فيسبوك تحارب المحتوى الفلسطيني

> فاضل المناصفة

> ​عاد التضييق مجددا على القضية الفلسطينية عبر أكبر منصة تواصل اجتماعي في العالم فيسبوك المملوكة لشركة “ميتا”، والتي تمارس ازدواجية فاضحة في ما تسميه معايير المجتمع، والذي يتم تطبيقه على حسب أهواء الشركة ومصالحها المرتبطة مع الكيانات أو الحكومات القوية في العالم.

مؤخرا ومع التصعيد الحاصل في الضفة الغربية، ازدادت شراسة التضييق والرقابة على المحتوى الفلسطيني من خلال تعديل الخوارزميات التي تتحكم في نسبة الوصول العضوي غير المدفوع، وتأثرت جميع الصفحات الإخبارية فلسطينية كانت أو أجنبية بعقوبات وإجراءات صارمة ضد المنشورات التي أظهرت بعض مشاهد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لباحات الأقصى ومدينة جنين، وصور الشهيدة غادة سباتين وهي ملقاة على الأرض وسط حمام دم، حيث اعتبر فيسبوك أن بعض المنشورات تنشر مشاهد صادمة تتعارض مع سياسة المجتمع الخاصة بالمنصة، والألعن من هذا وذاك أن إدارة فيسبوك قللت من نسبة ظهور المحتوى على الصفحات التي تعرض مستجدات الوضع في فلسطين بطريقة خبيثة.

وحتى ولو لم يتم إبلاغك بأنك انتهكت معايير المجتمع والسلامة على منصة فيسبوك، لكن صفحتك أو حسابك المسؤول على النشر يتعرضان لفقدان فاعلية الوصول إلى المتابعين من خلال تجميد المنشورات وتقليل ظهورها، حتى يتبادر لك أن المحتوى لا ينال رضى المتابعين أو أنه ليس منافسا. وعند التواصل مع إدارة فيسبوك للاستفسار عن سر ضعف الوصول مع أن جودة الصفحة في حالتها العادية وباللون الأخضر، تجيبك الإدارة وتؤكد لك بأن الصفحة لا تعاني من أي تضييق وتعيد لك مرارا وتكرارا نفس الأسطوانة “لقد أصبح عدد المنشورات ضخما على المنصة وهذا ما يقلل نسبة وصولك إلى المتابعين نظرا لأنهم مهتمون بمحتويات أخرى… حاول أن ترفع جودة المنشورات… أن تغير توقيت النشر… أن تنشر محتويات تفاعلية تدفع متابعيك إلى التعليق والإعجاب والمشاركة، ثم تختم الإدارة تواصلها معك بوابل من عبارات الترحيب والاهتمام والتأكيد على أنها تستمر دائما في خدمتك ما دمت وفيا للمنصة.

قامت إدارة فيسبوك بحظر وصول صفحة الجزيرة فلسطين والقسطل الإخباري بعد قيامهما بنشر فيديوهات عن اقتحام الجيش الإسرائيلي لباحة الأقصى، واعتبرت المنصة أن مثل هذا النوع من المحتوى قد يكون له تأثير سلبي على نفسية المتلقي، كما أنه يشجع على ظهور تعليقات تشجع على الانتقام وتنتهج خطاب الكراهية والدعوة إلى أعمال انتقامية وهو ما يتعارض مع المبادئ الأساسية لاستعمال المنصة ويجعل منها منصة تشجع على العنف والقتل، ويتم تحديد هذه المنشورات من خلال خوارزمية ذكية بإمكانها التقاط إشارات على عدد التعليقات التي تحتوي على كلمات تعبر عن العنف أو ما شابه ذلك، أو من خلال حملة من التبليغات التي تقوم بها بعض الحسابات في فيسبوك المحسوبة على مركز الأمن السيبراني في إسرائيل التي ترصد أنشطة الصفحات والمحتوى الفلسطيني إلكترونيا، وعند وصول عدد البلاغات إلى سقف محدد يطبق الحظر أوتوماتيكيا على المنشور وتطبق عقوبة الحذف أو التحذير أو حتى إغلاق الصفحة على حسب درجة المخالفة.

تنشر ميتا في بنود سياستها الخاصة بمنصة فيسبوك، وتعطي معلومات إضافية عن عدد المحتويات التي تم التضييق عليها بطلب من السلطات المحلية في العديد من الدول، من بينها بيانات عن عدد المحتويات التي تم حظرها في إسرائيل، لتؤكد بذلك بأن الحظر قد يكون بناء على طلب من الحكومات، وبما أن فلسطين تخضع للاحتلال الإسرائيلي فلا شك في أن بعض البلاغات التي تقدمها إسرائيل قد تخص المحتوى الفلسطيني.

تعتبر صفحة “غزة الأن” من بين أكثر الصفحات انتشارا في فلسطين والتي تضم أكثر من 3 ملايين متابع فلسطيني وعربي متضامن مع القضية الفلسطينية، وهي الصفحة الفلسطينية الوحيدة التي تغلبت على التضييق من طرف إدارة فيسبوك لأن أغلب زوارها يقومون بالولوج إلى الصفحة مباشرة من دون انتظار وصول إشعار النشر، ولا تتوانى الصفحة التي تدار من أستراليا وغزة عن إبلاغ متابعيها بالانضمام إلى منصة تلغرام، حيث لا يحظى المحتوى الفلسطيني بالحجب تماما مثل ما يحدث مع ميتا.

وتتعرض صفحة “أقلام حرة” التي تنشر أخبارا محلية ودولية إلى تضييق تام يجمد التفاعل والوصول إلى متابعي الصفحة بشكل تام، بعد نشرها لخبر محايد يتعلق بالفصائل الفلسطينية، حيث قام فيسبوك بخنق الصفحة التي تحتوي على أزيد من 87 ألف متابع، وبالرغم من مراسلة الصفحة للإدارة وطلب إجراء مراجعة بشرية للمحتوى تبث فيها أن المحتوى كان مجرد خبر لا يحتوي على أي دعم أو ترويج لكيانات تصنفها ميتا في خانة الإرهاب، إلا أن ظهور الصفحة تراجع بشكل رهيب إلى غاية أن تحولت الصفحة إلى صفحة عديمة التفاعل شأنها شأن الصفحات الفلسطينية الأخرى التي تحتوي على مليون متابع ولكنها لا تظهر إلى ألف شخص في أحسن الأحوال.

لقد سقطت جميع معايير فيسبوك وسياسته التضييقة في عدة مرات كان آخرها تعامله مع الحرب في أوكرانيا، حيث دعمت المنصة وبشدة في أول أيام الحرب المحتوى المعادي للرئيس الروسي فلادمير بوتين، ولكنها سرعان ما أدركت أنها قد تسيطر على الصورة والكلمة ولن تستطيع أن تحتكر توجيه الرأي العام مع دخول منصة تلغرام إلى عرش المنافسة… كما أنها لم تفهم إلى حد الآن أن التضييق على المحتوى الفلسطيني لا يمكنه إيقاف التصعيد ولا إخفاء حقيقة ما يجري من تصعيد من قبل الاحتلال، بل إنها شريكة بشكل أو بآخر بزيادته عندما تحجب الجرائم ولا تسمح بنشرها لتحرك الرأي العام العالمي ضد حكومة الاحتلال لردعه عن التصرفات التي تمنع حدوث أي سلام بل تشجع على الانتقام وممارسة الرد.

على شركة ميتا أن تنتبه إلى أنها تغدي الصراع القائم على الأرض وأنها تخفي آثار الجريمة وتضع الطرف المقابل أمام حتمية انتهاج نفس السياسة. وأن تستفيق قبل أن تقضي على ما تبقى من مصداقيتها وقبل أن تحول الملايين من العرب إلى تلغرام كبديل عن فيسبوك، وألا تنسى أن الشعوب العربية تأكدت من أنها حرّكت الشارع في الربيع العربي لتجلب الفوضى وعدم الاستقرار وانتشار الإرهابيين في اليمن وليبيا وسوريا والعراق.

"العرب اللندنية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى