الجنوب..تحالُف مع العدو!

> من الأخطاءِ الاستراتيجية أن تعيدَ ترتيب صفوف عدوك وتعملَ على توحيد قواه السياسية والعسكرية التي أصبحتْ جماعاتٍ متناحرةً لم يعدْ معها هذا العدو ذا قوةٍ. ومن الأخطاء القاتلة، في الحرب، أن تعطيَ العدو فرصةً للملمة قواه المتهالكة وتسمح له بإعادة التموضع والانتشار وترتيب عدته وعتاده ليواصل معركته ضدك بعد أن غدا في أضعف حالاته.

ما بين الجنوب والشمال هي معركةٌ سياسية بدأت العام 1990م وتحولتْ في العام 1994م إلى حربٍ عسكرية تحالفت فيها كلُّ القوى السياسية والعسكرية والقبليّة والأحزاب والتنظيمات الإرهابية ضد الجنوب، وتوّجت باحتلالين كاملي الأركان، ومازالت هذه الحرب مستمرةً حتى اللحظة وبالأدوات نفسها والتحالفات عينها وللأهداف ذاتها.

المجلسُ الرئاسي الذي يشارك فيه الجنوب بأربعة أعضاء، اثنان منهم ذوي توجه شمالي، هو في الحقيقة مجلسٌ لإعادة ترتيب التحالفات الشمالية ضد الجنوب، فلنتأملْ بالقوى السياسية والعسكرية الشمالية التي تحالفت لاحتلال الجنوب وأحلُتْ دم شعبنا الجنوبي، وهي:

الحوثي، الإخوان، أجنحة عفاش، قوات علي محسن الأحمر، القبائل، التنظيمات الإرهابية، رجال الدين السياسي، العاملون تحت شعار الأحزاب، وما خُفي من تحالفات واتفاقات سرية مرتبطة بأجندة إقليمية.. تفرّقت هذه التحالفات وقاتلت بعضها وتآمر بعضُها على الآخر، بينها اليوم دم وحرب وثأرات سياسية وقبلية، لم يعد يجمعها سوى التآمر على الجنوب والظفر به لإخضاعه واحتلاله والسيطرة على مقدراته، وبات كلُّ طرفٍ عدواً حقيقياً لبقية الأطراف، وجميعها تعمل في إطار تحالف واحد ضد الجنوب وضد المشروع الوطني الجنوبي.

إعادة ترتيب هذه التحالفات الشمالية هو تقوية لجبهة الشمال ضد الجنوب، والهدف هو عدن وليس صنعاء، والمستهدف هو المشروع الوطني الجنوبي بعدن لا المشروع السلالي والتوجّه الملكي في صنعاء، فالشمال كله ملكي يُحكم بالسلالة والقبْيَلة. النظام الجمهوري انتهى إلى غير رجعة، ولم يعد لتلك التحالفات الشمالية سوى محاولات بائسة لنفخ الروح في سراب "الوحدة"، وما المجلس الرئاسي إلا واحدة من تلك المحاولات المكشوفة، وهذا أمر مسلم به ولا يحتاج دهاء. ما نخشاه هو أن تتطورَ تلك المحاولة إلى مؤامرة ضد المشروع الجنوبي ومن عقر دار الجنوبيين.

المرحلة تتطلب عملاً سياسياً جنوبياً يجنّب القضية شرور تلك المؤامرات وشررها.. مشروع سياسي يعض بالنواجد على المؤسسة العسكرية والأمنية الجنوبية؛ ليمنع أي استهدافات لتفكيكها أو هيكلتها وتشتيتها ودمجها في إطار جيش "أبو يمن".. عمل سياسي يقوّض مساعي العدو الشمالي لإعادة تموضع القوات الجنوبية وفرض مسارح انتشارها وفقا لما يخطط له العدو.. عمل سياسي يجمع كل ألوان الطيف الجنوبي وفق رؤية وحوار وطني جاد ومسؤول بعيدا عن الهيمنة والتفرد بالقرار واحتكار التمثيل.. عمل سياسي يستغل المجلس الرئاسي لتقوية الجبهة الجنوبية والشروع بإعادة بناء مؤسسات الدولة والتغلغل في مفاصلها ووضع اللبنات الأولى لأي استحقاق سياسي أو حلول وفي مقدمتها تقرير المصير عبر الاستفتاء، الذي بات حلاً في غاية الخطورة على الجنوب؛ بسبب سياسات التوطين التي مارسها الطرف الشمالي مستهدفا التركيبة الديموغرافية لسكان الجنوب.. عمل سياسي يدرك أبعاد تلك المؤامرات والسعي لتفكيكها ووأدها من داخل المجلس الرئاسي نفسه!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى