​مخشف.. ما أوحش الوداع

> علي صالح العيسي

> انضممت للعمل في صحيفة 14 أكتوبر في مقرها في آخر شارع السيلة بكريتر، المتقاطع مع شارع الملكة أروى أو البنوك، سنة 1976م كمصور للجريدة شبه الرسمية.
كنت شابًا صغيرًا في مقتبل العمر، وهذه وظيفتي الأولى في الحياة، ولم يكن عندي الكثير من المعرفة بأمور الصحافة، ولكني كنت أملك موهبة حب التصوير، ولهذا اخترت وظيفة المصور دون بقية الوظائف الأخرى في المؤسسة الصحفية التي أصبحت كبيرة فيما بعد.

لم يكن في الصحيفة إلا مصور وحيد، هو  سيف مرشد، لكن فيما بعد نشأ فيها قسم للتصوير، صرت أنا رئيسه، عندما انتقل مقر المؤسسة والصحيفة إلى المعلا.
كان هناك العديد من الموظفين والصحفيين في المؤسسة والجريدة، لكن بحكم عملي (مصورًا) فإن علاقتي كانت مباشرة بمدراء وسكرتيري التحرير. 

عاصرت العديد من هذه الأسماء الكثيرة على مدى عملي الذي امتد لسنوات، من أبرزهم الزميل الراحل محمد عبد الله مخشف، رئيس قسم الأخبار، والقرشي عبد الرحيم سلام، وسعيد عولقي، وشكيب عوض، ومحبوب علي، وعلي الضحياني، وعبدالباسط سروري، ومحمد قاسم نعمان، وعبد الله علي بارادم، ومحمد عبد الله فارع، وحسن يوسف، وسعيد عسيري، وعمر باوزير، وعلي فارع سالم، وعبد الله كرف، وعبدالله سنان وآخرين، لكن علاقتي بمخشف توثقت أكثر خلال مرافقتي له كمصور في تغطياته الميدانية للأحداث، إذ رافقته في العديد من الأحداث التي شهدتها عدن والجنوب، أهمها كما أذكر عندما رافقته إلى الضالع بعد أحداث 1978م، والذكريات في هذا المجال تطول، لكن واحدة منها لازالت عالقة في الذاكرة، فبعد أن رافقت المخشف في تغطية صحفية إلى لحج على ظهر دراجته النارية، عدنا متعبين مرهقين إلى بيته في منطقة الوحدة السكنية بالمنصورة، يوم 2 أغسطس 1978م، فإذا كل التعب والإرهاق يزولان من المخشف، عندما بُشِّرَ بأن زوجته وضعت توءمًا، لم تسعه الدنيا من الفرح، وبدد الخبر كل التعب والإرهاق الذي كان يشعر به. اسمى أحد التوأمين عبد الله(ذو يزن) على اسم أبيه عبد الله مخشف، والآخر مرشد(أزال) على اسم جده لأمه الفنان الكبير محمد مرشد ناجي. 

على الصعيد الإنساني يمتلك المخشف كل صفات الإنسان الذي يجعلك تحبه، التواضع، المرح، يتمتع بذاكرة حديدية، ويبني علاقاته مع الناس بعيدًا عن المصلحة الشخصية أو المنفعة الذاتية.
ولهذا كان يتمتع باحترام الجميع، وكان أصدقاؤه من مختلف أنحاء الوطن دون تمييز، ومن مختلف المحافظات والمديريات، يحب الجميع والكل مجمع على حبه، لا تغير منه الظروف والأحداث أو تبدل الحكومات أو القناعات، أو تعاقب السنوات. 

 آخر مرة التقيته كان في القاهرة قبل عامين، في مقهى زهرة البستان، بشارع التحرير، بالدقي مع زميل عمره أستاذنا ومدير تحريرنا الكاتب والقاص محمد عمر بحاح، وهو يحتسي الينسون، بعد عودته من إجراء فحوصاته الطبية، التي اعتاد على إجراءها دوريًا في السنوات الأخيرة، وكنت انتظر مجيئه كالعادة العام الماضي، لكن ظروف جائحة الكورونا لم تمكنه من السفر، حتى فوجئت بخبر وفاته الذي أحزن قلبي، وسبب لي الحزن ككل الناس الذين أحبوه وعرفوه.
رحم الله المخشف وأدخله الجنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى