الحوثيون يأخذون البحر رهينة ويتراجعون عن "اتفاق صافر"

> ​بررت الميليشيات التي تسيطر على الميناء الغربي قرارها باشتباه صلة أعضاء بعثة الصيانة الأممية بعلاقة مشبوهة مع واشنطن
البحر صار رهينة في صفقة سياسية لا يبدو أنها ستنتهي قريباً، إذ أعلنت الحكومة اليمنية الشرعية "تراجع ميليشيات الحوثي" عن السماح لفريق أممي بالوصول إلى ناقلة النفط صافر، في رفض جديد من شأنه رفع منسوب الخطر الذي يوشك على إحداث واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في العالم.

وجاء ذلك على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، الذي كشف أن "ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تتراجع من جديد عن اتفاق وقعته مع الأمم المتحدة بالسماح لفريق أممي بالصعود إلى ناقلة النفط صافر، وتقييم الوضع الفني بصيانتها أو تفريغ حمولتها التي تزيد على مليون برميل نفط، الذي كان مقرراً مطلع فبراير المقبل".

ملف للابتزاز
وفي تفسير حكومي للرفض الحوثي المتكرر أكد الإرياني، في سلسلة تغريدات على صفحته بـ"تويتر"، أن تراجع ميليشيات الحوثي المتكرر عن التزاماتها يؤكد اتخاذها ناقلة النفط صافر ملفاً لـ"ابتزاز المجتمع الدولي والحصول على مكاسب سياسية" من دون اكتراث بالتحذيرات من المخاطر الكارثية البيئية والاقتصادية والإنسانية الناجمة عن تسرب أو غرق أو انفجار الناقلة.

وطالب الوزير اليمني، المجتمع الدولي وفي المقدمة الدول الأعضاء بمجلس الأمن بـ"موقف واضح" من مراوغة الميليشيات في ملف صافر، وممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين، لمنع حدوث كارثة وشيكة، ودعم جهود الحكومة وتلبية المطالب الشعبية بتصنيفها "منظمة إرهابية".
والأربعاء، قالت الأمم المتحدة إن خبراءها سيصلون إلى الناقلة صافر أوائل مارس المقبل، إلا أن الحوثيين أعلنوا بعد ذلك اعتزامهم منع الفريق الأممي الخاص بصيانة الخزان النفطي من القيام بمهامه حال ثبت وجود صلات مشبوهة له بالولايات المتحدة، وذلك بعد أن حدث نوع من التقدم في هذا الملف خلال الفترة الماضية.

جاء ذلك في تغريدة لنائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها حسين العزي على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
وفي تفسيرهم للرفض، قال العزي "في ظل تطورات الموقف العدائي الأميركي تجاه بلدنا وشعبنا، نبذل حالياً جهوداً حثيثة للتأكد من عدم وجود أي صلة مشبوهة تربط الفريق (الأممي) بواشنطن"، في إشارة إلى القرار الأميركي بتصنيف الجماعة منظمة إرهابية، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الحالي.

كما اتهم الأمم المتحدة بـ"التأجيل الأحادي المتكرر" لموعد وصول الفريق الأممي الخاص بصيانة الناقلة، وتقديم مطالب جديدة خارج الاتفاقات السابقة.
ويأتي هذا الموقف على الرغم من تأكيد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عزم حكومته على إعادة النظر في التصنيف، حتى يجري فسح المجال للمساعدات الإنسانية الأممية.

قبل أن تقع الكارثة
ولطالما أطلقت الحكومة اليمنية الشرعية تحذيراتها المتواترة من نفاد الوقت، بسبب تعنت جماعة الحوثي المدرجة على اللائحة الأميركية للتنظيمات الإرهابية، لمعالجة كارثة خزان "صافر" النفطي العائم قبل وقوعها.

وأكدت أنها تنتظر من المجتمع الدولي "مزيداً من الضغوط على الحوثيين"، للسماح للفريق الأممي بالوصول إلى السفينة بميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة بالبحر الأحمر، وبدء حل المشكلة من خلال الشروع في تفريغ الخزان من النفط في أقرب وقت استباقاً لوقوع الكارثة البيئية في حالة انهيار الخزان لأي سبب من الأسباب.

ومن الجدير ذكره هنا، أن الباخرة صافر دخلت الخدمة قبل 45 سنة، وتستخدم كمنصة تخزين نفطي عائمة، محملة بنحو 1.1 مليون برميل من النفط الخام يقدر ثمنها بنحو 40 مليون دولار يسعى الحوثيون، بحسب تصريحات حكومية، للحصول على هذا المبلغ مقابل السماح بتفريغها. إلا أن ما يزيد من مخاطرها البيئية كونها لم تخضع لأي أعمال صيانة منذ 2015، ما أدى إلى تآكل هيكلها وتردي حالتها.
وفي 27 مايو الماضي، تسربت المياه إلى غرفة أنبوب التبريد بحسب خبراء، وباتت مهددة في أي لحظة بالانفجار أو الانشطار، ما سيؤدي إلى تسرب حمولتها في مياه البحر الأحمر. كما أظهرت صور من الأقمار الاصطناعية، أخيراً، بدء حدوث تسرب نفطي من الخزان.

الـ40 مليوناً وأهداف سياسية
ما يفسر هذا التعنت الحوثي، سعيهم للحصول على قيمة حمولة الباخرة من النفط الخام المقدر بنحو 40 مليون دولار، إضافة إلى أهداف واشتراطات سياسية أخرى. إذ تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بالسماح بتزايد خطر وقوع كارثة، لتأمين الحصول على قيمة النفط في الناقلة.
كما سبق ودعا رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، المجتمع الدولي إلى التحرك ضد الحوثيين، على خلفية عرقلتهم تفتيش الناقلة وصيانتها. معتبراً أن قيمة النفط يجب أن تنفق على المشاريع الصحية والإنسانية.

وعلاوة على قيمة الحمولة، يشير الرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن عبد القادر الخراز، إلى وجود "أهداف سياسية" أخرى للحوثي خدمة له ولحليفته إيران التي تواجه ضغطاً دولياً واسعاً إزاء مشروعها النووي.
يقول الخراز، "الحوثي لا تهمه المخاطر التي سيعانيها الشعب اليمني ولا العواقب البيئية الكارثية التي قد تحدث للناقلة بقدر ما يهمه تحقيق مزيد من الشروط التي يضعها على الأمم المتحدة، سواء لمصلحته أو لمصلحة داعميه الرئيسيين في إيران".

ويؤكد أن الإبقاء على استخدام الحوثيين الناقلة صافر كورقة ابتزاز وتأخر إجراء أعمال الصيانة اللازمة لها، "يرفع من مخاطر احتمال انفجارها أو تسرب محتوياتها إلى مياه البحر" في أي لحظة، ما يهدد بوقوع أكبر كارثة بيئية في العالم تمتد آثارها المدمرة للإنسان على السواء.

ويرى الخراز أن الأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث "يتحملون جزءاً من المسؤولية". موضحاً "غريفيث اقترح على الحوثيين السماح للفريق الأممي بالكشف عن الباخرة حتى تنتهي فترة الرئيس الأميركي ترمب في عملية تمويه وكسب مزيد من الوقت، ليواصلوا ابتزازهم للمجتمع الدولي الذي ظل يضغط على الحوثيين بالسماح للفرق الدولية بإجراء عمليات الصيانة اللازمة للباخرة فجرى تخفيف الضغط بالسماح لفريق الخبراء بتقييم الباخرة على أن يواصلوا ابتزازهم للمجتمع الدولي".

ومنذ سنوات تحاول الأمم المتحدة تأمين هذه السفينة للحيلولة دون حدوث تسرب نفطي كارثي، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب رفض الحوثيين، الذين يسيطرون على ميناء رأس عيسى حيث ترسو الناقلة قبالته. وعقب ضغط دولي واسع، أعلن الحوثيون في نوفمبر  الماضي الموافقة على السماح للفريق بالصعود إلى الناقلة في يونيو 2020، قبل أن يتراجعوا عن التزاماتهم.

إندبندنت عربية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى