بائعو الوهم

> هاله فؤاد باضاوي

> أتحدث اليوم عن كل الكيانات والأحزاب والتكتلات. أولئك الذين باعوا الأرض والمواطن بثمن بخس ليتقاضوا به رفاهية وحسابات بنكية وعمارات وقصورا في الداخل والخارج، ويتركوا المواطن يقارع ويلات الفقر والجوع والذل وسط أرضه فعلا لا قولا.

عن أي وطن تتحدثون؟!

أما زلتم مغيبون؟
أما زالت تحكم هذا الشعب العنجهية واللامبالاة والرضوخ؟

ترددون، وأنتم جاهلون، أنكم تساعدونهم في الانقضاض عليكم كفريسة تكشر عن أنيابها عندما تظهر الدول المانحة والمعونات الدولية.
هل يعقل أيها الشعب البائس أنه ما زال لديكم يقين في أن من تهتفون لهم وتقاتلون لأجل إيصال أهدافهم أنهم يريدون لكم خيرا؟!

سبع سنوات عجاف ونحن من ندفع الثمن فقرا وجوعا وذلا ونحن في أرضنا.
نرى أن الدولة الفلانية تدعم، ورفيقتها تمنح، وأخرى تساعد فقط على المواقع والقنوات.

والواقع يحكي أننا نحتضن الفقر بشوق، ويداعبنا الجوع بشغف، ويركض إلينا الذل بلهفة.
أما زال هذا الشعب البائس يعتقد أن ميوله وإيمانه بساكني القصور ومالكي الحسابات الضخمة سيحقق له عيشا كريما.

لن يشعر بوجعك من لم يتذوق الفقر، وهو ينغص تفاصيل يومك!
لن يدرك حرارة انقطاعات الكهرباء من لا يشعر بها في بيته الفاخر وسيارته الفارهة ذات الأزرار الإلكترونية واللمس!

لن يلتمس معاناتك مع الراتب وحكاية العشق الممنوع التي تعيشها مع راتب لا يلبي ربع التزاماتك.
أما آن لك عزيزي المواطن البائس أن تخلع عنك قناع الحزبية، وترمي من على جسمك لباس المناطقية، ولكم في حال الشقيقة ودولة قطر أكبر مثال؟!

إنها السياسة القذرة واللعبة التي تدفع ثمنها وحدك.
لاتدع غيرك يتاجر بمعاناتك، ويبيع لك وجعك ويسوق لك كرامتك.

لك أن تراهم من بعيد أين يسكنون! وماذا يأكلون! وأين يسافرون !

وأنت!

ما زلت تناصرهم وتختلف مع معارضين لهم!
هذا ليس إيمانا منك بقضيتهم، بل هو خنوع وغباء يسيطر على حواسك!

ما زلنا نريد انتشال أنفسنا من وحل التبعية ومن قمقم المناطقية وفوهة القطيع الذي حشرنا أنفسنا به.
ما زلنا مغيبين تابعين مقيدين بمن يتاجر بنا.

أنا وأنت وهو وهي من نسكن هذا الوطن الذي لا نملك فيه حفنة من التراب، وننازع أيقونة الجوع وسيمفونية الفقر لتناسب أوتارها من يقطنون هم وعائلاتهم في الخارج!

لم نتحرر بعد
لدينا كثير من القيود المصفدة بعقول مغيبة.

لا تختلف عزيزي المواطن ولا تقارع أخاك لأجلهم، ففي النهاية كلهم سواسية.
لا فرق بينهم سوى تفرقة أحزابهم، ولكن هدفهم واحد، وهو دفنك والترحم عليك شهيدا، فلا تحقق لهم ذلك.

نحن بحاجة إلى الموازنة مع ذواتنا مع فقرنا مع جوعنا، لكي نعلم أن الثغرة الحقيقية تكمن في تعصبنا، تكمن في توكيل أمرنا لمن لا يستحقه.
هل نحن بحاجة إلى مزيد من الشقاء في هذه الأرض؟!

أنتم فقط من سيدفع بكم في المظاهرات وفي الدفاعات وفي الجبهات!
فلا هم ولا أبناءهم نراهم إلا عبر تغريدات وتصريحات ومقابلات بملابس غالية وأماكن نظيفة لا تعرف التراب!

نحتاج أن نراجع حساباتنا، ونرجع بذاكرتنا للخلف ونرى الثورة ومفتعليها، أين هم الآن وماذا يملكون؟!
وما زلنا نكرر أخطاء الماضي بوجوه تبيع لنا الوهم ذاته، ولكن الأشخاص اختلفوا وسنظل هكذا ونحن نملك مصيرنا لغيرنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى