عن حقيقة مركز العزل لعلاج كورونا بعدن

> علوي جمال عبدالنبي

>
علوي جمال
علوي جمال
شاءت الأقدار أن يصاب أحد أقاربي بمرض كورونا، وأخذناه إلى مستشفى خاص، وأعطوه كمية من الأوكسجين وأدوية وارتاح المريض، وطلب منا الدكتور حاجته إلى توفير أسطوانة أوكسجين في البيت حتى تتحسن حالته، فاعتقدنا أن هذا العلاج كافٍ، لكن المريض حالته كل يوم تسوء، حتى أصبحت حرجة جدا.
وبعد نقاش أسري حاد، البعض فضل أخذه إلى أحد مركزي العزل الصحي لمرضى كورونا بخورمكسر أو الأمل بالبريقة، بينما الغالبية رفضوا أخذه إلى تلك المراكز، آخذين في اعتقادهم أنها أماكن الموت، متسائلين: هل نريد قتله في تلك المراكز؟

المهم بقيت حالته بين أمرين: إما أن يبقى في البيت ويموت، أو أخذه إلى مركز العزل، وهناك يظل أمله ولو بسيط، والخوف يملأ قلوبنا، أخذناه مجبرين إلى مركز العزل لعلاج مرضى كورونا التابع لـ "أطباء بلا حدود" في مستشفى الجمهورية بخورمكسر بالعاصمة عدن، ولكن عندما أخذناه وجدنا شيئا لم يخطر ببال أكثر المتفائلين منا، وجدنا شيئا يعجز اللسان عن وصفه، لأننا لم نعشه نحن جيل ما بعد الوحدة، أو نسمع عنه في أي مستشفى حكومي أو خاص، فعلا وجدنا ملائكة الرحمة، وجدنا الإنسانية الحقيقية التي أوصى بها ديننا الإسلامي.

دعوني أروي لكم بعض ما شاهدته وعشته في مركز الحجر الصحي التابع "لأطباء بلا حدود"، أولا وجدنا الأخلاق العالية والمعاملة الطيبة، بدءا من دخولنا عند حراسة البوابة، وجدنا الكل يحاول أن يرشدك من أين تبدأ إجراءات المعاملة، ولحظة وصولنا بوابة المركز الطبي يقوم الحارس بضغط جرس داخل العنبر ليأتي إليك أطباء وممرضون، وكل واحد يعرف مهام عمله، مثلا صاحب أسطوانة الأوكسجين يأتي بها إلى البوابة وطبيب يقيس للمريض بجهاز نسبة الأوكسجين في الدم، وإن وجدوا نسبة الأوكسجين في الدم منخفضة يسرعون إلى القيام بما يلزم. تجد الكل يتفاعل. هناك من يستقبل المريض من بوابة السيارة وأخر يقوم بالإسراع بتركيب أوكسجين، وآخرون يحملونه على سرير لنقله إلى الغرفة، وهناك يحضرون خمسة أطباء، وكنت أرى تحركاتهم كأني أشاهد فيلما حين يتم نقل مريض لإسعافه على عجل إلى المستشفى.

وبعد قيامهم بكل ما يلزم، يطلبون مني الجلوس مع المريض، يبلغوني عن استعدادهم للخدمة، فهم موجودون على مدى 24 ساعة، فيطمئنوني علي حالته، وأن أموره طيبة، ولا خوف عليه بإذن الله، ويطلبون مني فقط رفع معنوياته.
كنت ألاحظ تحركات العاملين في المركز أشبه بخلية نحل، يعملون بانسجام وتعاون، الكل يريد أن يخدم دون تأفف أو تذمر، ولم أسمع أبدا من أي شخص يطلب مني حتى ريالا واحدا، بل كل شيء بالمجان: الخدمة والعلاج والكمامات ومواد التعقيم. وجدنا نظافة وانضباطا واحتراما في العمل. باختصار كأنك في دولة أوروبية.

في الحقيقة، أنا لا أعرف من الذي نشر ولفق القصص الكاذبة التي تقول إنهم يقتلون المرضى، وصوروا لنا أن مراكز العزل لعلاج مرضى كورونا مسالخ لقتل البشر، نتساءل لماذا؟ ولمصلحة من تبث الشائعات، وتنشر مثل هذه الأكاذيب، ونتيجة تلك الأكاذيب، مات عشرات المرضى الذين كانوا على خوف، ورفضوا الذهاب إلى تلك المراكز بسبب الدعاية الحقيرة، أو أنهم ذهبوا في المراحل المتأخرة بعد أن تمكن الفيروس من الفتك بالمريض، وعلاجه لم يأتِ بنتيجة.

ونصيحتي، من شخص عاش الواقع بأم عينيه، ورسالتي لكل مريض كورونا أو مشتبه في البيت عليه الذهاب للعلاج في أحد مراكز العزل المحددة، مثل الأمل في البريقة، أو في مركز العزل التابع لأطباء بلا حدود في مستشفى الجمهورية بخورمكسر، أو مركز العزل الميداني التابع للصليب الأحمر بمستشفى الجمهورية.
والله العظيم الذي رفع السماء بغير عمد إن كل ما يقال عن هذه المراكز من كلام سيء وحقير لا أساس له من الصحة، بل العكس صحيح، وجدنا ملائكة الرحمة الذين كنا نسمع عنهم في المسلسلات والأفلام، وجدناهم أمامنا.
ختاما، ألف ألف تحية وشكر لكل العاملين من أطباء يمنيين وأجانب وممرضين وعمال نظافة ورجال أمن في تلك المراكز والحراسات، رجالا ونساءً، وألف قبلة على جبين الجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى