خسارة بطعم العلقم

> أحمد حرمل

> تتوالى علينا النكبات، وتتالى علينا الأحزان، وكل يوم يمر نفقد قريبًا” أو عزيزًا، يدمي رحيله قلوبنا، ويعكر الحزن حياتنا، ويعتصرنا الألم.
في ثاني أيام رمضان الموافق لـ 13 أبريل 2021، رحل عنا الأستاذ خالد صالح حسين، رحيلًا أوجعنا كثيرًا” فعلاقتي بالفقيد خالد ليست علاقة عابرة، فقد كان بالنسبة لي الأخ والصديق .. الزميل والرفيق.

كان الأخ الموجه، والصديق الناصح، والزميل المحفز، والرفيق الحريص، ولذا كانت الخسارة بالنسبة لي فادحة.. خسارة بطعم العلقم.
رحل عنا الكابتن خالد صالح، الجميل بابتسامته، الكبير بطموحاته وحلمه، المقتدر في قيادته، الرائع بأفكاره، الحاسم في قراراته، الواضح في مواقفه، المرن في علاقاته، الديناميكي في نشاطه، المتميِّز في سلوكه النبيل بقيمه ومبادئه.

لا أدري عن ماذا أكتب؟ هل أكتب عن خالد صالح اللاعب والهدَّاف المتألق؟ أم عن خالد صالح التربوي، رُبَّان فريق التوجيه الفني في مكتب التربية الضالع، موجه مادة الرياضيات، أم عن خالد صالح الصحفي الرياضي المبدع، أم عن خالد صالح القائد الرياضي المحنك، أم عن خالد صالح السياسي الحصيف، أم عن خالد صالح الإنسان صاحب القلب الرحيم والروح النقية.

جمعتني بالفقيد خالد صالح علاقة متميزة سواءً كانت في تلك السنوات التي عشناها في صنعاء، بحلوها ومرها، أو ما قبلها وما بعدها، حيث كنا على تواصل إلى ما قبل وفاته بيوم.

آخر لقاء جمعني بالكابتن خالد صالح كان في أكتوبر الماضي، في العاصمة المصرية القاهرة، يومها دعانا الكابتن جلال عبادي إلى وجبة غداء في المطعم اليمني، وكان معنا الدكتور علي السنمي، وشاكر حرمل، وبعد تناول وجبة الغداء، كان معنا موعد مع الدكتور أحمد علي عبداللاه، في منتزه المعادي، ذهبنا للقاء الدكتور أحمد باستثناء الدكتور علي السنمي الذي اعتذر لانشغاله.

وصلنا المنتزه قبل الدكتور أحمد علي، وما هي إلا دقائق، حتى وصل فيها الدكتور الذي فرح بنا كثيرًا” وسعد بالحديث معنا أكثر، كونه غائبًا عن الوطن منذ ثمان سنوات.

تحدثنا عن الضالع أيام حرب 2015، وعن أحوالها بعد التحرير، التي لا تختلف كثيرًا” عن المحافظات الجنوبية الأخرى، وكعادتنا لم يخلو لقائنا من الحديث عن السياسية، وعن الموقف الدولي والإقليمي، وكانت فرصة ثمينة بالنسبة لنا يجب استغلالها، للاستماع إلى الكاتب والمفكر الدكتور أحمد علي عبداللاه، سمعنا منه وسمع منا، ولم تغب خفة دم الدكتور عن اللقاء، حيث كان يعمل قفشة هنا، وأخرى هناك للكابتن خالد، كانت بمثابة فاصل مرح من القهقهات، يتقبلها خالد بابتسامته العريضة، ويرد عليها بموقف أو ذكريات في الاطار نفسه.

انتهى لقاءنا الممتع بالدكتور أحمد، وودعنا بعض البعض، واستقلينا سيارة أجرة، وعندما صعدنا على السيارة، قال لنا الكابتن خالد عن إذنكم، نمر على عيادة الدكتورة إيناس شلتوت، اختصاصية أمراض السكر، لنعرف مواعيدها على شان أجيب الزوجة إلى عندها، قلنا له ما في مشكلة قد نحن في المعادي نمر عليها، وكعادة أصحاب التاكسي في مصر، تعطيه العنوان يقول لك اطلع يابيه، دوخ بنا من شارع إلى شارع، والعداد يحسب، وأنا والكابتن جلال عبادي كنا نضحك؛ والكابتن خالد الله يرحمه كان ساكتًا، وفجأة قال لصاحب التاكسي على جنب، نزلنا هنا، جالس تلعب علينا لنا ساعة، كم حسابك؟ قال شوف العداد يا بيه، 120 جنيه دس يده في جيبه، وأخرج له المبلغ ورماه في وجهه.

مشينا خطوات شاهدنا رجل أمن يقف أمام إحدى البنايات، على ما أظن أنها منشأة حكومية، سألنا عن العنوان الذي كان مكتوبًا مع (أبو يوهان) وبورقة فدلنا على العنوان الصحيح.
غادرنا العيادة بعد أن عرفنا أوقات دوام الدكتورة في عيادتها الأخرى في الفيصل.

حاولت أن أغير اتجاه العودة، ودخلتهم شارع ترابي فرعي، وإذا بالكابتن خالد يسحبني من يدي، ويقول لي فين رايح، تشوف الشارع قدامك مظلم، والدنيا ليل، رديت عليه مازحًا” مالك يا (أبو يوهان) نحن أربعة ومن الضالع، نضارب نضرب عشرة، رد عليَّ بحدة، نحن جينا نضارب، أو جينا ندور العيادة، قلك أربعة من الضالع يا حبيبي، هنا ما يعرفوا ضالع، هذا كلام خليه داخلك باننضرب، ويشلحونا اللي في جيوبنا، والجوالات لا من شاف ولا من دري.

وحينها انفجر الكابتن جلال عبادي ضاحكًا”، وعدنا من حيث جئنا، وقفنا بالشارع، ووقفنا تاكسي، وقال أبو يوهان الفيصل طوالي.
ودعنا بعض في الفيصل، وقلنا لـ(أبو يوهان) متى نشوفك مرة أخرى؟، فقال لنا أنا جدولي مزحوم، يوم كذا عندي كذا، ويوم اللي يليه كذا.
كان مجدول نفسه، وكله حيوية ونشاط، وحرص في جدوله على عدم التفريط بمواعيد مباريات الدوري الإسباني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى