​حسين جلاب.. الهوى غلاب

> كتب/ محمد العولقي:

> كان زهرة دوار الشمس قد تفتحت على ضفاف ميناء التواهي، وملأ أريجها أرجاء الجنوب.. سهوله وهضابه ووديانه.
* زهرة دوار الشمس ليست إلا عبقري كرة قدم زمان الكابتن حسين جلاب، أول وآخر من أطرب الحي بشدوه ولحنه الكروي المنغم بكل نوتات كرة التيكي تاكا.
* حسين جلاب خاطرة نسترجعها من ثنايا الذاكرة، نستلهم حكايته من فم الفجر، نجترها لأنها حكاية لاعب قدم لوطنه كل شيء وبخل عليه مسؤولوه بأي شيء.
* كان لاعبًا قويًا صلبًا عنيدًا يلعب بألف رئة ورئة، أكسج رئتيه بنسيم التواهي، ثم صنع الشهد الكروي في القوات المسلحة.
* حسين جلاب اليوم رهين آلام مرض ساقط وضيع لا يرحم، ينهش في جسده بالتقسيط المريح، ولا أحد يناجي حسين في ليل طويل بلا بكرة.
* حسين جلاب كان ضابط قنوات الوعي التكتيكي، كل مدربًا يضبط توقيت مفكرته على ساعة حسين البيولوجية، في زمانه لم يلتصق بمركز، هو ظهير بسرعة الصاروخ،  وفي نفس الوقت مهاجم مشاكس،  ومرات لاعب ينبت كفدائي في كل أرجاء الملعب.
* كل تلك الألعاب الفدائية سقطت على صدره اليوم مثل جلمود حطه السيل من علِ، انتظر من يطرق بابه، من يواسيه، من يرفع عنه طلاسم الوجع في محنته، ولم يجد إلا قليلًا جدًا من أوفياء الزمن الجميل، وبعضًا من تداعيات صدى السنين الحاكي.
* حسين جلاب اليوم تتآكل أحشائه، تتمزق نياط قلبه، تتحلل خلاياه، فعندما يتدخل مشرط الجراحة يكون وقعه على قلبه أقسى و أمر من وقع الحسام المهند.
* حسين جلاب الذي كان صخرة وطن تتحطم على تضاريسه كل الجبهات، وهب وطنه كل شيء، شبابه، صحته،  قوته، عنفوانه، كرامته، لكنه في الليلة الظلماء لم يجد بدرًا واحدًا يضيء ليال قلبه الحالك.
* هو اليوم في ظل غيبوبة الوهن والألم، وفي ظل قلب مفتوح عبثت به مشارط الأطباء، لم يعد سوى دمعة ساخنة تترقرق في مآقي عشاقه، ثم تنهمر على وجنات جيل كامل أعطى كل شيء ولم يأخذ شيئا.
* حسين جلاب فارس ملاعب زمان ترجل عن صهوته، أصبح ضحية وجهين لعملة واحدة، وجه الجحود ووجه النكران، جحود وزير يدلل فيروسات دخيلة على الرياضة، نكران اتحاد كرة لا يرى أمامه إلا أقزامًا (أربعة شلوا جملا)، سهو محافظ مشغول بكواليس أخرى غير الرياضة..
* نعم يا كابتن حسين جلاب تعددت أسباب الجحود والنكران والنتيجة واحدة، صحيح أنك يا حسين لا تنتظر رحمة لا من وزير ولا من رئيس اتحاد ولا من محافظ، لكن من حق الوطن عليك أن يطبب جرحك، وأن  يمسح دمعتك الساخنة في جوف الليل، لا نود أن يقول نجلك المهندس أوسان بعد فوات الأوان: ماتت الشهامة، انتحرت المروءة أمام بوابة بطل قدم لوطنه ما لم يقدمه الوزير ولا رئيس الاتحاد ولا جناب المحافظ.
* مثلما كان الوطن همك الأول بلا منازع، من واجب قيادات الوطن إنصافك في عز قلب عليل يحتضر، يزهر وجعًا وألما كل ثانية، ومثلما كان الوطن وجعك الأول، من واجب الوطن أن تكون هاجسه الأول، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
* عرفناك لاعبًا جادًا شوكتك على ظهرك مثل العقرب تمامًا، لكننا عرفناك أكثر إنسانًا بسيطًا راقيًا يحمل في صدره وعقله حسن النوايا.
* أحبائي: نايف البكري وأحمد العيسي وأحمد لملس: إذا لم تكن صرخة حسين جلاب قد أنارت قلوبكم، أو أن ثمة غيوم داكنة حجبتها عنكم، أخبركم بأن التاريخ لن يرحمكم إذا لم تبادروا بسرعة إنقاذ حياة هذا البطل الكروي الكبير، ستجدون جيلًا كاملًا يلعنكم آناء الليل وأطراف النهار إذا تجاهلتم نداء هذا الرجل الخجول بطبعه.
* ولأن الهوى دائمًا غلاب عند هذا البطل النادر، فمن الضرورة بمكان تذكير الثلاثي  نايف البكري وأحمد العيسي وأحمد لملس أن الكابتن حسين جلاب في حاجة ماسة للسفر إلى الخارج لمتابعة المرحلة العلاجية الأكثر صعوبة، ومن الواجب تلبية النداء بدلًا من تبني أشباه اللاعبين وتدليلهم حد التبجيل..
* كابتن حسين جلاب مثلي لا يملك إلا برقية حب وتضامن و دعاء للمولى أن يسبغ عليه نعمة العافية، فالعين بصيرة واليد قصيرة، رصيدي أمام أهرامات رصيدك الكروي فقط كلمات ومفردات، فالعبد لله  ليس من قوام فرقة أنشاد الوزير، ولا مهرج في سيرك رئيس الاتحاد، ولا صنم في ديوان المحافظ، فقط أهديك هذه المفردات التي ستحوم في سمائك كالفراشة وستلسع المسؤولين كالنحلة، وأملي أن تجد صرختي آذانًا مصغية من ذوي الشأن، ودائمًا يا كابتن لا حول ولا قوة إلا بالله ..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى