اليمن: برنامج التطهير والإصلاح بديلا عن إعادة الإعمار والتعافي

> د. محمد الميتمي

> ​يعتمل في الأفق مخاض عسير لكنه ليس مستحيلا لولادة سلام في اليمن بعد حرب مدمرة ألمت به منذ تسع سنوات. لقد ذاق سكان هذا البلد العربي الويلات وطعم الدم في أفواههم وصرخات الأطفال ونواح النساء يدوّي في آذانهم، أنفاسهم تتقطع وأرواحهم تتمزق وكرامتهم تُراق على أبواب الهجرة وحافة المدن الميتة والصحاري المقفرة. اليوم عيون اليمنيين تحدق برجاء في الخلاص من الحرب نحو هذا السلام الذي دوّى صخبه بعد الاتفاق السعودي – الإيراني الذي تم تحت رعاية صينية على أمل أن يتحقق ليعيد الحياة في اليمن إلى طبيعتها. غير أن التحديات كبيرة ومتنوعة (موضوعية وذاتية) والمخاطر التي تحيط بولادة هذا السلام جسيمة، وذلك بالنظر إلى ما فعلته هذه الحرب باليمن واليمنيين على امتداد تلك السنوات التسع وما ألحقته بهم من ذلك النطاق الهائل والمأساوي من الدمار والخراب الواسع، الموت والإعاقة، الفقر والجوع والمرض، التشرد والفوضى، وهي كلها وقائع عملت على إعادة هيكلة الدولة والاقتصاد والمجتمع اليمني بشكل مغاير تماما لما كان عليه اليمن قبل هذه الحرب وأعادته أكثر من نصف قرن إلى الوراء في كافة مؤشرات التنمية البشرية. أما التحديات الذاتية فتتمثل في مدى الرغبة والاستعداد والجدية من أطراف الصراع المحلية والإقليمية والدولية في إحلال السلام في هذا البلد الذي سلبته الحرب إنسانيته.

يتطلب الأمر تبني نهج جديد في بناء السلام بديل عن نهج إعادة الإعمار لما بعد الصراع المتعارف عليه في أدبيات التنمية. إنه نهج أكثر شمولاً نطلق عليه تسمية برنامج التطهير والإصلاح، وذلك من أجل الانتقال الآمن والمضمون إلى تحقيق سلام مستدام وتنمية قابلة للازدهار والديمومة يمكّنان اليمن من الخروج من مصائده الست التي تطوقه بإحكام على امتداد عقود وهي: 1) مصيدة نظام الوصول المغلق، 2) مصيدة التخلف، 3) مصيدة الصراع، 4) مصيدة الفقر، 5) مصيدة الديموغرافيا، 6) مصيدة الجغرافيا. لا بد أن يتضمن البرنامج في البدء تطهير مؤسسات الدولة والمجتمع من الفاسدين والمفسدين وأولئك الذين ارتكبوا جرائم جسيمة بحق المجتمع والحيلولة دون منحهم أي مسؤوليات قيادية وإدارية في المؤسسات الجديدة، وأن يتضمن البرنامج إصلاح كل ما أعطبته الحرب وما خلّفته من دمار وفوضى. ولنا في ذلك عبرة من برنامج التطهير والإصلاح الذي نُفّذ في ألمانيا الغربية واليابان بعد الحرب العالمية الثانية في إطار مشروع مارشال الذي كان بمثابة ثورة عميقة الجذور على الماضي وإن نُفّذ بطرقٍ توتاليتارية. لقد تضمن ذلك البرنامج كما نص عليه بيان بوتسدام في ألمانيا الخطوات الضرورية التالية: استئصال النازية، استئصال النزعة العسكرية، اعتماد اللامركزية، مكافحة المجمعات الصناعية الممركزة. كما هدف إلى أن يضع حدا لنظام الحزب الواحد والأيديولوجيا الواحدة وما يتبعهما من منظمات للتعبئة الإعلامية العدوانية المتطرفة (كالشبيبة الهتلرية)، وتفكيك أجهزة عنف الدولة المتوحشة (الفيرماخت، والغيستابو، والإس إس)، وتأمين الفصل السياسي بين السلطات في القمة، وتفويض السلطة إلى الهيئات المحلية والإقليمية، والاستعاضة عن اقتصاد الحرب باقتصاد السوق. على أن يراعي برنامج التطهير والإصلاح ظروف الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي اليمني ومعطياته ومسمياته الخاصة، ثقافته وتراثه، طبيعة وجذور الصراع المسلح ومحركاته وامتداداته المحلية والإقليمية. يقر البنك الدولي في آخر تقرير له عن بناء السلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مارس 2020 بأن المقاربات التقليدية لإعادة الإعمار لم تعد تجدي نفعا في اليمن، وأنه لا بد من مقاربات جديدة لكي ينجح السلام وتتحقق التنمية المستدامة.


إن بناء السلام الشامل والعادل والمستدام في اليمن سيكون عملية شاقة وطويلة الأمد قد تستغرق ردحا طويلا من الزمن. كما أن طبيعة السلام وجوهره ومبادئه ومرجعياته وتفاصيله ستحدد بشكل رئيسي مسار برنامج التطهير والإصلاح؛ ما إذا كان قابلا للمضي قدما أم هو محكوم عليه بالفشل. نعرّف السلام هنا بأنه حالة مجتمعية متصالحة ومتماسكة وطويلة الأجل وخالية من النزاعات المسلحة والعنف الجماعي، قائم على نظام مساواتي عادل خال من الإقصاء والتهميش، يستند إلى مؤسسات ديمقراطية راسخة، فعّالة وكفؤة. وفي نفس الوقت من دون برنامج شامل وكامل وشفاف لبناء الدولة والاقتصاد والمجتمع مصمم تصميما جيدا يقوم على الشراكة والشفافية والمسؤولية والشمول فإن الهدف النهائي المتمثل في بناء هذا السلام لن يقدّر له المضي قدما وسرعان ما قد يرتد المجتمع إلى حالة من الصراع والحرب الأكثر عنفا. نستنتج من ذلك ضرورة الترابط الوثيق بين عملية السلام وبرنامج التطهير والإصلاح. ولنا في ذلك عبر وأمثلة كثيرة من شتى أنحاء دول العالم التي خاضت حروبا أهلية وصراعات دامية بلغت نحو 200 حرب وصراع مسلح منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، ارتد نحو الثلث منها إلى مربع العنف والصراع المسلح بسبب سوء تصميم برامج “إعادة الإعمار والتعافي” وغياب مبدأ الشراكة وعدم الإيمان بالسلام للجميع.

بعد مرور أقل من عام على وقوع هذه الحرب الآثمة تقدمت في سبتمبر من عام 2015 بوصفي وزيرا للتخطيط والتعاون الدولي آنذاك بمشروع لبرنامج إعادة الإعمار والتعافي الوطني الشامل الذي أقرته حينئذ حكومة خالد بحاح، حددنا فيه محتواه ومبادئه وأهدافه ومراحله وخطواته العملية والمؤسساتية وآليات تنفيذه. لقي هذا البرنامج موافقة الحكومة وإسنادها واستحسانا ودعما من شركاء اليمن الدوليين، وفي مقدمتهم البنك الدولي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الإسلامي للتنمية ووكالتا التنمية الأميركية والبريطانية وشركاء آخرون. قدم هؤلاء الشركاء ملاحظات قيمة على وثيقة هذا البرنامج بما جعل منه برنامجا أكثر عمقا وشمولا وجدارة في معالجة نتائج هذه الحرب وآثارها المدمرة. وعقدت على قاعدة هذا البرنامج ثلاثة مؤتمرات دولية خلال عامي 2016 و2017. كان الأمل واسعا وكبيرا أثناء سير مفاوضات السلام التي احتضنتها دولة الكويت الشقيقة في أن هذه الحرب ستضع أوزارها قريبا وسيبدأ اليمن على الفور مع حلفائه الإقليميين وشركائه الدوليين بتنفيذ برنامج إعادة الإعمار والتعافي الوطني الشامل. لكن هذه الحرب بعنفها وفجور مقاوليها وتجارها تواصلت مع الأسف وداومت على سحق حياة اليمن واليمنيين حتى إحالتهم حطاما وتركت جروحا عميقة نازفة في جسد المجتمع ومزقت نسيجه فضلا عن الدمار المادي والأخلاقي الهائل والخسائر البشرية المهولة التي لا تعوض ولا تقدر بثمن. لقد شردت نحو خمسة ملايين في أرجاء الأرض من ملاذاتهم الآمنة وأغرقت أكثر من 20 مليونا من السكان في خنادق الفقر، كما أنتجت ميليشيات مسلحة منفلتة عن الدولة والقيم الوطنية والإنسانية يقدر عدد أفرادها بأكثر من نصف مليون مسلح ويمتهن معظمهم القتل والنهب والسرقة. لا ولاء لهم لوطن إلا لقادتهم المكبلين بسلاسل الارتهان للخارج الذي يدفع لهم لقاء ما يقترفونه في حق شعبهم ووطنهم من جرائم. ومما يعظم هذه المأساة أنه تحت ركام شاهق من حطام هذه الحرب تختمر وتختبئ ألغام كثيرة مفخخة بالكراهية والانتقام والثأر، بالعنف والعداء والتعصب الطائفي والمناطقي والقبلي والمذهبي والسلالي والأيديولوجي.

أمام هذه الصورة المأساوية، المعقدة والمركبة، وعلى خلفية مشروع السلام الذي يلوح ضوؤه متلألئا في الأفق تارة وباهتا تارة أخرى وجدنا بالضرورة أن نتقدم بتصور أولي للمكون الأساسي لبناء السلام الشامل والعادل والمستدام كما نسميه برنامج التطهير والإصلاح. ما يميز هذا البرنامج عن سابقه الذي كنا قد عملنا عليه في السنوات الأولى من عمر الحرب هو أنه يعتمد نهجا شاملا للخروج من المصائد الست وتجاوز مرحلة الهشاشة عبر بناء المؤسسات الديمقراطية ومؤسسات إنفاذ القانون وتحقيق الفرص الاقتصادية المتساوية، ومعالجة المظالم وإرساء العدل وتطبيب النسيج الاجتماعي، مع ضرورة ترتيب أولويات هذا المسار بدقة بالغة. ونستطيع القول إن عددا من مكونات وأنشطة برنامج الإعمار والتعافي، الذي كنا قد بدأناه وواصل عمله لسنوات لاحقة، سيظل مادة مهمة وضرورية ولا غنى عنها في برنامج التطهير والإصلاح. وأخص بالذكر مبادئه الأساسية والمسوحات الميدانية التي نفذت من قبل الشركاء تحت إشراف وإدارة البنك الدولي بعنوان مسوحات تقييم الأضرار والاحتياجات التي شملت ثماني مدن يمنية وستة عشر قطاعا من قطاعات الاقتصاد الوطني ونفذت على ثلاث مراحل زمنية، على أمل أن تداوم هذه المسوحات عملها بعد أن توقفت فجأة ولسبب مجهول. فمواصلة تلك المسوحات تظل مسألة مهمة وضرورية لتقييم حجم الأضرار وطبيعتها وأماكن تموضعها وخصائصها وكلفتها لتصبح مكونا أصيلا في برنامج التطهير والإصلاح تحقق له النجاح والكفاءة والفاعلية.

لا بد للعناوين الفرعية في برنامج التطهير والإصلاح أن تكون حاضرة وتكون مكوّنا من مكونات البرنامج، على أن يظل التطهير والإصلاح العنوان الرئيسي في البرنامج. فهو بمثابة الغراء الذي يجمع ويشد تلك العناصر الفرعية إلى وتدٍ واحد ويغدو بمثابة القاطرة التي تجر عربات بناء الدولة والمجتمع نحو غاياتها المطلوبة. فمكون إعادة الإعمار لا يهدف هنا إلى إعادة إعمار أو بناء شيء أو نظام كان موجودا في الماضي وجرى تدميره وعودة النظام الذي تم تفكيكه إلى ما كان عليه سابقا، أو بعبارة أخرى إحياء الماضي مع بعض التعديلات الطفيفة؛ بل يهدف إلى إحياء وتجديد ما تم تدميره بروح جديدة ومضامين مبتكرة. التعافي الوطني الشامل هو العنصر الثاني في برنامج الإصلاح يستهدف معالجة الاحتياجات العاجلة وتحقيق قدر معين ومقبول من الأمن والاستقرار والعدل والمساواة بما يرفع منسوب الأمل والثقة في مؤسسات الدولة وقياداتها المنتقاة بعناية. لقد أفضت هذه الحرب -كما نعلم- إلى هلاك مئات الآلاف من الأرواح البشرية ومثلهم وأكثر من الجرحى والمعاقين وأدت إلى تشريد الملايين من السكان في مناطق النزاع وتدمير ممتلكاتهم التي يعتمدون عليها في عيشهم. النسيج الاجتماعي الذي كان يغلف المجتمع ببطانة سميكة دافئة تحميه من المؤثرات الخارجية أصبح مثقوبا كالغربال، والجروح عميقة دامية، والقلوب مكلومة. يتوخى هذا العنصر في البرنامج ويستهدف تطبيب النفوس ولأْم الجراح والتمزقات التي أصابت النسيج الاجتماعي. بعض المستهدفين تكون جراحهم أقل من الآخرين فيتم شفاؤهم سريعا وآخرون تكون جراحهم غائرة ودماؤهم نازفة تحتاج إلى سنوات طوال للتعافي.

الأهم في برنامج التعافي هو الحيلولة دون السقوط في مستنقع الثأر والانتقام الذي من شأنه أن يوسع رقعة تمزق النسيج الاجتماعي ويحول دون رتقه. وهنا علينا أن ندرك مدى الترابط والتشابك بين كل من إعادة الإعمار والتعافي بحيث يدعم كل واحد منهما الآخر، وأن نتوخى -في نفس الوقت- الحذر في تحقيق المكاسب السريعة في هذين البعدين على حساب الهدف طويل الأجل المتمثل في السلام المستدام. العدالة الانتقالية والاجتماعية تحتل موقعا هاما ومركزيا للقيام بهذا الدور. وهناك عناصر أخرى ذات أهمية بالغة في تكوين برنامج التطهير والإصلاح نذكرها على عجالة وهي: 1) إعادة التأهيل، 2) إعادة التوطين، 3) إعادة تطبيع الحياة السياسية والاجتماعية، 4) المصالحة والعدالة الانتقالية، 5) نزع سلاح الميليشيات المسلحة ودمجها في الحياة الاجتماعية، 6) الترتيبات الأمنية. كل واحد من هذه العناصر يحتل مكانة هامة في عملية تحقيق السلام واستدامته ويخضع لترتيب محكم في سلم الأولويات.

ولتأمين فرص النجاح والضمانات الواقعية الصلبة لبرنامج التطهير والإصلاح لا بد من تنظيم مؤتمر دولي فور التوقيع على اتفاقية السلام تتقرر من خلاله التزامات محددة ومزمنة من المجتمعين الإقليمي والدولي المالية منها والقانونية واللوجستية لإسناد عملية السلام مع استصدار قرار من مجلس الأمن يوضح بجلاء المرجعيات القانونية الصارمة للدعم الدولي لاتفاقية السلام هذه ويحدد نوع العقوبات التي تلحق بكل من يعرقل خطوات السلام ويتنصل منها أو يتحايل عليها. وفي هذا السياق لا بد من تشكيل قوة حفظ سلام عربية ودولية تحت إشراف الأمم المتحدة تتولى رعاية عملية السلام ونزع سلاح كافة الميليشيات دون استثناء وتسليمه للحكومة الانتقالية التي تشارك فيها جميع الأطراف الموقعة على اتفاقية السلام.

إعمار ما دمرته الحرب يعتبر مكونا مفصليا في برنامج التطهير والإصلاح ويحظى بأولوية ورعاية خاصة لما يختزن في مكوناته من ديناميات الحركة إلى الأمام. تأسيسا على ذلك، ينبغي التركيز على تسع أولويات قطاعية رئيسية في هذا المسار وهي: 1) تأمين وتثبيت وترسيخ الأمن الشامل الفردي منه والجمعي. 2) تأمين وتوسيع وتطوير قطاعي المياه والطاقة لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للسكان وللأنشطة الاقتصادية المختلفة. 3) إصلاح وتحديث التعليم مع أهمية نشر وتعميم التعليم العام وجعله مجانيا وتقديم التسهيلات والمنح للتعليم الفني والجامعي ذي الجودة العالية والمنهج الوطني الحديث. 4) تقديم الخدمات الصحية العامة مع التركيز على الصحة العقلية للسكان الذين تأثروا بفعل الحرب. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه وفقا لبعض المسوحات هناك شخص واحد من بين كل ثلاثة أشخاص في اليمن يعاني نوعا معينا من الاضطراب النفسي. ومن الصعب إنجاز سلام قابل للنجاح والديمومة في مجتمع يعاني شتى أنواع الاضطرابات النفسية. فالصحة العقلية تقتضي وجود مجتمع سوي معافى من آثار الصراع والحرب وقادر على العطاء والإسهام في بناء السلام والسلم الاجتماعي على نحو إيجابي وفعال. 5) بناء ونشر الديمقراطية والعدالة الانتقالية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات. 6) إصلاح وتعزيز وتطوير القطاع المصرفي. 7) توسيع وتطوير البنية التحتية. 8) توفير شروط ومقومات السكن الملائم. 9) توفير بيئة استثمارية محفزة وجاذبة وخاصة للمنشآت الصغيرة والأصغر والمتوسطة.

ختام القول، لا بد من تجنب المسارات المائعة والغامضة والمحتالة والمجزأة في عملية بناء السلام، والتركيز على نطاق الدخول المثمر والفعال وإسناد خطواته بالشراكات الفعالة والقوى المساندة وتجنب وقوع السكان المتضررين من الحرب في حالة من اليأس والقنوط لأن في ذلك خطرا على استدامة عملية السلام. التدخلات الواقعية والمنطقية والهادفة المسنودة بالتزام إقليمي ودولي واضح ومحدد وإشهار سيف العقوبات في وجه المعرقلين، مع التركيز على الأشخاص والجماعات والمناطق الأكثر تضررا هي الإستراتيجية الناجعة لبناء سلام في اليمن قابل للديمومة.

"العرب"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى