التدمير الممنهج لمركز البحوث التربوي أنموذجا

> نهى فريد

>
إن وصول مركز البحوث والتطوير التربوي في العاصمة عدن إلى هذه الحالة من الجمود، كان من أهم أسبابه التدمير الممنهج الذي مورس عليه خلال السنوات الطويلة الماضية، ولعل الحريق الأخير المتعمد الذي استهدف المكتبة كان الضربة القاسمة والقاضية لإنهاء ما تبقى من محتويات المركز ووثائقه القيمة، التي وثقت أهم مراحل الجنوب التاريخية والتربوية، وحتى السياسية، حيث تم إتلاف العديد من الكتب والوثائق القيمة ومعظم وثائق المركز الهامة.

كما إنه تم مؤخرًا انتساب موظفين جدد ضعف ما كان عليه في 2015م، ليس لديهم الجدية بالنهوض بالعملية البحثية، والمساهمة بإعادة إحياء هذا الصرح الذي يستحق منا رفع القبعات له بما قدمه طيلة السنوات السابقة في ظل غياب الأيدلوجية في السياسة التعلمية التي كانت موجودة قبل عام 90م.
 لقد أنشئ مركز البحوث في 1975م بقيادات وكوادر تربوية محنكة، حملت على عاتقها تطوير العملية التعلمية (الأساسي ـــ الإعدادي ـــ والثانوي).. ففي عام 1977ـ 1978م تم تنفيذ وثائق المؤتمر التربوي الأول ببناء المدرسة الموحدة ذات الصفوف الثمانية، ووضع الملامح الرئيسة بإنشاء التعليم ما قبل المدرسة (رياض الأطفال)، واستراتيجية إعادة تأهيل المعلم، والموجه والإدارات المدرسية  في الجنوب، وتأليف أدلة المعلمين، والوثائق وتأليف وإعداد الكتاب المدرسي، وإدخال البولتكنيك الصناعي والزراعي، وتوفير الأدوات اللازمة للمختبرات، وتبادل الخبرات مع الدول الأجنبية.

لكن ومنذ قيام الوحدة عانى المركز كثيرًا من التهميش والتدمير الممنهج، وتفكيك كوادره التاريخية الذين منهم من غادر أو انتقل إلى الجامعة، أو قام بالرجوع  إلى محافظته، كما عانى كثيرًا من التدمير في جانب التأهيل والهيكلة المالية، وبقي جامدًا لأكثر من عشر سنوات، وتم حرمان غالبهم من الندوات والمؤتمرات  الداخلية والخارجية، ومورس ضده مختلف الأساليب العنصرية التي أمعنت في إقصاء دوره الريادي، حتى كوادره تم تجاوز خبراتهم وسنوات خدمتهم منذ التأسيس في عام 1975، ولم يتم تسوية ألقابهم العلمية والمالية حتى لحظة كتابتي هذه الأسطر، مع الأخذ بالاعتبار أن غالبيتهم من حملة البكالوريوس ودرجة الماجستير والدكتوراة.

بعد حرب 1994م تم ممارسة القهر والإفساد، وتقليص الأبحاث التربوية خصوصًا 2001 لم يمارس أي نشاط بحثي، سوى بحثين أو ثلاثة في السنة، وتارة أخرى يصل حصيلة البحوث أكثر من 30 بحثًا ميدانيًا على مستوى محافظات الجمهورية، دون إشهار بعضها إلا القليل وبأصابع اليد..
فلا يمكن النهوض بالمركز، إلا من خلال وجود الكوادر العلمية الجادة التي ستتحمل الأعباء والظروف المعقدة في الجنوب للارتقاء بالعملية التربوية والتعليمية وتطويرها، وإدخال الوسائل الحديثة، والبدء من نقطة الصفر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى