سئم العالم حرب اليمن فأين رؤية الجنوبيين لتحقيق هدفهم؟

> كتب/ المراقب السياسي

> الانتقالي أمام محك تمثيل جميع الجنوبيين وبحاجة لكفاءاتهم
ماذا أعد الانتقالي لمواجهة اليوم التالي لشكيل الحكومة والتفاوض النهائي؟

> إن مرحلة المفاوضات المتعلقة باتفاق الرياض ولاحقاً آليته التنفيذية بكل سلبياتها وأخطائها انتهت إلى ما انتهت إليه سلباً وإيجاباً، ولايزال السياسيون التابعون للمجلس الانتقالي أو الشرعية اليمنية قابعين بفندق في الرياض بانتظار تشكيل الحكومة القادمة.

إن تشكيل الحكومة القادمة أمر بالغ الأهمية لكل أبناء هذا الوطن المكلوم والممزق بالحروب، لكن العراقيل يتم وضعها واحدة تلو الأخرى، بينما تنتظر المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي بصبر شديد بدأ ينفد مؤخراً، والسياسيون التابعون لكل الأطراف في الرياض غير مدركين لخطورة وضعهم الحالي.

في الداخل تدهورت العملة حتى بات المواطنون المقتدرون غير قادرين على سد احتياجاتهم واحتياجات أسرهم، بينما ازداد الفقراء فقراً على فقر.. والمظاهرات المنددة بغلاء المعيشة التي شهدتها لحج لن تطول مدتها قبل أن تنتقل إلى عدن وباقي مناطق البلاد، بينما القابعون تحت المكيفات في الرياض غير آبهين بكل ما يعتمل في الداخل ولماذا يكترثون؟! فالمواطن قد قبل قدره واستكان، وساكت عن انتهاك جميع حقوقه الدستورية في العيش بكرامة.

وعلى افتراض أن الحكومة الجديدة التي نص عليها اتفاق الرياض 2019م تم تشكيلها فعلاً، يظل السؤال الحقيقي هل يستطيع أعضاء هذه الحكومة العمل مع بعضهم البعض، أم أن البلاد ستواجه حكومة محاصصة لبنانية جديدة في اليمن
تعطل أكثر مما تنجز؟

وهل يستطيع هؤلاء الوزراء الجدد الانتقال مع أسرهم للعيش بين أقرانهم من المواطنين؟ هل يتحملون انقطاعات الكهرباء؟ هل يتحملون انقطاعات الماء؟ هل يخرسون أفواههم التي تبرر فشلهم تلو الفشل في الحكم وترميه على الآخرين؟

الأمر الوحيد الأكيد هو أن صبر السعوديين على وشك النفاد، ولن نستغرب أن نجد أولئك السياسيين، الذين يعتقدون واهمين أنهم سيعيشون في السعودية إلى أبد الأبدين على حساب الدولة السعودية، عند بوابة الحدود في الوديعة هم وأبناءهم ونساءهم مطرودين للداخل الذي خربوه بأفعالهم. فالمملكة لا تحتاج سوى للرئيس عبدربه منصور هادي، فهو الشرعية ولا شيء غيره شرعي.

دستورياً وقانونياً فإن سلطات الدولة منبعها هو الشعب، وقد أصبحنا في اليمن جنوباً وشمالاً أمام دولة لا سلطة لها سوى اعتراف الدول الشقيقة والأجنبية بشرعيتها.. ودخول الحركات السياسية سواء المجلس الانتقالي الجنوبي أو "الحوثيين" فيها كأطراف سياسية تنتقص من شرعية الطرفين الأخيرين على الأرض في الداخل، وهي مخاطرة كبيرة لهذين الطرفين.

سيمر طريق إيقاف الحرب في اليمن بثلاث محطات؛ الأولى هي تشكيل الحكومة، يلحقها التوقيع على الإعلان المشترك ثم مفاوضات الحل النهائي. وبعد تشكيل الحكومة ربما يتم التخلص من الإعلان المشترك لصالح الذهاب مباشرة إلى مفاوضات الحل النهائي.

لقد قامت معظم دول العالم، بما فيها المملكة، بوقف كل الدعم المالي لليمن حتى يتم تشكيل الحكومة، ولهم الحق في ذلك، فكل ما قدموه خلال السنوات الماضية انتهى في جيوب الفسدة ولا بد من حكومة يستطيع العالم محاسبتها.

السؤال الأول الذي يطرح نفسه اليوم هو ما الذي أعده المجلس الانتقالي الجنوبي لمواجهة استحقاق تشكيل الحكومة؟ أي ماذا سيفعل المجلس في اليوم التالي لتشكيل الحكومة؟
والسؤال الثاني هو ما الرؤية التي أعدها المجلس الانتقالي لمفاوضات الحل النهائي؟

إن إجابة السؤال الأول والثاني تتطلب تقييم مدى التفاف الجنوبيين بكل أطيافهم حول المجلس الانتقالي، فالعمل الإداري والسياسي يحتاج إلى عقول تفكر وتضع الخطط، والجنوب زاخر بالكفاءات التي همشت ولم يلتفت إليها أحد حتى أصبحت هذه الكفاءات مقتنعة بأن لا دور لها في صناعة المستقبل.

لم يقم المجلس الانتقالي بالعمل اللازم للتقارب مع المكونات والأفراد الجنوبيين طول الثلاث السنوات الماضية، بل اكتفى بتطوير المقدرات العسكرية على حساب القدرات السياسية، ونلتمس العذر للمجلس الانتقالي على الدوام، فالمجلس يعمل في بيئة مدمرة تماماً، لكن التقدم نحو المستقبل لا ينبغي أن يسير بنفس الطريقة.

وسيحتاج المجلس الانتقالي جميع دهاة السياسة الجنوبيين إذا ما قرر الاستمرار للأمام في مفاوضات الحل السياسي حتى في مفاوضات الإعلان المشترك، فكيف يمكن للمجلس أن يدخل مصالح الجنوب إلى عملية هي بالأساس مصممة للشرعية والحوثيين كطرفين وحيدين؟!

وهنا يكون مربط الفرس، فالعمل السياسي المنظم هو الحل الوحيد أمام المجلس، أما العمل السري الذي لف مفاوضات الرياض حتى اللحظة فلن يكون نافعاً، فالقصور في أداء المجلس عوضه ضعف الأطراف السياسية الأخرى وتخبطها في بعض الأحيان مما خدم أهداف المجلس بدون قصد أو تخطيط مسبق.

وعمل أي فريق تفاوضي سياسي بدون مستشارين سياسيين حاضرين لتقويم وإصلاح أداء المفاوض هو انتحار سياسي ليس بإمكان الجنوب تحمله الآن.

لنتخيل أن الحوثيين سيطروا على محافظة مأرب، بماذا استعد المجلس الانتقالي لمثل هذا الزلزال السياسي؟
إن التفويض الممنوح للمجلس من قبل أبناء الشعب محدود، ولا يحتمل أي أخطاء تطيل أمد معاناة أبناء الشعب، ومن واجبنا جميعاً التكاتف لإنجاح أداء المجلس الانتقالي، ليس دعماً للأشخاص الموجودين فيه، وإنما دعماً لهدف الجنوبيين جميعاً في الوصول إلى وطن نعيش فيه جميعاً بكرامة.

يجِب ألا يسمح الجنوبيون بتكرار تجارب الماضي، فقد علمتهم السنون وتجارب الماضي السوداء أن المواطنة المتساوية وحكم النظام والقانون هي المخرج الوحيد.

العالم ينتظر منا رؤية وطنية شاملة تحقق جميع أهداف الجنوبيين بالسياسة بعيداً عن الحرب، وستدعم المملكة العربية السعودية والإمارات ودول العالم الحر مثل هذه الرؤية، فالجميع قد سأم من الحرب ويرغب في وقفها.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى