رئيس المحكمة العليا يقتحم الأزمة القضائية دون صلاحية

> القاضي حمود الهتار يأمر بفتح المحاكم وإحالة نادي القضاة الجنوبيين للتحقيق

> القضاة: لا صلاحية للهتار فيما أصدرة من أوامر

الأزمة القضائية في طريقها للتصعيد بعد قرار الهتار

> عدن «الأيام» خاص:

> أقر رئيس المحكمة العليا، القاضي حمود الهتار، أمس الجمعة، فتح المحاكم والنيابات وإخلائها من كافة العناصر المسلحة، وإحالة رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لنادي القضاة الجنوبي بصفاتهم النقابية إلى هيئة التفتيش القضائي للتحقيق.

القرار قوبل بسيل من الانتقادات التي وجهها أعضاء في السلطة القضائية للقاضي حمود الهتار، متهمين الأخير أنه أصدر قرارا خارج إطار صلاحياته القانونية.

وقال منتسبون للسلطة القضائية إن "الأزمة القضائية ستستمر، ويبدو أنها في طريقها إلى التصعيد وليس الحل".

وقال نص القرار الصادر عن القاضي حمود الهتار: "بعد الاطلاع على المادة (149) من الدستور، فإنها قد نصت على الآتي: "القضاء سلطة مستقلة قضائيا وماليا وإداريا، والنيابة العامة هيئة من هيئاته، وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة، ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون، ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم".

وعلى النصوص المجسدة لهذا الاستقلال في المواد (150، 151، 152، 153) من الدستور، وفي نصوص قوانين السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991م وتعديلاته، والمرافعات والتنفيذ المدني رقم (40) لسنة 2002م وتعديلاته، والإجراءات الجزائية رقم (13) لسنة 1994م، واللائحة التنظيمية لمجلس القضاء الأعلى رقم (43) لسنة 2014م، واللائحة التنظيمية للمحكمة العليا رقم (8) لسنة 2009م، وعلى نصوص الحماية الجزائية لاستقلال القضاء في قانون الجرائم والعقوبات رقم (12) لسنة 1994م.

وعلى الإعلانات والعهود والمواثيق والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية وعلى سبيل الخصوص منها المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المقر من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16ديسمبر 1966م، والمبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية المعتمدة في 6 ديسمبر1985م والمقرة بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة40/32 المؤرخ في 29 نوفمبر 1985م و40/16 المؤرخ في 13 ديسمبر 1985م.

ولما كان إغلاق مقرات المحكمة العليا ومكتب النائب العام ومجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي ووزارة العدل والمحاكم والنيابات الابتدائية والاستئنافية في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي لحج والضالع وبعض محاكم ونيابات محافظتي أبين وحضرموت- الساحل، من قبل نادي القضاة الجنوبي، بالتعاون مع بعض العناصر المسلحة، ﻳُﻌَﺪﱡ انتهاكا صارخا لاستقلال القضاء وتدخلا سافرا في شؤون العدالة يعاقب عليه القانون، ولا تسقط الدعوى فيه بالتقادم، حيث أوقف إجراءات التقاضي في كافة القضايا المنظورة أمام المحاكم والنيابات، ومنع استقبال القضايا الجديدة، وهذا مؤشر خطير على غياب الدولة وضياع الحقوق والحريات وفقدان التنمية والاستثمار.

وكنت قد تركت الفرصة خلال الفترة الماضية لعل النادي يتراجع عن قراره أو يقوم مجلس القضاء بحل هذا الإشكال بالطرق السياسية أو الإدارية، ولكن دون جدوى.

لذلك، وبعد أن طال الإغلاق مقر المحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في الجمهورية، فقد أصبح تدخلنا واجبا من الناحية الدستورية والقانونية لحمايتها وحماية السلطة القضائية عموما، والدفاع عن استقلالها، والمحافظة على المنجزات التي تحققت منذ وصولنا إلى عدن بتاريخ 6 إبريل 2017 ومنها: إيجاد مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة العليا، ومكتب النائب العام، وهيئة التفتيش القضائي، ووزارة العدل، والمعهد العالي للقضاء في العاصمة المؤقتة عدن، وإعادة تشكيل المحاكم والنيابات الابتدائية والاستئنافية في المناطق المحررة، خاصة أن عملية الإغلاق قد شملت بقية مقرات هيئات السلطة القضائية المركزية، إضافة إلى المحاكم والنيابات الابتدائية والاستئنافية في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظتي لحج والضالع وبعض محاكم ونيابات محافظتي حضرموت- الساحل وأبين.

وبعد الاطلاع على بيانات نادي القضاة الجنوبي، وتصريحات مسؤوليه، ومجريات عمليات الإغلاق، وردود الأفعال الداخلية والخارجية، تبين الآتي:



1. إن إغلاق المحاكم والنيابات من قبل نادي القضاة سابقة خطيرة في تاريخ القضاء، وهي الأولى من نوعها في العالم على مر التاريخ، حيث طال الإغلاق مقرات الهيئات المركزية للسلطة القضائية والمحاكم والنيابات سالفة الذكر؛ تنفيذا للبيان الصادر عن المكتب التنفيذي لنادي قضاة الجنوب بتاريخ 3/2/2021، الذي أقر فيه: "وقف العمل في عموم المحاكم والنيابات والمجمعات القضائية، وإغلاقها اعتبارا من يوم الخميس تاريخ 22 جماد ثاني 1442ه الموافق 4/ 2/ 2021م حتى يتم إقالة مجلس القضاء الأعلى، وإعادة هيكلته وفقا لقانون السلطة القضائية وتعديلاته، مع مراعاة إعادة الهيكلة في هيئاته بالتساوي ما بين الجنوب والشمال، وبما يقدمها النادي المعبر عن إرادة القضاة من أسماء لشغل هيئات السلطة القضائية، وأهاب النادي بعموم أعضاء السلطة القضائية في الالتزام التام بما اتخذ في البند أولاً، وكلف الهيئات الإدارية لفروع النادي في المحافظات بمتابعة التنفيذ." والبيانات التالية التي أكد المكتب التنفيذي فيها استمرار العمل بهذا القرار.

2. إن إغلاق المحكمة العليا لمدة 42 يوما وبقية المحاكم والنيابات لمدة خمسة أشهر قد ألحق وسيُلحق أضرارا بالغة بالمتقاضين عموما والمساجين خصوصا، وعكس صورة سيئة عن اليمن وعن القضاء والقضاة والحقوق والحريات والتنمية والاستثمار والأمن والعدل داخليا وخارجيا في ظل غياب العدالة، حيث لا حقوق ولا حريات ولا أمن ولا عدل ولا تنمية ولا استثمار في ظل غياب القضاء.

3. لقد تحول نادي القضاة من منظمة غير حكومية تُعنى بالمطالبة بحقوق منتسبيها والدفاع عنها إلى سلطة حاكمة تتولى شؤون السلطة القضائية مخالفا نصوص الدستور وقانون السلطة القضائية والإعلانات والعهود والمواثيق الدولية المتعلقة باستقلال القضاء، والنظام الأساسي للنادي المقر في جمعيته العمومية بتاريخ 15/8/2013م وواجبات ومقتضيات وظائفهم القضائية التي توجب عليهم احترام الدستور والقانون والسلطات الدستورية، ويتضح هذا التحول من خلال: البيان الصادر بتاريخ 3/2/2021 م الذي أقر فيه "إيقاف العمل في عموم المحاكم والنيابات والمجمعات القضائية، وإغلاقها اعتبارا من يوم الخميس تاريخ 22 جماد ثاني 1442ه الموافق 4/ 2/ 2021م حتى تتم إقالة مجلس القضاء الأعلى وإعادة هيكلته وفقا لقانون السلطة القضائية وتعديلاته، ووفقا لما سيقدمه النادي، وكذلك الرؤية الصادرة عنه بتاريخ 9/6/2021م، التي أمهل فيها رئيس الجمهورية مدة 14يوما، كحد أقصى، لتنفيذ ما ورد فيها، ما لم فإن النادي سيضطر إلى اتخاذ كل الوسائل الممكنة لحماية منظومة القضاء من الانهيار...الخ"، والبيان الصادر عنه بتاريخ 25/6/2021م الذي أقر فيه: "عدم التعامل أو القبول بأي قرارات أو توجيهات أو أوامر يتم إصدارها من قبل رؤساء الهيئات القضائية بمجلس القضاء الأعلى من داخل منازلهم أو خارجها، وعدم تمكينهم وهيئاتهم من العمل حتى تتم الاستجابة بإعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى وفق الرؤية المقدمة من النادي، وأكد في نفس البيان استمرار العمل بالبيان الصادر عنه بتاريخ 3/2/2021"، والتصريح الصادر عن ناطقه الإعلامي بتاريخ 27/6/2021م الذي قال فيه: "إنهم سيلجؤون إلى ترتيب وإدارة شؤون السلطة القضائية في محافظات الجنوب بطريقتهم"، وصدرت عن النادي أقوال وأفعال تشكل مخالفات مسلكية وفقا لأحكام المادة (111) من قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة1991م وتعديلاته، وجرائم جنائية وفقا لأحكام المواد (131/2، 165، 171، 185 ، 186، 187، 321) من قانون الجرائم والعقوبات رقم (12) لسنة 1994م. وكنا نتمنى ألا تصدر مثل هذه الأقوال أو الأفعال عن نخبة من أساتذة القانون والقضاء.

4. إن إيقاف العمل وإغلاق المحاكم والنيابات بقوة السلاح ليس من الوسائل السلمية التي كفلها الدستور والقانون للتعبير عن الرأي، ولا علاقة له بمفهوم الإضراب الذي كفله قانون العمل رقم (5) لسنة 1995م لعمال القطاع الخاص، وبين أحكامه وشروطه في المواد ( 144 الى150)، وقد نصت المادة (3/ب) صراحة على عدم سريان هذا القانون على موظفي الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام، وشاغلي وظائف السلطة القضائية والسلك الدبلوماسي والقنصلي، والملتحقين بالمؤسسات العسكرية والأمنية وغيرهم. وقد كان بإمكان نادي القضاة الجنوبي تنظيم وقفات احتجاجية أمام المجمع القضائي أو نادي القضاة خارج أوقات الدوام الرسمي على غرار ما فعله نادي قضاة مصر، حرصا منهم على استمرار العمل في المحاكم والنيابات وحفاظا على حقوق المتقاضين.

ولا شك بأن الأزمة التي يمر بها القضاء اليوم قد وضعت رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى ورؤساء الهيئات والمحاكم والنيابات الاستئنافية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يتحملوا مسؤولياتهم ويقوموا بواجباتهم في فتح المقرات وإعادة العمل فيها، كل فيما يخصه، أو يعلنوا عجزهم فيريحوا ويستريحوا.

لهذه الأسباب وحرصا منا على سمعة القضاء ومكانته وتعزيز دوره في حماية الحقوق والحريات وترسيخ العدل وسيادة القانون، وتغليباً للمصالح العامة على المصالح الخاصة، والتزاما بواجباتنا كرئيس لأعلى هيئة قضائية في الجمهورية قررنا ما يلي:

أولا: على محافظ العاصمة عدن ومدير شرطتها القيام بالآتي:

1. فتح المجمع القضائي الذي يضم مقر المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل وهيئة التفتيش القضائي والمحكمة الإدارية وشعبتها الاستئنافية وإخلائه من كافة العناصر المسلحة التي قامت بإغلاقه، ومنع قضاة وموظفي المحكمة العليا وغيرهم من العاملين فيه من الدخول لممارسة أعمالهم، وإحالة تلك العناصر إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف في واقعتي الإغلاق والمنع وفقا للقانون.

2. توفير الحماية الأمنية الكافية للمجمع والعاملين فيه مع إعلامهم بتبعيتهم لرؤساء هيئات السلطة القضائية العاملين في المجمع.

ثانيا: إحالة رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لنادي القضاة الجنوبي بصفاتهم النقابية إلى هيئة التفتيش القضائي للتحقيق والتصرف في الوقائع المبينة في الفقرة (3) من أسباب هذا القرار.

ثالثا: على المحامي العام الأول اتخاذ الإجراءات القانونية لفتح مكتب النائب العام وتمكين العاملين فيه من العمل بالتنسيق مع الجهات المختصة.

رابعا: على رؤساء محاكم ونيابات الاستئناف في العاصمة عدن ومحافظات لحج والضالع وأبين وحضرموت- الساحل كلٌ فيما يخصه اتخاذ الإجراءات القانونية لفتح المحاكم والنيابات المغلقة التي تقع في دائرة اختصاصهم، وتمكين العاملين فيها من العمل بالتنسيق مع الجهات المختصة.

صدر في العاصمة المؤقتة عدن بتاريخ 21ذو القعدة 1442ه، الموافق 1يوليو 2021م

القاضي حمود بن عبد الحميد الهتار رئيس المحكمة العليا".

من جهتهم هاجم قضاة قرار القاضي حمود الهتار، ووصفه القاضي عيدروس عطروش، عضو المحكمة العليا قائلا: "القرار يتحدث عن مجلس القضاء الأعلى برمته، وهو غيرمخول بذلك، فالمجلس مطعون بفساده، ومن ثم هو خصم. ليس من حق الهتار أن يطلب التحقيق مع أي قاض، فللقضاة حصانة، لا ترفع إلا بقرار المجلس الذي يطعن في شرعيته، منذ بداية الأزمة القائمة".

أما د. صالح حنتوش العولقي فقال:"لا يخول الدستور وقانون السلطة القضائية على قرار رئيس المحكمة العليا هذا بفتح المحاكم أو إحالة نادي القضاة للتحقيق، وليس من مهمة رئيس المحكمة العليا التدخل بفصل نزاع إداري، ما لم تقم عليه دعوى قضائية بإجراءات التقاضي أمام درجتي القضاء الأولى والثانية، ولهذا؛ فإن قراره والأسانيد مردودة عليه لأنها صدرت من إجراء باطل بطلانا مطلقا؛ لمخالفة قواعد النظام العام، لأن القانون الأساسي وقانون السلطة القضائية لم يخول رئيس المحكمة العليا الفصل بمطالب قضائية أو مباشرة أعمال قضائية أو تعيينات أو قرار موازنة؛ لأنها من مهام وصلاحيات مجلس القضاء الأعلى".

وأضاف أن "حق فض النزاع بينهم (مجلس القضاء والقضاة) لرئيس الجمهورية، أما المحكمة العليا فلا يجوز توصيف وتكييف نصوص القانون على مزاج رئيسها".

أما القاضي ناصر القمع فقال: "أعتقد أن ذلك القرار موجه إلى خارج السلطة القضائية بهدف تلميع صورته أمام القيادة العليا وأمام أتباعه؛ لأنه يدرك جيدا أن ما تضمنه القرار من صلب اختصاص المجلس، ولأنه يعلم أن المجلس متهالك وغير قادر على الالتئام لمناقشة مثل هذا الموضوع أراد أن يسجل نقطة لصالحه، لعلها تشفع له عند الجهة السياسية؛ لذلك أطلق تلك البالونة التي يدرك جيدا أن تأثيرها لن يتعدى وسائل الأعلام".

أما القاضي عبدالحميد هيثم فقال: "أولا: جهل رئيس أعلى هيئة قضائية (المحكمة العليا) بالدستور والقانون، الذي ترتب عليه بالضرورة جهله لاختصاصات المحكمة العليا، ولاختصاصاته وولايته كرئيس للمحكمة العليا، المحددة على سبيل الحصر في الفقرات (أ، ب، ج، د، ه، و) من المادة/153 من الدستور النافذ، والمادتين (12،13) من قانون السلطة القضائية.

ثانيا: إن المذكرة وما تمخض عنها من قرارات تخالف اختصاصات وولاية المحكمة العليا ورئيسها، ذات طابع سياسي (حزبي) بامتياز، والهدف منها تحقيق أجندة حزبية ضيقة، غايتها السيطرة على كافة مفاصل منظومة السلطة القضائية في المحافظات الجنوبية، ولن يتأتى ذلك إلا بتصفية نادي قضاة الجنوب وإخراجه من ميدان الفعل الإيجابي بعد أن عجزوا عن احتوائه وتفريخه، وهو ما سبق للنادي التحذير منه في أكثر من مناسبة وبيان".

أما القاضي وجيه مرشد فقال: "أتوقع أن الهتار سيترك ساحة القضاء في عدن بعد هذا المنشور المختوم بالأوامر الخارجة عن اختصاص صلاحياته والمحكمة العليا".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى