كلمة اليوم.. وعود سرابية

> نائب رئيس التحرير

> تظاهرات عدن صباح أمس لم تكن في حسبان المسؤولين في الرياض، وعندما حدثت لم يفهموا دوافعها أو الغرض منها، لذلك عمدوا إلى الاستهزاء بها أمام الديبلوماسيين الغربيين.

إن التظاهرات التي شهدتها عدن صباح الأمس وأمس الأول في سيئون هي البداية وليست النهاية، وسيتدهور الوضع أكثر وأكثر ما لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة الاختلالات الحاصلة اليوم.. ما شهدناه أمس هو كرة ثلج صغيرة تدحرجت وستكبر بمرور الوقت.

لقد وصلت الحكومة الجديدة إلى عدن في 30 ديسمبر الماضي تلفها آمال عريضة من المواطنين الذين عولوا على البدء في البناء بعودة الحكومة، وخصوصاً أن التصريحات الرسمية لدول التحالف بدعم الحكومة الجديدة دعمت تلك الآمال، ووصل ترحيب الشعب بها حد محاولة الحوثيين إبادتها لحظة وصولها إلى مطار عدن الدولي.

بعد شهرين ونصف من وصولها بدا للجميع أن التحالف قد تخلى عن الحكومة، وتبخرت كل الالتزامات التي قطعت لها قبل تحركها من الرياض، تماماً مثلما حصل مع محافظ عدن قبلها.

إن الوعود التي قدمت للحكومة كانت كفيلة للبدء ببرنامج إصلاح طموح يوصل البلد إلى البدء بالتحرك نحو المستقبل، لكن كل شيء تبخر وتدهور سعر صرف العملة مقابل العملات الأجنبية، ما أدى إلى تدهور كبير في مستوى المعيشة، وتوسعت دائرة الفقر والفساد في شهرين فقط إلى حدود جديدة لم نشهدها من قبل.

خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة ركزت منظومة إعلام الأمم المتحدة على الحديث عن المجاعة الهائلة القادمة لليمن بهدف التمهيد لمؤتمر المانحين الذي خرج بخفي حنين، ولم يجمع حتى نصف المبلغ المطلوب، أي أن العالم لم يصدق كل ذلك النحيب.

إن صلاح الحال اليوم يعتمد بشكل أساسي على إصلاح البلد من الداخل ابتداء من القمة، ويتطلب ذلك من دول التحالف استثمارات كبيرة لإعادة هيكلة الدولة وأجهزتها، أما التجاهل والتمني أن يصلح الحال من تلقاء نفسه، فذلك ضرب من الخيال.

إن التخلي عن الحكومة اليوم يعني انهيار اتفاق الرياض ليلحق باتفاق ستوكهولم، فهل تريد المملكة الفوضى التي ستلحق مثل هذا الانهيار، وشبوة خير دليل على عدم تطبيق اتفاق الرياض.

لقد صبر المواطن سنتين، بينما كان السياسيون يتفاوضون في الرياض للوصول إلى اتفاق، والآن يطالب المواطن بالإصلاحات وتكلفتها أقل بكثير على دول التحالف من الخيار الآخر، وهو انهيار الدولة بالكامل وتمكين الحوثيين مما لم يستطيعوا تحقيقه عسكرياً.

أما الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة فيجب عليها مواجهة ومعاقبة أعضائها الضالعين، ومن سبقهم في الفساد المستشري اليوم الذي سيؤدي إلى فشل الجميع.

إن الاحتجاجات كانت رسالة واضحة بوقف العبث، والمواطن سيصبر إذا ما لمس تغييراً جذرياً نحو الإصلاح، أما مطالبته بالموت جوعاً، والسكون بانتظار وعود لا تتحقق فهذا لن يحدث، وليس عليه ملامة وتوقعوا الأعظم منه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى