كبش العيد صار «صعب المنال» في اليمن

> "الأيام" غرفة الأخبار:

> ​لم تأت تدوينة الكاتب اليمني، نبيل حيدر، وهو يدعو القادرين على شراء كبش العيد لإبقائه لدى الجزار حتى موعد ذبحه، في سبيل التفكه، بل جاءت تعبيرًا عن واقع اقتصادي بالغ السوء يعيشه اليمنيون في السنة العاشرة حرب؛ والتي أصبح معها غالبيتهم غير قادرين على شراء كبش العيد؛ وبالتالي فشراء البعض من القلة المقتدرة كبش العيد، وحمله إلى منزله، وارتفاع صوت ثغائه، يمثل- من وجهة نظر حيدر- استفزازًا لمشاعر الغالبية اليمنية المحرومة؛ بمن فيهم الأطفال الذين سيدفعهم سماع صوت كبش العيد لمساءلة آبائهم عن كبش عيدهم الذي غاب منذ سنوات عديدة.

وفي المقابل كتب الصحافي، محمد السياغي، تدوينة تفكه فيها من تراجع أجواء العيد في صنعاء لدرجة قال إنه صار يشعر وكأن معظم اليمنيين صاروا نباتيين، في إشارة إلى عجز الغالبية عن شراء كبش العيد، وتراجع الإقبال على أسواق الماشية قبيل حلول العيد.

ومثله تندر مرزوق عبدالملك، من افتقاد حواري صنعاء لأصوات كبش العيد، ذلك أن ارتفاع وتداخل أصوات كبش العيد كانت ملمحًا من ملامح عيد الأضحى في المدينة، لكن هذه الملامح ـ كما يقول ـ غابت تمامًا لدرجة لم يعد مألوفًا لدى الناس شراء كبش العيد وسماع صوته في الحارة، بعد ما كان ذلك جزءًا من أجواء استعداد الناس للعيد قبل الحرب.

نتيجة تراجع القدرة الشرائية لدى اليمنيين، والتي تسجل كل عام، خلال الحرب، تراجعًا إضافيًا مع الارتفاع المستمر لمؤشرات الفقر وصولًا إلى 80 في المئة، شهدت أسواق اللحوم في صنعاء كسادًا لافتًا تسبب في تراجع أسعارها عما كانت قد وصلت إليه حتى العام 2022.

فبعد ما كان الكيلوغرام من اللحم البقري قد وصل سعره إلى ستة آلاف ريال (أقل من عشرة دولار أمريكي) صار اليوم بثلاثة آلاف وخمسمئة ريال (زهاء 6 دولارات أمريكية) ومثله تراجع أسعار الكبش، والتي كان قد وصل سعر الحجم الكبير منه إلى أكثر من مئة ألف ريال (أكثر من 200 دولار أمريكي) بينما صار سعره اليوم أقل من مئة ألف، وإن كانت الأحجام تراجعت، لكنه حرص من التجار على توفير أحجام مناسبة لإمكانات محدودي الداخل، كموظفي الأجهزة الحكومية، والذين صاروا خلال الحرب معدومي الدخل، جراء توقف صرف المرتبات الحكومية في معظم مناطق البلاد؛ الأمر الذي دفع غالبيتهم إلى العزوف عن شراء كبش العيد أو حتى شراء اللحم إلا في نادر الأيام الاعتيادية.

محمد، تاجر مواشي بالجملة في سوق نقم المركزي بصنعاء، تراجعت مبيعاته من الأضاحي، من خمسة آلاف رأس قبل الحرب خلال عيد الأضحى إلى أقل من ألف رأس خلال العام الماضي. قائلاً: «لم يعد في مقدور معظم الناس شراء كبش العيد، وقلة قليلة من محدودي الدخل صاروا يساهمون في ثور بسهم صغير لم يعتده الناس قبل الحرب؛ وهو سهم لا يجزي كأضحية؛ لكنه يوفر لهم بعضًا من لحم العيد».

وأضاف: «ما وصلنا إليه لم يكن متوقعًا، ولم يكن في بال أي يمني».

يقول الصحافي أحمد عبدالعزيز، إن آخر مرة اشترى كبش العيد كان في العام 2016: «صرنا نحرص على توفير الاحتياجات الضرورية، بعدما أخرجنا اللحوم من القائمة في الأيام العادية، ما بالك في العيد».

على الرغم من ذلك؛ يتميز اليمنيون بالقدرة على مقاومة الواقع، والتأقلم مع أوضاعهم، مهما بلغت قسوتها؛ ولهذا يحرصون على إحياء طقوس عيد الأضحى بإمكاناتهم المتاحة، من خلال التنافس في تنظيف وتلميع المنازل وإعداد الكعك بأصناف مختلفة، والحرص على توفير جعالة العيد، بما يتناسب مع أوضاعهم، وكذلك الحال مع الملابس الجديدة للأطفال، التي يحرص الآباء على توفيرها في ظل كساد تعيشه الأسواق، بما فيها أسواق الملابس، التي صارت تحرص على توفير ملابس بأسعار مخفضة؛ وهي عادة ملابس تكون في الغالب تصفية مصانع؛ لكنها توفر احتياجات الناس بأسعار معقولة.

حتى على مستوى لحم العيد، يحرص معظم محدودي الدخل على الاستعاضة بكبش العيد بشراء اللحم بالكيلوغرام.

وكعادتهم في تحويل أسوأ حالات يعيشونها على فكاهة، كحالة من حالات رد الفعل تجاه الوضع الذي يعيشونه؛ يتبادل اليمنيون مع كل مناسبة العديد من النكات، ولهذا كان كبش العيد بطلاً لعديد من النكات الرائجة في منصات التواصل الاجتماعي خلال أيام ما قبل عيد الأضحى.

الملمح الثاني من ملامح تراجع أجواء عيد الأضحى في اليمن جراء الحرب هو تراجع سفر الغالبية من اليمنيين إلى الأرياف لقضاء العيد مع أحضان العائلة الكبيرة، حيث يلتقي الجميع في بيت واحد خلال هذا العيد. وهو تقليد دأب عليها اليمنيون في المدن منذ عقود، إذ يقضون عيد الأضحى في أريافهم. وكانت المدن تصبح نتيجة هذا خلال العيد شبه خاليه من السكان؛ لكن الواقع حاليًا أن الكثير لم يعد قادرًا على السفر للأرياف لما يتطلبه ذلك من مال لم يعد متوفرًا؛ وبالتالي تبقى المدن اليمنية مزدحمة بسكانها خلال عيد الأضحى على غير العادة التي كانت دارجة قبل سني الحرب.
القدس العربي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى