تراجع قدرات معهد جميل غانم مؤشر على انهيار الثقافة في عدن

> محمد رائد محمد

>
 المبدعون يعانون من الإحباط والقهر والأمراض، فتتلاشى آثارهم عن الساحة الفنية
>بمناسبة اليوم العالمي للمسرح 27 مارس.. قمة القهر والظلم..

>يحتفل العالم باليوم العالمي للمسرح في 27 مارس من كل عام، وهو مناسبة تُعنى بتقدير دور الفن المسرحي وتأثيره في المجتمعات. يعتبر المسرح وسيلة فنية تعبر عن التجارب الإنسانية وتسلط الضوء على قضايا المجتمع بشكل مباشر وعميق.


تكريم رواد المسرح والفنانين المسرحيين من الجيل الثاني هو خطوة تقديرية وإنسانية تبرز الجهود التي بذلوها في خدمة الفن والثقافة على مدار السنوات الطويلة. إن تكريمهم وتقديرهم يعكس الاعتراف بإسهاماتهم القيمة ويمثل حافزًا معنويًا لهم وللأجيال القادمة من الفنانين.

وكانت مؤسسة "لغد أجمل" والتي تترأسها رندا عكبور، قد أخذت زمام المبادرة من خلال إقامة فعالية فنية وثقافية وتكريمية يوم الخميس الموافق 7 مارس 2024م لعشرين مسرحيًا، وجاء تكريمهم كحافز معنوي للكوادر القديمة بعد أن ظلوا يعانون من تهميش وإقصاء، حيث توقفوا عن أداء أعمالهم وهم في أوج العطاء الثقافي.

قالت لـ "الأيام" مديرة عام مكتب وزارة الثقافة في العاصمة عدن السابقة رندا عكبور:"إن ما قامت به من تكريم لنخبة من رواد المسرح (الجيل الثاني) هي لفتة إنسانية لقاء ما بذلوه من عطاء طيلة الأعوام الماضية".

وذكرت رئيسة مؤسسة "لغد أجمل" أن عمالقة ونجوم المسرح الذين مُـنحوا التكريم من قِـبَـل المؤسسة هم: عميد المسرح الفنان علي اليافعي.

والفنان جميل محفوظ، والفنان قاسم عمر، والفنان أحمد عبدالله حسين، والفنان سالم العباب، والفنان هاشم السيد، والفنان علي سبيت، والفنان عمر مكرم، والفنان محمد الرخم، والفنانة نور عبدالله، والفنانة هدى حسن، والفنانة فاطمة عبد القوي، والفنان عبدربه الهيثمي، والفنان أحمد عبدالله سعد، والفنان د. عبدالسلام عامر، والفنان صابر اليافعي، والفنان محمد زيد، والفنان أختر عبدالملك، والفنانة رويدا ربيح، والفنان محمد اليافعي.


وأشارت عكبور إلى أن مؤسسة "لغدٍ أجمل" تهدف في عملها إلى تكريس الروح الثقافية وتعزيز الدور الفني في العاصمة عدن، وقد أقامت عددًا من النشاطات الثقافية منها معرض الفن التشكيلي في مطار عدن الدولي، وحفل الثلاثين من نوفمبر العام الماضي، والذي رعاه وزير الشباب والرياضة، ومعرض الفن التشكيلي، وكذا بازار للمنتجات الحرفية.

وأضافت:"صندوق التراث والتنمية الثقافية -التابع لوزارة الثقافة- يصرف ما بين 10 ألف إلى 30 ألف ريال لكل مبدع، على حسب درجاتهم خلال الخمسة الأشهر مرة واحدة فقط، ويتم صرفها عبر محلات الصرافة، معتبرةً أن هذه قمة "الظلم والإهانة".

وقالت لـ"الأيام":"لا نعلم أين تذهب ميزانية صندوق التراث والتنمية الثقافية إلى اليوم، والكثيرون يتساءلون ومن بينهم المبدعون، واستغرب من هذا التهميش وما هو الجدوى من عمل صندوق التراث والتنمية الثقافية؟ ويقوم بخدمة من بالضبط؟ وما هو الهدف من إنشائه طالما أنه لم يقم بمساعدة المبدعين في أمراضهم!، ولم يصرف لهم مخصصات تليق بمكانتهم!، ولا يقدم أي إنتاج ثقافي فني سواءً على مستوى المسرح أو في بقية المجالات!، وفي ظل صمت كل الجهات التي من المفترض أن تحاسب صندوق التراث والتنمية الثقافية حول عدم قيامه بدوره من أجل إعادة روح العمل الثقافي في العاصمة عدن!".


وواصلت:"عندما كنت مديرةً لمكتب الثقافة في العاصمة عدن لم أجد منهم دعمًا مطلقًا، بخصوص أي عمل تنموي ثقافي لا على مستوى خدمة المبدعين، ولا تأهيل مبنى مكتب الثقافة ولا التنمية الثقافية ولا إقامة أنشطة وفعاليات، وهذه مشكلة يعاني منها كل المبدعين ويُـصابون بالإحباط فيتوارون عن الأنظار، وباتوا يعانون من القهر والأمراض إلى أن تُـوفِّـيَ البعض منهم، وهم كانوا يتعشمون مد يد العون لهم من صندوق التراث والتنمية الثقافية، وهذه تعتبر جريمة وذنب كبير في حق المبدعين، بينما تكتفي وزارة الثقافة بالمشاهدة دون أن تُـحرك ساكنًا، وهي تمتلك صندوق التراث والتنمية الثقافية والذي يحصل على موارد من مكاتب إيرادية على مستوى الجمهورية".

ولفتت المسؤولة عن مكتب الثقافة سابقًا إلى أن المبنى السابق لمكتب الثقافة والكائن في مديرية خور مكسر، كان وضعه بائسًا ولا يصلح للعمل فيه، مضيفةً أنها قامت بتجهيز مقر جديد لمكتب وزارة الثقافة في مديرية المعلا، وهو مبنى مسرح حافون، فعملت على إعادة ترتيب ساحة المبنى، ليتحول بعد ذلك مقر المكتب إلى مبنى مسرح حافون في المعلا، مع نقل الطاقم الإداري إليه، وكان المقر الجديد يشهد فعاليات مختلفة كل يوم سبت.

وأشارت إلى الموقف المحزن الذي حصل مؤخرًا في الوسط الثقافي وكان لفنان من فناني الرواد الأوائل المسرحي جميل محفوظ، والذي عانى من المرض ولم يحصل من الوزارة على أي دعم لكي يخضع للعلاج، وكان كل يوم وهو في سرير المرض يتوقع أن يتصلوا به من الوزارة لإعطائه مبلغًا من المال للسفر إلى الخارج، لتلقي العلاج لكن لم يجد أدنى اهتمام حتى أُصيب بالقهر ومات على إثر ذلك.

وأعادت عكبور الأذهان إلى ما قبل العام 1994م، عندما كانت هناك مشاركات خارج الوطن، مضيفةً أن اليوم بات الوسط الثقافي خاليًا من الأعمال الخارجية التي تتبناها الدولة تجاه كبار المبدعين.

وطالبت بدمج الشباب مع الكبار والاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الرواد الأوائل، واستشعار المسؤولية تجاه العمل الفني والثقافي في العاصمة عدن.

وعلقت بالقول:"مدينة عدن كانت في السابق رائدة في مجال الثقافة والفن، واليوم تراجعت كثيرًا بل تلاشى هذا الدور نهائيًا، والمجتمع بحاجة إلى إعادة تفعيل العمل المسرحي في لدوره في التوعية، وزرع السلوكيات الحميدة والأخلاق والحس الجمالي والترفيه وتعزيز قيم التسامح والتعايش".

تابعت "إن مطالب المسرحيين تتمثل في عودة المسرح لهم بعد سنوات من تهميش المسرح، فلا توجد أي ميزانيات، (مسرح حافون) ما زال إلى اليوم يفتقر إلى الكثير من التجهيزات، ولا يمتلك شبكة إضاءة، ولا يوجد فيه مكبرات صوتية، وعدد الكراسي فيه 230 كرسي تقريبًا، وبالتالي فهو مسرح صغير الحجم، والكثير ينقص هذا المسرح ليكون مؤهلًا مثل أي مسرح".

ودعت مديرة عام المبادرات المجتمعية في ديوان العاصمة عدن أن يُـنشأ مسرحًا كبيرًا لمدينة عدن يليق بها كمدينة رائدة في التراث المسرحي وتنبض بالحياة الثقافية، وكذلك الاهتمام بتجهيز صالات للسينما، وهناك مبانٍ سينمائية مغلقة إلى اليوم وتحتاج إلى إعادة تأهيل.


وحول معهد جميل غانم، ترى عكبور أن المعهد أصبح خامل جدًا، والسبب أن المعهد يفتقر إلى الاهتمام، ومن أمثلة ذلك إلغاء المواد الفنية في المدارس والتي كانت معتمدة في الماضي سواءً المسرح أو الغناء، فالطلاب الشغوفون بحب دراسة الفن، والذين يمتلكون مواهب فنية باتوا يتخوفون من الالتحاق بصفوف الدراسة في معهد جميل غانم، جراء عدم وجود فرص عمل بعد تخرجه من المعهد، فأصبح معهد جميل غانم لا يوجد فيه طلاب إلا بالنادر، وأنا علمت أنه في بداية العام الدراسي عندما يسجل عشرة طلاب، فإنه وفي آخر العام ينحسر عددهم إلى الطالب أو الطالبين فقط، والسبب أن المعهد لا يستطيع أن ينتج ولا يعمل لأنه لا يوجد طلاب يُـقبلون على الدراسة فيه".

واستطردت: "العاصمة عدن تشهد ركودًا فنيًا كبيرًا جدًا، والسبب انعدام الاهتمام من الجهات الحكومية ابتداءً من زرع حب الفنون في رياض الأطفال، مرورًا المدرسة وانتهاءً بالجامعة، فأدى ذلك إلى تلاشي الحركة الثقافية والفنية في مدينة عدن، إلى أن ظهرت بشكل متفرق وغير منظم، فلا توجد معايير لاختيار الفنان للظهور على خشبة المسرح، ولم يتم الاستفادة من الخبرات الفنية في مجال المسرح وهذه لم تحدث على المستوى العالمي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى