رجال في ذاكرة التاريخ: السيد حسن حسين عبدالقادر مكاوي.. التضحيات قدره وقدر أسرته

> نجيب محمد يابلي

> آل المكاوي.. الأفاضل آل المكاوي تعود أصولهم إلى مكة المكرمة، ودخل الكثير منهم التاريخ من أوسع أبوابه، فلو أخذنا عبد القادر محمد العبد الله النقشبندي المكي العالم صاحب الكتاب المرجعي "النهر الفائض في علم الفرائض" كتاب مرجعي في التشريع المدني، وهو سلسلة أسئلة وإجابات باللغتين العربية والإنجليزية، وهناك ولده محمد عبد القادر مكاوي، المقاول الذي أنشأ مدرسة الإقامة "Residency School" التي أصبحت لاحقاً "مدرسة السيلة الابتدائية للبنين"، وحالياً المتحف الحربي، وقد بنيت المدرسة عام 1918م، ومنهم أيضاً عبد القوي مكاوي الذي كان رئيساً للوزراء بعدن، وقدم ثلاثة من أولاده شهداء بعملية تفجير منزله في المنصورة بعدن، وهم جلال وعادل وسمير.

ومن آل مكاوي الذين استوطنوا كريتر:
1 -
حسن مكاوي
حسن مكاوي
عبدالله محمد عبد القادر مكاوي 2 - حسن صالح محمد مكاوي 3 - نور الدين عيسى مكاوي 4 - عبد الله سالم مكاوي 5 - عبد الحميد عبد الباري مكاوي 6 - عبد الله حسن عبد الرحمن مكاوي 7 - عمر أحمد عبد القادر مكاوي 8 - حسن عبد الرزاق مكاوي 9 - معتوق حسن مكاوي 10 - عبد القوي حسن مكاوي.

الميلاد والنشأة
السيد حسن حسين عبد القادر محمد عبدالله مكاوي من مواليد كريتر (عدن) في 6 يونيو 1924م، وتلقى دراسته في مدرسة الإقامة (السيلة لاحقاً)، وبعد تخرجه منها بدأ العمل كاتباً لدى عمه السر (sir) محمد عبد القادر مكاوي، وتدرج بعد ذلك في عدة وظائف حكومية توّجت بأن أصبح من كبار موظفي مصلحة الهجرة والجوازات، إلا أنه آثر التفرغ لأعماله الخاصة.

حسن مكاوي يتفرغ لأعمال التجارية
استقال حسن مكاوي من وظيفته الحكومية في مصلحة الهجرة والجوازات ليتفرغ لأعماله الخاصة، فقد كان يملك عدداً من العقارات والسيارات، وطرق باب السياسة، حيث خاض انتخابات المجلس البلدي في عدن (كريتر)، لأن المدن الأخرى كالشيخ عثمان أو البريقة فقد كانت انتخاباتها من أجل الوصول إلى سلطة الضواحي "Township Authority"، لأن خور مكسر والمعلا والتواهي كانت ملحقة ببلدية عدن.

مكاوي و "سافر اليوم وادفع غداً"
كان حسن مكاوي مولعاً بالأسفار التي استأثرت باهتمام العديد من العدنيين، وكان حسن مكاوي معتمداً على عقاراته التي حققت له مورداً كبيراً، إلا أن العدنيين الآخرين كانوا ينعمون بفرص العروض التي كانت تقدمها شركات الطيران بمشروع "سافر اليوم وادفع غداً".
أحب حسن مكاوي السفر إلى أسمرا والقاهرة ولندن، وكان لأبناء تجمعات كبيرة في العديد من المدن، وتمتع أبناء بذلك الحضور الذي مكنهم من رسم برامج لرحلاتهم إلى الهند ومصر، ومدينة أسمرا في إرتيريا، ومدينتي نيروبي وممباسا في كينيا.

حسن مكاوي وفاجعة أولاد أخته
يوم 27 فبراير 1967م، لا رعاك الله يا ذلك اليوم، عندما اهتزت الشيخ عثمان والمنصورة لدوي التفجير الذي استهدف منزل رئيس وزراء ولاية عدن عبد القوي حسن مكاوي بمدينة المنصورة، وسقط أربعة شهداء هم أولاده: جلال وعادل وسمير، وحارس البيت.
فجعت عدن وسائر الأمصار والأقطار، ونحن شهود العصر آنذاك رأينا بأم أعيننا ردود الفعل على المستوى القطري والقومي والدولي، وكان الشعب في عدن مشدوداً إلى نعي البرقية التي بعثها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر إلى الوالد الحزين عبد القوي مكاوي، وورد فيها "إن الأمة العربية ستعيش معكم أحزانكم.

حقاً فجع السيد حسن مكاوي للجريمة الشنعاء التي استهدفت أولاد أخته: جلال وعادل وسمير، وأثرت كثيراً في حالته الصحية.

انفجار عمارة المكاوي والآثار المادية والصحية
في بداية عام 1967م (عام استقلال عدن والجنوب) جاء شاب حضرمي اللهجة كثيف الشعر، وزعم أنه من مدينة تريم المعروفة بالعلم والتقوى والرصانة، وطلب من السيد حسن مكاوي تأجير شقة للسكن، وكانت حجته أنه من طلاب العلم وظهر هذا الشاب بمظهر الرصين والأدب، فصدقه السيد حسن مكاوي وأسكنه بشقة في الدور الأرضي، وتبين لاحقاً أن ذلك الشاب الذي سكن في عمارة مكاوي في منطقة الخساف بكريتر بأنه من حضرموت، لكن ليس من تريم العلم والرصانة.

في ظهيرة أحد أيام فبراير 1967م، وهنا يروي د. حسن مكاوي، بأنه كان في سنة خامسة ابتدائي، وكان في ذلك اليوم جالساً أمام منزل الأسرة، وهرع في اتجاه ضابط إنجليزي كان واقفاً ضمن قوة جاءت في سيارتين عسكريتين، وعرف منه أنه يريد والده.
صعد إلى المنزل ليبلغ والده الذي كان ينتظر وجبة الغذاء، فأبلغه بطلب الضابط فنزل إليه والده، وتحدث مع الضابط بإنجليزية طليقة، فأبلغه والده بأن يسرع في استدعاء شقيقه (شقيق جواد) الأكبر واسمه محمد جواد، وكان من لاعبي نادي العيدروس، ووصل إليه بالدراجة الهوائية.

انتابت حسن مكاوي حالة صداع، وحضر ولده فأبلغه والده بأن الشاب الحضرمي الساكن في الشقة تسبب بتفجير ألحق أضراراً بالغة في الدور الأرضي والسلم وسقوط سيدة عدنية جريحة، ونقلت إلى مستشفى الملكة إليزابيث (حالياً مستشفى الجمهورية) بخور مكسر، واعتقلت السلطات الأمنية البريطانية عدداً من السكان من ضمنهم حسن مكاوي، الذي أطلق سراحه لاحقاً بعد دخوله الغيبوبة وأدخل المستشفى، وكان لا بد من تسفيره إلى الخارج لتلقي العلاج.

حسن مكاوي في القاهرة مع ولده الأكبر
طلب المتضررون، ومن ضمنهم السيدة العدنية، تعويضات مقابل الأضرار التي تعرضوا لها، فاضطر حسن مكاوي للمغادرة إلى القاهرة لتلقي العلاج، فأطلقت السلطات الأمنية سراح نجله الأكبر محمد لمرافقة والده المصاب بالانهيار العصبي ومرض السرطان في الفك الأسفل وضغط الدم والسكر، وكان السبب الرئيسي في وفاته.

البيض ومصائب قوم عند قوم فوائد
كان علي سالم البيض من الأعضاء القياديين في الجبهة القومية وشغل حقيبة الدفاع، ثم وزيراً للحكم المحلي، وسرد ذكرياته من إذاعة عدن، وقام بمهمة المحاور من الإذاعة أحد الألمعيين، وهو المذيع عبد الله عمر بلفقيه ومعد برنامج "مع الذكريات"، حيث قال: كنت مستأجراً شقة في عمارة المكاوي في الخساف، وكنا نحضر أنا وبعض الزملاء للنضال ضد الاستعمار البريطاني في الشقة لعمل المنشورات وبعض الأسلحة المتوفرة لنا من بعض المصادر، وفي إحدى ظهيرة الأيام خرجت من الشقة لإجراء بعض الأعمال الخاصة بي، وتركت أحد الزملاء في الشقة لترتيب المنشورات.

سمع سكان كريتر دوي انفجار شديد، وكما قال البيض لبلفقيه: وعندما سألنا عرفنا أن مصدر الانفجار كان عمارة المكاوي في الخساف، فجريت ووقفت على الطريق الرئيسي من العقبة الرابط بين مدينتي عدن والمعلا، وحتى لا يراني أحد كنت عاملاً وشاحاً (مشدة) على وجهي، وتيقنت أن مصدر الانفجار كان عمارة المكاوي في الخساف، ففكرت أن أختفي من المشهد بعد ما عرفت أن الزميل المتوفى (مجهول الهوية) هو شخصي أنا باعتراف مالك العمارة وبعض من ساكنيها الذين لا يعرفون غير الحضرمي علي سالم البيض هو صاحب الشقة.

الرحيل المبكر لحسن مكاوي
نصح الطبيب المصري المشرف على علاج السيد حسن حسين مكاوي بالعودة إلى عدن، لأن علاجه ميؤوس منه، وبناء على نصيحته عاد إلى أرض الوطن عدن.
انتقل حسن مكاوي إلى رحمته تعالى في يوم الإثنين الأول من شهر رمضان المبارك 1389هـ الموافق 10 أكتوبر 1968م عن (44) عاماً.
خلف الفقيد وراءه رصيداً من الأعمال الطيبة، وأرملة وستة من الأبناء والبنات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى