاص بالسودان المعروف بقانون دعم التحول الديمقراطي والمحاسبة والشفافية المالية، حيث نص القانون على مساعدة السودان على بناء قدراته العسكرية كما تحدث عن تبادل زيارات لوفود عسكرية بين البلدين، وبالتالي، الزيارة تأتي في إطار هذا القانون».

تنافس محموم
وبين أن «وصول السفينة الحربية الأمريكية لميناء بورتسودان يشير إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تجد لها موطأ قدم في البحر الأحمر في ظل تنافس محموم معلوم بينها وبين روسيا، وقد سبق وأن أعلنت الحكومة الروسية مؤخرا عن وجود مشروع اتفاق بينها وبين السودان لإنشاء مركز لوجستي لأسطول روسي على ساحل البحر الأحمر».

وتابع أن «وصول السفينة الحربية الأمريكية لميناء بورتسودان نقطة انطلاق تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تمضي قدما في تعزيز التعاون العسكري مع السودان في ظل أهمية أمن البحر الأحمر والمعابر المائية في المنطقة وقناة السويس».

في الموازاة، بين الخبير العسكري اللواء السابق أمين إسماعيل لـ «القدس العربي» أن «زيارات القطع البحرية الأمريكية تأتي في إطار التفاهمات التي تمت بين قيادة إفريكوم في زيارتهم الأخيرة لبورتسودان، ويبدو أن هناك تنسيقا لعمل ما في ساحل البحر الأحمر، لكن السفن الأمريكية تأتي في زيارات متعارف عليها عالميا، ومن الواضح أن كثرة حضورها يأتي ردا على المركز اللوجستي الذي أجازه البرلمان الروسي بتوصية من الرئيس فلاديمير بوتين وإلى الآن لم يتم الرد عليه من السلطة السودانية». وتابع «وصول سفينة استطلاع روسية هو أمر مخالف لعادة الزيارات حيث تأتي عادة سفن تدريب أو سفن لإعادة الملء والتزود بالمياه، أو الصيانة، أما أن تأتي سفينة استطلاع ففي تقديري هذا يقود إلى أن هناك نوعا من الشكوك الروسية في أن الأمريكان وصلوا لشاطئ البحر الأحمر، وربما يقيمون قواعد عسكرية بالتنسيق مع السلطات السودانية».

وزاد «لذلك هذه السفينة واضح إنها ستعمل على استطلاع المنطقة بما لديها من إمكانية للتصوير والتنصت على المحادثات لمسافات بعيدة وأراض شاسعة، والسودان رضي أم أبى، أصبح ساحة تنافس بين أمريكا وروسيا وستكون الصين أيضا في قلب هذا الصراع، لوجودها في الجزر الإريترية قرب بورتسودان حيث سينصب التنافس على الموارد السودانية وعلى النفوذ وتشكيل التحالفات السودانية المقبلة».

وأضاف «على الحكومة السودانية ممثلة في السلطة الانتقالية وتحديدا وزارة الدفاع، إن تحسم هذه الأمور بصورة واضحة، وتضع مصالح السودان نصب أعينها وسلامة الأراضي والسواحل، حتى لا يأتي التخطيط من الخارج ويتم وضع السودان أمام الأمر الواقع».

"القدس العربي"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى