أيدي خفية

> صالح بحرق

> كان يعزو ما تقع له من مشكلات إلى قوى خفية تتحكم في حياته، وتفرض عليه اتخاذ خطوات معينة، بل إنه في الأيام الأخيرة لعزوفه، بات يسمع أصواتًا تتدخل في حياته، وكانت تملي عليه اتخاذ قرارات معينة، ولهذا بات يحذرها، ويتقوقع وسط أوهام تكبل حياته.

وأصبح شخصًا مضطربًا يسير بإرادة مخفية، ويؤمن بحقائق لا وجود لها، إلا في وعيه.

ها هو الآن يخطو إلى مرفق عمله وحيدا، وهو يسمع تلك الأصوات تناديه بالعودة، وترك الاختلاط، لاسيما وأنه يعتقد أن هناك من يعمل ضده، ويحد من حركته. وبصعوبة يدخل مرفق العمل ولا يتحدث مع أحد، حتى الموظفة الوحيدة لا يعيرها أي اهتمام، بالكاد يرد على تحيتها بشكل مقتضب، ولا يبتسم وعندما تقول له:

مالك يا ناصر ما تتكلم؟

أتكلم أقول أيش.

أي حاجة.. نجلس كذا ساكتين.

ما خلوا لي حاجة.. كل شيء شلوه.

من هم؟

كتير يا انتصار مش واحد.. عصابة.

الله يحمينا منهم

كان ناصر دائمًا ما يشعر أن هناك من يسرق أفكاره، ومن يمشي خلفه، وعندما فاتح طبيبه ذات يوم قال له:

أنت بخير يا ناصر

بخير؟ كيف يا دكتور أقولك أسمع أصواتًا حقيقية.. وأشعر أن أشخاصًا يعيشون وسط دماغي، ويوجهون كل تصرفاتي.. نفسي أتخلص منهم.

طيب.. التزم الهدوء، وكل مشكلة ولها حل.

وهكذا أخذ ناصر يقضي حياته متذبذبًا، يخاف من تلك الكائنات التي تسلبه أمنه.

وصارت المدينة شبحًا مخيفًا في ذهنه، تبعده عن تحقيق أحلامه، حتى فضّل العيش وحيدًا بدون أصدقاء، سوى تلك الموظفة في مرفق العمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى