الخيّامية.. صناعة تتحدى الزمن تزدهر في رمضان

> «الأيام»"النهار العربي":

> في منطقة باب الخلق بالقاهرة وتحديداً في شارع الغورية، يكمن شارع الخيامية الذي عُرف بهذا الاسم لانتشار صناعة الخيام فيه، والتي كانت مشهورة بكثرة خلال عصر المماليك، وهو من الأسواق التاريخية المغطاة بسقف من ألواح مصنوعة من الخشب ومزخرف بأقمشة الخيام، وبمجرد دخولك الشارع تجد العديد من الورش التي اصطفت بجانب بعضها بعضاً والمتخصصة في إبداع هذا الفن التراثي العتيق.

عرف هذا الشارع في العصر الفاطمي، وكان يتكون من طابقين، إذ كان يتم غلق باب زويلة في الليل ليتم فتحه في النهار ثانية، وكان التجار يدخلون منه ليباشروا أعمالهم وتجارتهم، وكانت الأماكن التي توجد بها الورش الآن مكاناً للخيول أو أسطبلاً، أما الطابق الثاني فكان مخصصاً لمبيت بعض التجار القادمين من المغرب وبلاد الشام، وكانت لكل تاجر خيمة خاصة به يستخدمها في السفر، ويقوم بإصلاحها في هذه المنطقة، وكان هناك حرص على أن تكون كل خيمة مختلفة عن خيام التجار الأخرى وبذلك بدأت تنتشر مهنة الخيامية.

الخيامية في الأصل هي فن مصري أصيل وقد اشتقت الكلمة من خيام، وهذا الفن عبارة عن صناعة الأقمشة الملونة المستخدمة في إقامة السرادقات، وقد يعود تاريخ هذه المهنة للعصر الفرعوني ثم ازدهرت بشكل كبير في العصر الإسلامي بخاصة المملوكي، وتعتبر الخيامية من أول الأعمال اليدوية التي عرفها الإنسان وامتهنها لكي يصنع مكان إقامة له من القماش خلال ترحاله، بخاصة بعد صناعته الأكواخ.

وشهدت صناعة الخيام تطوراً ملحوظاً منذ عصر الدولة الفاطمية، بعد أن طور شيوخ الصنعة منتجاتهم وتمت الاستعانة بالأقمشة الملونة التي تحتوي زخارف عربية، في صناعة الخيامية، ثم بعد ذلك تم إدخال بعض الرسوم والزخارف المستوحاة من المعابد والجوامع والكنائس، ودخلت بعدها الخيامية في صناعة بعض المستلزمات المنزلية مثل "الخداديات" ومفارش السرير والمعلقات التي تلصق على الجدران.

وتُعد الخيامية من أكثر المظاهر الأساسية المعبرة عن شهر رمضان في مصر، فبمجرد أن يأتي الشهر الكريم تلقى صناعة الخيامية ازدهاراً ليس له مثيل، إذ يكثر الطلب على الأقمشة الملونة والمنقوشة لتستخدم في إقامة خيام رمضان، وكذلك السرادقات الخاصة بموائد الرحمن، كما تشتهر في عروض التنورة وتلجأ إليها المحلات والمطاعم لتزيين واجهاتها، أما أشهر السنة الباقية فتستخدم في إقامة سرادقات العزاء وكذلك الأفراح وأيضاً الدعاية.

قديماً كانت الخيامية مرتبطة بكسوة الكعبة التي يتم تزيينها بخيوط من الذهب والفضة، وكانت تحرص مصر على تصنيعها حتى ستينات القرن الماضي، لترسل بعدها إلى السعودية على مجموعة من الجمال في موكب ضخم يُطلق عليه اسم المحمل، إذ تم إنشاء أول مؤسسة تتولى هذه المهمة أطلق عليها إدارة الكسوة، وكان مكانها منطقة تحت الربع.

وفي الماضي، انتشرت بعض الطقوس المميزة عند انضمام أي حرفي خيامي جديد لهذه الحرفة، إذ كان يتم عمل اجتماع لكل العاملين بالخيامية مع شيخهم ليبدأوا في رؤية ونقد أعمال الشخص الخيامي الجديد، وإذا اتفقوا على أنها جيدة وترقى للمستوى المطلوب لا يبقى للحرفي إلاّ إقامة عزومة للاحتفال بانضمامه، يحضرها جميع العاملين بهذه الصناعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى