الإخوان.. وطريق الخروج

> محمود خليل

> لو كان الإخوان أهل دين لخرجوا من حلبة السياسة في العالم العربي، وتركوا القوى المدنية تتفاعل بأدواتها وتصوراتها السياسية مع الأنظمة السياسية في الشارع العربي.

منذ نشأتها كان للجماعة أهداف سياسية خفية تكمن وراء نشاط دعوي واجتماعي معلن. وقد ظلت عقودا طويلة تعمل في مربع المعارضة السياسية، وتسوّق نفسها بين الشعوب العربية كتنظيم قادر على تقديم بديل أكثر نجاحا من الأنظمة السياسية الحاكمة، وبعد ثورة 25 يناير، تحولت مواقعها هي وغيرها من التيارات المتأسلمة، وانتقلت من مربع المعارضة إلى مربع الحكم.

هنالك كان البلاء المبين للإخوان، فقد بدت الجماعة عاجزة عن القيام باستحقاقات الحكم، لا لشيء إلا لعدم امتلاك برنامج عمل واضح بمقدوره التعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي يعانى منها المواطن العربى. اكتشفت الشعوب أن جماعة الإخوان كانت تدغدغ مشاعر الشارع بمجموعة من الشعارات الدينية الفضفاضة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

الوعظ يصلح في مجال الدين، أما إصلاح أحوال الدنيا فيرتكز على الرؤى العملية والخطط الإجرائية التي تأخذ ظروف الواقع ومشكلاته في الاعتبار وتتعامل معها بشكل علمي عقلاني.
قد يسأل سائل: وهل تمكنت الأنظمة السياسية الحاكمة في العالم العربي من حل مشكلات الشعوب.. أم زادتها تعقيدا.. وهل تملك هذه الأنظمة الرؤى والبرامج والخطط والإجراءات التي تمكنها من التعامل مع مشكلات الشعوب في المناحي المختلفة؟

المسألة بالطبع نسبية، فهناك أنظمة نجحت في ذلك بتقدير مقبول، وربما ارتقى غيرها إلى تقدير جيد، لكن يبقى أنه في المجمل العام لم تستطع أغلب هذه الأنظمة تحقيق طموحات الشعوب العربية في الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة أو التعليم أو الصحة وغير ذلك، فهذه الأنظمة تتشارك في العجز بصورة أو بأخرى.

العجز عن النجاح في كل الحالات يشى بأمر واحد هو أن المجتمعات العربية لا تفرز أكفأ من فيها ليتصدر المشهد في كثير من الأحوال، أو بعبارة أخرى لا تعتمد على معادلة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والنتيجة تراجع الأداء إلى حد التردي، والعجز عن مواجهة المشكلات.
جماعة الإخوان تعد شريكا وداعما لمعادلة الرداءة تلك، فممارساتها -ضمن أسباب أخرى- تعد أحد الأسباب التي تدفع إلى اللجوء إلى أهل الثقة وتهميش أهل الكفاءة، وهى أيضا سبب -ضمن مجموعة أسباب أخرى- لتبرير الممارسات غير الديمقراطية التي تلجأ إليها بعض الأنظمة العربية.

عبر تاريخها منذ عام ،1928 ساهمت جماعة الإخوان في تحويل «الاستبداد إلى بطولة»، هذا ما فعلته قبل ثورة يوليو 1952 عندما تحالفوا مع السعديين، ثم انقلبوا عليهم، وهو أيضا ما فعلته بعد ذلك عدة مرات.
تغيير الواقع داخل العالم العربي ليس بالمسألة السهلة، وأحد الأمور التي يمكن أن تسهم فيه هو إخراج الدين من معادلة السياسة، احتراما للدين في المقام الأول، ولأجل إتاحة الفرصة لاختبار القوى المدنية.
السبيل الوحيد لخروج الشعوب العربية من محنتها يتمثل ببساطة في طرح معادلة «الرداءة» في عرض الشارع، وترك الحياة السياسية تتفاعل من أجل «إفراز الأكفأ».

"العربية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى