رجال في ذاكرة التاريخ: الشيخ محمد عبدالله المحامي.. أول محامٍ مسلم في عدن العظيمة
> نجيب محمد يابلي
> عدن الرائدة في شتى المضامير
يفيد الخالد الذكر عبدالرحمن جرجرة في كتابة المرجعي (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) في الصفحات 167 - 180:
تتكون ولاية عدن في اتحاد الجنوب العربي من فوهتي بركان هامد متصلتين بساحل منبسط رملي يحتوي على:
أ - شبه الجزيرة التي تقع عليها أهم مدن كريتر، رصيف وحوض السفن، المنطقة السكنية في المعلا والميناء الحديث في التواهي، ويبلغ ارتفاع أعلى قمة في شبه الجزيرة، وهي القمة المعروفة بجبل شمسان يبلغ ارتفاعها 1325 قدماً.
ب - البرزخ وخور مكسر
ج - المنطقة الرملية الواقعة بين البقعتين الصخريتين اللتين تكون كل منها شبه الجزيرة، والتي تحيط بالميناء الحديث، وتشمل هذه سلطة ضواحي الشيخ عثمان وقريتي الحسوة والعماد.
د - شبه جزيرة عدن الصغرى، حيث قامت شركة البترول البريطانية B.P بتشييد صف مصفاة حديثة للزيت.
لو وقفت أمام الصفحات 275 حتى 293 من كتاب (عدن التاريخ وعبق الماضي الجميل) لمؤلفه بلال غلام حسين، ستخرج بقناعة راسخة بأن عدن سيدة مدن الجزيرة والخليج (يستثنى من ذلك مكة المكرمة والمدينة المنورة)، حيث تقف أمام العلماء والفقهاء الذين دخلوا عدن، ونشروا العلم فيها، وأسماؤهم افترشت سبع صفحات من الكتاب.
ستقف أيضاً مع ريادة عدن للصحافة، وبلغ عددها حوالي 50 صحيفة ومجلة، وستقف أمام الفنادق ودور السينما والمكتبات والمطابع العريقة وعددها كبير.
ستقف أمام أعرق ثلاث منشآت: مطار عدن الدولي وميناء عدن الدولي ومصافي عدن، وكانت عدن مغمورة بالأضواء في حين كانت الجزيرة والخليج تشمل ذلك العهد المتوكلي، تتخبط في الظلام
أضف لذلك: ستقف أمام المجلس التشريعي المنتخب، ومحاضر اجتماعات متوفرة، وأمام مجلس عدن البلدي ومحاضر اجتماعات متوفرة، وتفوقت عدن على كافة دول الجزيرة والخليج في أصول وعراقة وجدارة المجلسين المذكورين على أي نظيرين لهما في المنطقة.
الله يسامح من أخرج عدن عن مسارها الحضري والحضاري، وأصبحت اليوم في أسفل سافلين (لا أرض ولا جبل ولا ساحل).
الميلاد والنشأة
لا توجد إشارة إلى مكان وزمان ولادة الشيخ محمد عبدالله المحامي الذي دخل التاريخ كأول محامٍ مسلم مارس مهنة المحاماة في عدن عام 1927م، واحب الفقراء واهتم بتعليم الطالب الفقير منطلقاً من أول صيحة في الرسالة المحمدية بنزول الآية "اقرا باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم"، وتفوق الإسلام بذلك على كل الديانات السماوية.
المدخل من باب الولد البار طارق
وقفت أمام "الأيام" في عددها الصادر في 29 أغسطس 2018م، وأمام المانشيت العريض "الذكرى الـ 67 لوفاة الشيخ محمد عبدالله المحامي" للشيخ طارق محمد عبدالله المحامي، وهي إعادة نفس المادة التي سبق نشرها في العدد 3354 الصادر في 25 أغسطس 2001م.
أفاد الشيخ طارق أن الراحل الكبير والده كان عضواً في المجلس التنفيذي لبلدية عدن عام 1944م، وعضواً في المجلس التشريعي عام 1944م، وعضواً في المجلس التشريعي عام 1947م، فأمين مصلحة ميناء عدن عام 1946م، وكان رحمه الله مؤسساً للجمعية الإسلامية الكبرى عام 1949م، ثم رئيساً للجنة التحقيق نيابة عن مسلمي عدن في الاضطرابات التي شهدتها المدينة بين المسلمين واليهود عقب إعلان دولة إسرائيل في مايو 1948م، وصدرت براءة المسلمين.
شغل الشيخ محمد عبدالله المحامي منصب رئيس اللجنة التنفيذية لمدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية، ورئيس مدرسة شير بن بهاي لابجي الإسلامية في الميدان بكريتر، ومؤسس ورئيس الجمعية التعليمية الإسلامية عام 1951م.
ماذا قال الحاج محمد عبدالعليم عن الشيخ محمد عبدالله؟
اتسعت مساحة شهرة الشيخ محمد عبدالله المحامي خارج حدود الجنوب العربي عندما تحدث عنه الحاج محمد عبدالعليم الصديق الذي زار عدداً كبيراً من الدول الإسلامية منها عدن، حيث استهوته أفكار إسلامية مثيرة من إحدى الشخصيات المسلمة ممثلة بالشيخ محمد عبدالله المحامي الذي رأى أن أحوال المسلمين ستنفرج بتطبيق التشريع الاقتصادي السياسي، ورأى أن تكون الوحدة الإسلامية على غرار نظام الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتمتع كل دولة فيها بحرية التعرف في شؤونها على أن تكون لها سياسة خارجية موحدة.
وفاة الشيخ محمد عبدالله المحامي حددت قيمته
غادر الشيخ محمد عبدالله لمحامي عدن إلى العاصمة البريطانية لندن، لحضور معرض لندن، واختاره المجلس التشريعي من بين أعضائه للمشاركة، إلا أنه تعرض هناك لالتهاب الكلى، وتعرض بعد ذلك لالتهاب رئوي، وتوفي في 12 أغسطس 1951م، ونقل إلى عدن يوم 26 أغسطس 1951م، وتقاطر المحبون والمشيعون أفراداً وجماعات، ورافق الموكب من المطار 20 ألف مشيع، وأحيط الموكب بالأعلام التابعة لجمعيات خيرية عدة، ومنها علم الجمعية الحضرمية الخيرية، فالجمعية الإسلامية، فرابطة الشباب الصومالي، فرابطة أبناء الجنوب.
ماذا قال جرجرة وراسم؟
صحيفة "النهضة" لناشريها عبد الرحمن جرجرة وإبراهيم راسم رثته (أي الشيخ محمد عبدالله المحامي) في يوم رحيله: "ذهب رجل فذ لم يخاصم أحداً، بل كان يسعى لمصالحة أعدائه. كان يعترف بغلطاته ويصلحها شاكراً لا يستعين بالمشاتمة".
أما المستر جود، قال على لسان الحكومة: بوفاته فقدت الحكومة قانونياً من أعقل القانونيين وأنشطتهم، وكرس الفقيد وقته لخدمة السواد الأعظم من الناس.
شارك في التشييع وجهاء عدن تقدمهم السيد زين العيدروس، وسمو الأمير علي عبد الكريم، وعدد من وجهاء وأعيان عدن، ومندوب والي عدن، ومندوب وإلي الطيران بعدن، وفصيلة من جيش محمية عدن، بالإضافة إلى كشافة مدرس بازرعة الخيرية الإسلامية، وكشافة المعهد التجاري العدني للطيب الذكر الحاج ياسين راجمنار.
للشيخ ابنان هما المحاميان الشيخ طارق والشيخ فاروق، وحفيدان محاميان هما: خالد طارق وريم طارق.
يفيد الخالد الذكر عبدالرحمن جرجرة في كتابة المرجعي (هذا الجنوب أرضنا الطيبة) في الصفحات 167 - 180:
تتكون ولاية عدن في اتحاد الجنوب العربي من فوهتي بركان هامد متصلتين بساحل منبسط رملي يحتوي على:
أ - شبه الجزيرة التي تقع عليها أهم مدن كريتر، رصيف وحوض السفن، المنطقة السكنية في المعلا والميناء الحديث في التواهي، ويبلغ ارتفاع أعلى قمة في شبه الجزيرة، وهي القمة المعروفة بجبل شمسان يبلغ ارتفاعها 1325 قدماً.
ب - البرزخ وخور مكسر
ج - المنطقة الرملية الواقعة بين البقعتين الصخريتين اللتين تكون كل منها شبه الجزيرة، والتي تحيط بالميناء الحديث، وتشمل هذه سلطة ضواحي الشيخ عثمان وقريتي الحسوة والعماد.
د - شبه جزيرة عدن الصغرى، حيث قامت شركة البترول البريطانية B.P بتشييد صف مصفاة حديثة للزيت.
محمد عبدالله
ستقف أيضاً مع ريادة عدن للصحافة، وبلغ عددها حوالي 50 صحيفة ومجلة، وستقف أمام الفنادق ودور السينما والمكتبات والمطابع العريقة وعددها كبير.
ستقف أمام أعرق ثلاث منشآت: مطار عدن الدولي وميناء عدن الدولي ومصافي عدن، وكانت عدن مغمورة بالأضواء في حين كانت الجزيرة والخليج تشمل ذلك العهد المتوكلي، تتخبط في الظلام
أضف لذلك: ستقف أمام المجلس التشريعي المنتخب، ومحاضر اجتماعات متوفرة، وأمام مجلس عدن البلدي ومحاضر اجتماعات متوفرة، وتفوقت عدن على كافة دول الجزيرة والخليج في أصول وعراقة وجدارة المجلسين المذكورين على أي نظيرين لهما في المنطقة.
الله يسامح من أخرج عدن عن مسارها الحضري والحضاري، وأصبحت اليوم في أسفل سافلين (لا أرض ولا جبل ولا ساحل).
الميلاد والنشأة
لا توجد إشارة إلى مكان وزمان ولادة الشيخ محمد عبدالله المحامي الذي دخل التاريخ كأول محامٍ مسلم مارس مهنة المحاماة في عدن عام 1927م، واحب الفقراء واهتم بتعليم الطالب الفقير منطلقاً من أول صيحة في الرسالة المحمدية بنزول الآية "اقرا باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم"، وتفوق الإسلام بذلك على كل الديانات السماوية.
المدخل من باب الولد البار طارق
وقفت أمام "الأيام" في عددها الصادر في 29 أغسطس 2018م، وأمام المانشيت العريض "الذكرى الـ 67 لوفاة الشيخ محمد عبدالله المحامي" للشيخ طارق محمد عبدالله المحامي، وهي إعادة نفس المادة التي سبق نشرها في العدد 3354 الصادر في 25 أغسطس 2001م.
أفاد الشيخ طارق أن الراحل الكبير والده كان عضواً في المجلس التنفيذي لبلدية عدن عام 1944م، وعضواً في المجلس التشريعي عام 1944م، وعضواً في المجلس التشريعي عام 1947م، فأمين مصلحة ميناء عدن عام 1946م، وكان رحمه الله مؤسساً للجمعية الإسلامية الكبرى عام 1949م، ثم رئيساً للجنة التحقيق نيابة عن مسلمي عدن في الاضطرابات التي شهدتها المدينة بين المسلمين واليهود عقب إعلان دولة إسرائيل في مايو 1948م، وصدرت براءة المسلمين.
شغل الشيخ محمد عبدالله المحامي منصب رئيس اللجنة التنفيذية لمدرسة بازرعة الخيرية الإسلامية، ورئيس مدرسة شير بن بهاي لابجي الإسلامية في الميدان بكريتر، ومؤسس ورئيس الجمعية التعليمية الإسلامية عام 1951م.
ماذا قال الحاج محمد عبدالعليم عن الشيخ محمد عبدالله؟
اتسعت مساحة شهرة الشيخ محمد عبدالله المحامي خارج حدود الجنوب العربي عندما تحدث عنه الحاج محمد عبدالعليم الصديق الذي زار عدداً كبيراً من الدول الإسلامية منها عدن، حيث استهوته أفكار إسلامية مثيرة من إحدى الشخصيات المسلمة ممثلة بالشيخ محمد عبدالله المحامي الذي رأى أن أحوال المسلمين ستنفرج بتطبيق التشريع الاقتصادي السياسي، ورأى أن تكون الوحدة الإسلامية على غرار نظام الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتمتع كل دولة فيها بحرية التعرف في شؤونها على أن تكون لها سياسة خارجية موحدة.
وفاة الشيخ محمد عبدالله المحامي حددت قيمته
غادر الشيخ محمد عبدالله لمحامي عدن إلى العاصمة البريطانية لندن، لحضور معرض لندن، واختاره المجلس التشريعي من بين أعضائه للمشاركة، إلا أنه تعرض هناك لالتهاب الكلى، وتعرض بعد ذلك لالتهاب رئوي، وتوفي في 12 أغسطس 1951م، ونقل إلى عدن يوم 26 أغسطس 1951م، وتقاطر المحبون والمشيعون أفراداً وجماعات، ورافق الموكب من المطار 20 ألف مشيع، وأحيط الموكب بالأعلام التابعة لجمعيات خيرية عدة، ومنها علم الجمعية الحضرمية الخيرية، فالجمعية الإسلامية، فرابطة الشباب الصومالي، فرابطة أبناء الجنوب.
ماذا قال جرجرة وراسم؟
صحيفة "النهضة" لناشريها عبد الرحمن جرجرة وإبراهيم راسم رثته (أي الشيخ محمد عبدالله المحامي) في يوم رحيله: "ذهب رجل فذ لم يخاصم أحداً، بل كان يسعى لمصالحة أعدائه. كان يعترف بغلطاته ويصلحها شاكراً لا يستعين بالمشاتمة".
أما المستر جود، قال على لسان الحكومة: بوفاته فقدت الحكومة قانونياً من أعقل القانونيين وأنشطتهم، وكرس الفقيد وقته لخدمة السواد الأعظم من الناس.
شارك في التشييع وجهاء عدن تقدمهم السيد زين العيدروس، وسمو الأمير علي عبد الكريم، وعدد من وجهاء وأعيان عدن، ومندوب والي عدن، ومندوب وإلي الطيران بعدن، وفصيلة من جيش محمية عدن، بالإضافة إلى كشافة مدرس بازرعة الخيرية الإسلامية، وكشافة المعهد التجاري العدني للطيب الذكر الحاج ياسين راجمنار.
للشيخ ابنان هما المحاميان الشيخ طارق والشيخ فاروق، وحفيدان محاميان هما: خالد طارق وريم طارق.
