​سُلطة لا تهزها الفضائح

>
​تَطايرت أصداء زلزال فضيحة البنكِ المركزي وهزّت الأصقاع، خصوصاً ومصدر الفضيحة هو تقرير للجنةٍ مُتفرّعة من لجنة العقوبات التّابعة لمجلس الأمن الدولي، مع ما تناثرَ عن هذا التّقرير من شكوكٍ في صدقيتهِ في بعض جوانبه، لكنّ اللجنة لم تَغُص في كل حيثيّات مُسببات إفقار شعبنا، مثلاً: التّدمير المُتَعمّد للمرتكزات الاقتصادية المحورية كمصفاة عدن، أو النّهب الشّرِه من عائدات نفط البلاد و... و...، وإلّا لكانت الفضيحة أكبر هَولاً ووقعاً.

* مُشكلة هذه السلطة وأصل كارثتها أنّها تَحصرُ تعييناتها على الأتباع (الموالي) في كل المفاصل الحسّاسة في الدولة، كل ذلك من أجل الإطباق المُطلق على البلاد، ويحدثُ هذا تحديداً من قِبلِ طوق الإخوان المُمسكين بِخناق رأس السلطة بعد ذلك لا يهم إن مارس هؤلاء المعينون الفساد والعبث و... و...، فالأهم أن يكون الكِبار مُحكمين قبضتهم على البلاد وحسب!

* دَولتنا دولة مُهلهلة أصلاً، وهي مَوسومة بالعبثِ في كل النّواحي، هذا ليس مع هذه الحرب وحسب، بل هو منهاج مُتَأصل في كينونتها، وشمالاً منذ ما قبل هذه الوحدة الفاشلة مع جنوبنا، وبعدها تفاقم العبث والفساد وازدادا تغولاً وشَرهاً، والسلطة لم تُحاسب فاسداً مُطلقاً، هذا يعرفهُ الكل هنا.

* من غرائب أداء هذه السلطة، فَهل هناك فضيحة أكبر من فضيحة صرف مُرتبات (مسألة روتينية بَحتة) بأمرٍ رئاسي؟! هُنا يظهرُ شَطط الإيغال الأرعن في الرّغبة لِتقمّص دور رأس الهرم المنقذ! نعم، إلى هذا الحد من الإسفاف في مستوياتهِ الدنيا يصلُ تفكير سُلطتنا، وهذا يبرزُ مَحدودية وضآلة فِكر إدارة دولة مؤسّساتية حَقّة في ذِهنيّة هذه السلطة!

* لذلك أيضاً لا وُجُودَ فعليا لمؤسّسات رقابة (فاعلة حَقاً) في بُنية الحكومة (جهاز مركزي لمراجعة الحسابات، هيئات مكافحة الفساد... إلخ) كي تُنبّه الحاكم إلى بوادر الاختلالات الجسيمة في الأسفل مبكراً، وقبل أن تحدث مثل الفضيحة المُجلجلة كما في تقرير لجنة الخُبراء بشأن البنك المركزي، كل هذا على الرغم من كل الشّواهد الحيّة على حجم الاختلال في أداء هذا البنك، وكذلك تناولات مُتخصصين ماليين تطرّقوا إلى هذا الجانب، ناهيكَ عن التنبيهات والصّرخات التي حَفَلت بها الصحافة في نفس الموضوع، كل ذلك لم يُحرّك ساكناً لدى هذه السلطة!

* بالفعلِ كانت فضيحة البنك المركزي مُدويّة، وكما سبقَ وأشرنا حتى إنْ شَابَ تقرير اللجنة الدولية شيء من الشكوك لِجهة مَصدر معلوماته، أو تَوجيهه لاتّهاماتٍ يُقالُ إنّها كيدية بِحقّ بعض القطاعات الفاعلة في اقتصادنا من القطاع الخاص وخلافه، كل هذا جائزٌ، مع كل ذلك من الثّابت أنّ ثمّة تلاعبا وعبثا من بعض الأطراف المُعيّنة في المجال الاقتصادي، وكذلك من بعض النّافذين في البنك وخلافه، وهذا هل يرسل إنذار خطورة إلى رأس السلطة حتى يُعيد النّظر في أسلوب تعييناته للكادر عموماً في المواقع الحسّاسة؟ لا أعتقدُ ذلك مطلقاً، أليس كذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى