كوفيد 19 يعمق مأسي المعاقين في اليمن

> تقرير/ ناصر بامندود

> جائحة "كوفيد 19" المعروفة باسم كورونا، التي بدأت من الصين أواخر العام 2019، وضربت العالم في سنة 2020، حتى وصلت عدواها وانتشارها إلى اليمن في اكتشاف حالات الإصابة منذ أبريل من نفس العام، وما تبعه من تبعات وعواقب وإجراءات، أضرت بكثيرين حول العالم، وألقت بظلالها على تلك الفئة المحاربة، تلك الفئة التي تقاوم تعبها، وتكابد همومها الصحية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية فئة "ذوي الإعاقة"، فزادها كورونا أحمالا فوق أحمالها، وهمومًا فوق همومها، وتعبًا فوق متاعبها، وصبرًا على صبرها، وفي هذا التقرير نتعرف كيف عاشوا فترة هلع العالم من كورونا؟ وما كان واقع كورونا على ذوي الإعاقة في حضرموت وآثاره عليهم؟
  • كورونا وذوي الإعاقة:
محمد عوض جمعان، رجل من ذوي الإعاقة، يعاني من إعاقةٍ في قدميه، رب أسرة مكونة من زوجته وبناته الأربع، موظف حكومي في مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية بساحل حضرموت، لكن راتبه لا يكفيه لسد احتياجات أسرته، وتوفير متطلبات تعليم بناته، وتوفير حياة كريمة لهن، خصوصًا في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، وفي ظل غلاء الأسعار جراء تدهور سعر صرف العملة المحلية، لذلك، فهو يكابد كل يوم على سيارته البسيطة التي يستخدمها في الأجرة، ولكن، بسبب كورونا وما تبعها من إجراءات وتبعات، توقف مصدر دخله من عمله في الأجرة، ولم يجد إلا راتبه المحدود يعينه على شراء بعض احتياجات الأسرة.

يقول العم محمد عن الفترة التي عاشها خلال كورونا: " لقد شعرت لأول مرة منذ سنوات طويلة بإعاقتي، لأنني عجزت عن توفير متطلبات أسرتي. كانت تجربة قاسية للغاية. أرجو وأدعو اللّه أن لا تعود".
  • فتاة من ذوات الإعاقة تفقد مصدر دخلها وتمويل علاجها
هدى صالح الرداعي، فتاة عشرينية من مدينة المكلا من ذوات الإعاقة تتحرك بطرفٍ صناعي في قدمها اليمنى. هدى فتاة مجتهدة مثابرة وطموحة، تصنع العطور التي تعتمد على نفسها في تركيبها، وتبيعها إلكترونيًا. يتابع صفحتها على الانستقرام، التي تنشر فيها أنواع العطور التي تنتجها، الآلاف من المتابعين. ومن خلال ما تبيعه تتمكن من توفير احتياجاتها الشخصية، وتوفير مبالغ العلاج التي تستخدمها، ومصاريف المتابعة الطيبة لقدمها الصناعية، ولكن، بسبب فيروس كوفيد 19 "كورونا" في فتراتٍ طويلة من العام الماضي، فقدت كثيرا من زبائنها لخوف الناس من خدمة التوصيل، ولخوفهم من العطور وأي روائح، حسبما تقول هدى، الأمر الذي كلفها تقليص احتياجها الخاص، وتأخير متابعتها الطبية، والاكتفاء ببعض الأدوية المتقطعة، لكن هدى فتاة لا تبتئس، فهي تطور نفسها أكثر في تركيب العطور، وتحلم بأن تكون صاحبة أكبر متاجر للعطور في البلاد.
  • وجهه نظر حكومية:
تقول أوسان باحسين مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت، تلك الجهة الحكومية المختصة والمشرفة على شؤون جمعيات ذوي الإعاقة: "لدينا 20 جمعية لذوي الإعاقة على مستوى ساحل حضرموت، تشمل أنواع الإصابة المختلفة بالإعاقة وهم فئات: المكفوفيين، الإعاقة الذهنية، الإعاقة الحركية، الصم والبكم، التوحد ومتلازمة داون. جميعهم تضرروا بشدّة، وتقلصت مساهمتهم كثيرًا لذوي الإعاقة خلال العام الماضي 2020 بسبب كورونا، الأمر الذي جعل بعض المنظمات تتدخل ولكن تدخلت بشكلٍ محدود.
  • جمعيات ذوي الإعاقة:
من جهتها أكدت انتصار عبد اللّه باشعيبان، رئيسة جمعية الطموح لرعاية وتأهيل المعاقات حركيًا بأنهم: "تضرروا كثيرًا كجمعية لذوي الإعاقة من جائحة كورونا في العام الماضي (2020م)، إذ توفقت العملية الدراسية للطالبات ، ممّا جعل بعضهن يتركن الدراسة ولا يقوين على العودة لها، وتوقفت العملية الإنتاجية للفتيات ذوات الإعاقة من مشاغل التطريز والخياطة والحياكة، وساءت الحالة النفسية لبعضهن كثيرًا فالمدرسة وأعمالهن مع الجمعية كانت المتنفس لهن، وما ينسيهن مرارة مصابهن، ويحد من تفكيرهن السلبي بسبب الإعاقة، كما توقف الدعم عن الجمعية خلال أشهر طويلة في العام الماضي؛ بسبب تداعيات جائحة كورونا وانشغال الداعمين بدعم قطاعات أخرى".

أما عمار عبد اللّه السعدي، رئيس جمعية المعاقين حركيًا في المكلا فعبّر عن واقع ذوي الإعاقة هنا، خلال موجة اجتياح كوفيد 19 العالم كله والبلاد خاصة، بالقول: "نعرف جميعًا ما حل بالعالم من جراء جائحة كورونا وانعكاساتها على حياة الإنسان، وما تسببت به من معاناة وكارثة صحية واقتصادية واجتماعية في جميع أنحاء العالم، والمعاقين، كذلك إضافة إلى ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي يعانون منها نتيجة الحرب الأهلية في اليمن، كما تحدث عن تدخل الجمعية في مساعدة عدد يسير منهم؛ نظرا لإمكانياتها المحدودة، وكانت التدخلات في توفير مساعدات غذائية للمتضررين من أعمالهم الخاصة لتوقف أعمالهم والحظر المفروض، وكذلك صرف أدوية للحالات المرضية المزمنة، والبعض الآخر تم توفير مكيفات تبريد أو مرواح ممّن يعانون السكر وضغط الدم، ومن ناحية أخرى تدخلات في تقديم الدعم المادي للحالات المتضررة نتيجة الحظر، وهم أصحاب المهن الخاصة، وطبيعة تلك التدخلات في تقوية نشاطهم من خلال منح مالية لمعالجة الضرر الذي ألحق بهم لتمكينهم والعودة إلى مزاولة نشاطهم المهني في كسب لقمة العيش الشريفة بعيدا عن السؤال والحاجة إلى الآخرين.

*تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR - صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى