​برهوت بئر في حضرموت

> كتب/ علوي بن سُميط:

> أثير جدل الأسبوعين الماضيين اكتشاف بئر برهوت بالمهرة، إلا أن العثور على بئر في المهرة وهي مشهورة ببئر الكسفة أو الخسفة بالقرب من شحن أمر بعيد كل البُعد عن برهوت، فبرهوت وادٍ بحضرموت في تنعة التي تبعد عن قبر نبي الله هود بكيلو مترات، والبئر سميت باسم الوادي لوقوعها فيه برهوت فضلًا عن أن التسمية محددة ومعلومة ويقينية جازمة انطلاقًا واعتمادًا على المصادر التاريخية إنها بحضرموت وما قبل الإسلام استنادًا واعتمادًا على حديث سيدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم وشر ماء على وجه الأرض ماء بوادي برهوت، بُقبّة أو (بقّية) بحضرموت عليه كرجل الجراد من الهوام تصبح تدفق وتمسي لا بلال بها) هذا حديث خاتم الأنبياء والمرسلين، كما أن الوفود القادمة من حضرموت إلى رسول الله ومعهم عدد من الحضارم العوام يعلنون دخولهم دين الإسلام كان أحدهم من وادي برهوت بوادي حضرموت يدعى كليب أسعد كليب البرهوتي الذي أعطته أمه تهناة قميصًا أو كساءً حاكته في تنعة إهداءً للرسول وقال كليب البرهوتي منشدًا أشعار في حضرة الرسول:
"من وشز برهوت تهوي بي عذافرة           إليك يا خير من يحفى وينتعل..
إلى أن قال: "أنت النبي الذي كنا نخبره        وبشرتنا بك التوراة والرسل"
مدخل بئر برهوت ورسمة من الداخل للدهاليز والسراديب داخل الجبل. مأخوذة من كتاب برهوت، للمؤلف صالح بن عبداللاه بن حسن بلفقيه
مدخل بئر برهوت ورسمة من الداخل للدهاليز والسراديب داخل الجبل. مأخوذة من كتاب برهوت، للمؤلف صالح بن عبداللاه بن حسن بلفقيه

حديث نبينا محمد صلوات الله عليه أمرًا لا جدال فيه وهو حديث صحيح وحدد مكان البئر بوادٍ في حضرموت كما ذكرها سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكثير من الصحابة ومما قاله الطبري في تاريخ الأمم والملوك وابن حبيب والطيب با مخرمة وغيرهم من الإخباريين والمؤرخين أن برهوت بوادي حضرموت وليس كما قيل بئر الكسفة أو الخسفة في المهرة ولم يجدوا ماءً بها !
وشوران هي فوهة بركان قديم قدم التاريخ أضحى كشكل بئر واسعة متسعة مليئة بمياه البحر تقع في بئر علي وميناء قنا الحضرمي القديم وتقع حاليًا في جغرافيا وإدارة شبوة لذا تناقل الناس أن شوران بشبوة أو منيجوت وشحن بالمهرة هما بئر برهوت، ففيه من الخطأ لأن برهوت مكان معلوم منذ ما قبل البعثة المحمدية وأثناءها وإلى اليوم هو وادي برهوت طوله ٨٠ كم ويصب بالوادي الرئيس وادي حضرموت وموقع البئر به جغرافيا وتاريخيًا أما عن الأساطير وغيرها من المرويات بأنها بئر تسكنها أرواح الكفار والظالمون والجبابرة وغير ذلك جزءًا من الأساطير أضحت بمرور الزمن أشبه بحقائق منها خرافات، إذن هذه البئر برهوت أهي قائمة إلى اليوم أم  إنها بئر تقع وسط مغارة أو كهف أو في غير المكان الذي تعارف عليه وأصطلح أنه بئر برهوت أم أن البئر اندثرت أو طمرت أو غابت للقدم الغابر لتكونها منذ بدء الخليقة إلا أن برهوت البئر موجودة والوادي بذات الاسم موجود ويتبع إداريًا مديرية السوم، وبعيدًا عن ما نسج من أحاديث عن وجود الأرواح الشريرة وأنها موطن للخفافيش ( الصعامر) والثعابين والشياطين وأجناس إبليس فإن الذين زاروا بئر برهوت قلة التمسوا فيها البحث والاستكشاف فمنهم من قال أنه كهف واسع به مغارات وسراديب تسكنه الهوام من حشرات وحيات ومنهم من توغل فيه كثيرًا ورسم خارطة له، ولكنهم لم يجدوا بئرًا، وكما ذكرت فعلًا البئر قد طمست أو غارت ودفنت طبيعيًا.

من هم الذين زاروا برهوت في وادي برهوت
تنعة وادي حضرموت، والمعروف أن تنعة من الحواضر القديمة لحضرموت وأن غاب ذكرها إلا أنها مستوطنة قديمة وطريق للتجارة القديمة وهاجر سكانها كما تقول كتب التاريخ إلى بقاع عديدة واشترك أهلها في الفتوحات الإسلامية بعدئذ وعرفوا بقبائل التنعي والتنعيين.. أول من دخل كهف برهوت هو حضرمي باحث ومغامر يحمل أدوات بسيطة أهمها (الحبال) وهو السيد محمد بن عقيل بن يحيى في أبريل ١٩١٣م ومعه بعض المرافقين وتوغل إلى حد ما.. ووصف البئر وما بها وما ينبعث من روائح منها ونشر رحلته واستكشافه في (المقتطف) المصرية ١٩٢٨م وفي ثلاثينات القرن الماضي دخل إلى تنعة من وادي برهوت الهولندي فان دار مولين والنمساوي الألماني فون فايتسمان برفقة المرشد والدليل السيد علي محمد العطاس من آل عمد ونشروا عن دخولهم إلى كهف برهوت وما وجدوه ووصفوا ذلك أكثر جيولوجيًا ودونوا رحلتهم لحضرموت وبرهوت في كتاب ترجم إلى اللغة العربية كتاب صدر في ٩٨م (حضرموت إزاحة النقاب عن بعض غموضها) كما ذكر برهوت أول رحالة يصل حضرموت وهو الألماني رودلف فون فريدا منتصف القرن التاسع عشر إلا أنه لم يستطع الوصول لاعتبارات جمة أهما أن السكان المحليين منعوه من زيارة المنطقة ككل هود وفغمة وسناء وحاول أيضًا البريطاني تيودور بنت وزوجته وفريقهما الوصول إلى بئر برهوت منها نهاية القرن التاسع عشر ١٨٩٤م لكنهم لم يتفقوا مع حراساتهم من بدو القبائل وحصل خلاف على ذلك وذكر ذلك في كتابه جنوبي جزيرة العرب.. أما أهم وأكثر الزيارات علميًا وبحثيًا هي زيارة المستكشف صالح بن عبد اللاه بن حسن بلفقيه الذي قام بأربع زيارات في ٢٠٠٥م و٢٠٠٦ و نشر أبحاثه مفصلة في كتاب أسماه برهوت مدعمًا بالخرائط الوافرة والصور أكثر مما نشرها مولين وفايتسمان (١٩٣١م) ووصف بلفقيه الكهف والمغارات والطرق والردهات الواسعة بالداخل..

خلاصة موضوعي أن بئر برهوت في حضرموت وهو ما أكده الرواة والباحثون والمؤرخون والمستكشفون مرورًا من ابن يحيى ومولين وفايتسمان وأخيرًا بلفقيه ولكن البئر هل هي عمق الكهف أو المغارات التي تتصل ببعضها ولكنها اندثرت وطمرت الأمر الذي يحتاج كثيرًا من العمل على التنقيب والاستكشاف من الآثاريين والتاريخيين والجولوجيين والمهتمين بالعلوم العلمية الطبيعية كون المكان تاريخي ومعلم حضرمي بارز ومؤكد ومعلوم استنادًا وتأكيدًا لحديث سيدنا ورسولنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالبئر في حضرموت وليست في مكان آخر والله أعلم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى