لماذا يتطير هؤلاء من دعوة الانتقالي الجنوبي للحوار؟
رفْضُ بعض الشخصيات الجنوبية الدعوةَ لإجراء حوار جنوبي شامل بالداخل والخارج التي أطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي، شكل صدمة ومفاجأة كبيرتين لعامة الناس، فضلاً عن النخب الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسة، خصوصاً أن بعضاً من تلك الشخصيات الرافضة لهذه الدعوة لا تنفك من إطلاق دعوات لحوار جنوبي جنوبي، بل لحوار جنوبي مع كل القوى الشمالية بمن فيهم الحوثيون.
أي حوار، وفي أي مكان وتجاه أي قضية كانت في حال أن اتخذناه شرعةً ومنهاجاً في تعاملاتنا على كل صعد حياتنا بما فيها السياسية باعتباره قيمة حضارية سامية، ومظهراً من مظاهر الرقي الإنساني، ووسيلة من أنجع الوسائل للتقريب بين المختلفين سواءً أكانوا أفراداً أو كيانات، سيوفر علينا عناء الخصومات والفرقة والضغائن التي تفضي دوماً إلى مآسٍ كارثية، ويفتح أمامنا آفاقاً رحبة نحو المستقبل كمفتاح للخير مغلاق للشر. فالوضع المؤسف الذي نحن فيه اليوم ما هو إلا نتاج طبيعي ومولود شرعي لغياب الحوار ولعدم القبول بالآخر، والتأفف منه، أو مجرد الالتقاء به والاستماع له مباشرة، فمجرد التقاء الفرقاء تحت سقف واحد وجهاً لوجه على طاولة ومجلس واحد سيبدد كثيراً من حالة التوجس من الآخر ويذيب جليد فكرة التصور السلبي المسبق، والتي علقت في الذاكرة جراء حالة الشحن والتضليل طيلة السنوات والمنعطفات الماضية إن لم يحقق هذا هدفه الرئيس، إلا أنه كما أسلفنا لا يخلو من المكاسب، أو لنقل في أسوأ حال لن يكون فيه خسارة لأحد، فلماذا كل هذا التمنع وهذا التطير من حوار لن يضر أحداً إن لم ينفعه؟