انهيار العملة.. محنة قاسية يتجرع مرارتها اليمنيون

> تقرير/محمد السامعي

>
  • -الأوضاع المعيشية تدهورت بشكل مأساوي مع انهيار الريال
  • - نسبة التضخم بلغت 200 بالمئة منذ بدء تراجع العملة في 2015
  • - لا حلول حكومية لوقف انهيار سعر الريال أمام الدولار
اختصر المواطن اليمني أحمد عبد الرقيب (48 عامًا) ارتفاع الأسعار، جراء تدهور العملة المحلية بشكل غير مسبوق بالقول: "نعيش على بركة الله ورحمته، في ظل أوضاع بالغة الصعوبة لم نشهدها في حياتنا".
ويعمل عبد الرقيب طوال ساعات النهار، سائقًا لدراجة نارية يعيل عبرها أسرته المكونة من سبعة أفراد في مدينة تعز، الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية (جنوب غرب).

يقول: "الأوضاع المعيشية تدهورت بشكل مأساوي، والأسعار أصبحت جنونية ولا قدرة لدينا على مقاومتها".
ويحصّل سائق الدراجة متوسط 3000 آلاف ريال يمني (3.2 دولارات)، يوميًا، لقاء عمله على نقل الركاب من حي لآخر.. "هذا المبلغ الزهيد لا أستطيع فيه توفير الاحتياجات الأساسية لأسرتي.. نواصل الكفاح في سبيل العيش".

ويعد حال عبد الرقيب، نموذجا لملايين السكان في البلاد، الذين يشكون من تبعات كارثية لانهيار العملة، خصوصًا في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة.
خلال الأيام الماضية، وصل سعر الدولار حوالي 940 ريالًا يمنيًا، في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة، في تراجع تاريخي للعملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار.

ويأتي ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع كلفة الواردات، أو ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي، وتحويل أي فروقات في المواد المنتجة محليًا، أو المستوردة من الخارج، إلى المستهلك النهائي، ينتج عن ذلك قفزات في التضخم.
وتتزامن هذه الأزمات في المناطق الخاضعة للحكومة، مع استقرار نسبي في سعر العملة بالمناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين، حيث يتم صرف الدولار بـ 600 ريال منذ أكثر من عام.

وسبق أن أعلنت الحكومة أنها وجهت باتخاذ إجراءات للحد من تدهور العملة، لكن لم يحصل أي تغيير ملموس على الأرض.
قبل أسابيع، أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أن حكومته تتعرض لتحريض وتعطيل ممنهج، من قبل أطراف لم يسمها؛ لكن إعلامًا محليًا أشار إلى أن الرئيس يقصد بذلك المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على العاصمة المؤقتة عدن التي تعد مقرًا للحكومة.

احتجاجات مستمرة
التدهور الحاد في العملة، أدى إلى خروج مسيرات احتجاجية متكررة في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة، خصوصًا في تعز (جنوب غرب) وعدن (جنوب) وحضرموت (شرق).
وحمّل المتظاهرون الحكومة الشرعية، مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية والخدمة، محذرين من أن سعر الدولار سيتجاوز ألف ريال في حال عدم اتخاذ حلول عاجلة.

من جانبه، حرص المواطن رياض أسعد خلال الأسبوعين الماضيين في المشاركة في الاحتجاجات الداعية لحل أزمة انهيار العملة وتدهور الخدمات في تعز.
وقال أسعد للأناضول إن "انهيار الريال اليمني هو انهيار للاقتصاد المحلي.. هو انهيار لكل شيء.. اليوم سعر الدولار 950 ريالًا، فيما الريال السعودي 245 ريالًا يمنيًا.. الغلاء أصبح فاحشًا، انتهت الطبقة المتوسطة".
"سينتشر الجوع والفقر في بلادنا، وسينتهي كل شيء ما لم يكن هناك حلول عاجلة من قبل الجهات المعنية.. على الحكومة والرئيس والسلطات المحلية أن تتخذ حلولًا وإصلاحات لهذا الانهيار".

مشاكل متعددة
وأمام هذا التدهور الحاد في العملة، تحمّل السلطات المحلية في المحافظة الحكومة مسؤولية ذلك، وتشدد على ضرورة العمل على حلول عاجلة.
يقول أحمد المجاهد مدير مكتب وزارة التجارة والصناعة في تعز (أكبر المحافظات اليمنية سكانًا)، إن "المحافظة واليمن عمومًا تعيش في حالة حرب، وتعز بشكل خاص تعاني من الحصار، وانقطاع شريان الحياة إلا بشكل بسيط".

وأضاف: "هناك مشاكل كثيرة جدًا نواجهها من حيث عمليات النقل، ووصول المواد الأساسية إلى المدينة".
وتابع:" هناك أيضًا إلى جانب تدهور العملة تقطعات لإمدادات البضائع، لأسباب لوجستية أو مرتبطة بسوء البنية التحتية (سوء حالة الطرق الواصلة بين مراكز التخليص والأسواق الاستهلاكية).

وضع رديء
وأدت الحرب المستمرة في اليمن إلى جعل الملايين على حافة المجاعة، فيما قرابة 80 بالمئة من السكان باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق تقارير الأمم المتحدة.
وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في تقرير أصدره مؤخرًا، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 200 بالمئة منذ بدء الحرب في اليمن.

ويرى الباحث الاقتصادي اليمني محمد الحريبي أن "انهيار الريال يفاقم من رداءة الوضع الإنساني في بلد يحتاج فيه معظم السكان إلى المساعدات الطارئة".
وأضاف: "الانخفاض المستمر في سعر العملة له تأثيرات مباشرة على قدرة الناس على شراء المواد الأساسية، ومتطلباتهم في مواجهة أعباء الحياة".

وتابع:" يأتي انهيار العملة في ظل عدم وجود أي إجراءات في الحفاظ على استقرارها، وإيقاف انهيارها المستمر".
ويشهد اليمن حربًا منذ نحو سبع سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية، فمنذ مارس 2015، ينفذ تحالف عربي، بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن، دعمًا للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.

"الأناضول"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى