توقف مصفاة عدن سبب الأزمة الاقتصادية وتدهور الحياة المعيشية

> ​لم تعد الحرب الجارية في اليمن تتركز على المعارك العسكرية، بل أصبحت تشمل المجالات كافة، خصوصاً الجانب الاقتصادي الذي كلف اليمن نحو 90 مليار دولار خلال 7 سنوات.

وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والولايات المتحدة، للوصول إلى توافق أطراف الحرب لإنهاء أكبر أزمة تشهدها البلاد، فإن الصراع الاقتصادي يستمر في الارتفاع، وسط تدهور مريع للعملة المحلية.

ويعاني أكثر من 16.2 مليون شخص من اليمنيين من انعدام الأمن الغذائي، وسط تحذيرات دولية من انهيار البلاد ودخولها في مأساة كبيرة مع استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، واستمرار الحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة بتحالفٍ تقوده السعودية.

خسائر اقتصادية كبيرة

في إحصائية قدَّرتها الحكومة اليمنية، عن الخسائر المباشرة التي لحِقت بالاقتصاد في الحرب المستمرة بالبلاد منذ نحو سبع سنوات، أشارت إلى أنها بلغت نحو 90 مليار دولار.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أنَّ واعد باذيب وزير التخطيط والتعاون الدولي، أشار في حديث له، إلى ما يعانيه الاقتصاد اليمني من انكماش غير مسبوق منذ عام 2014، قائلاً إنه خسر أكثر من 90 مليار دولار وفقاً لتقديرات أولية.

وأضاف باذيب أن هذه التقديرات هي للخسائر المباشرة في الناتج المحلي اليمني، فضلاً عن الخسائر الناتجة عن تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية بسبب الحرب.

وإضافة إلى هذا، خسرت العملة الوطنية نحو 180% من قيمتها أمام العملات الأجنبية، مما ساهم في صعود حاد للأسعار وتدهور مستوى المعيشة وانخفاض متوسط دخل الفرد بنحو 60%.

وتمر العملة الوطنية بأزمة تراجع غير مسبوقة، لتبلغ قيمتها في مقابل الدولار الواحد، أكثر من ألف و250 ريالاً يمنياً، وبموازاة ذلك، شهدت نسبة التضخم ارتفاعاً كبيراً من 30% عام 2014، إلى أكثر من 80% العام الماضي.

الأشد فقراً

يقول البنك الدولي في بيان، مطلع يوليو الماضي: إن اليمن "البلد الأشد فقراً في قائمة البنك الدولي لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ عام 2015، بسبب الصراع".

وجددت الأمم المتحدة، في 18 أكتوبر الجاري، تحذيرها من الوضع الهش باليمن، الذي قد يؤدي إلى انزلاقه إلى المجاعة مجدداً، بسبب اشتداد الصراع المستمر في أنحاء البلاد.

وقال ديفيد جريسلي المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية باليمن، في إحاطة صحفية: "الصراع والعنف المستمران في جميع أنحاء البلاد لا يزالان يؤثران بشدة على السكان الذين هم في أمسِّ الحاجة إلى إنهاء القتال، حتى يتمكنوا من إعادة بناء حياتهم".

وتظهر أحدث تقديرات لوكالات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، أن هناك ما يقرب من 20.7 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية في عام 2021، فيما يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي.

تكلفة الفرص الضائعة

يشير الصحفي الاقتصادي اليمني وفيق صالح، إلى أن ما وصفه بـ"الرقم المهول" الذي كشف عنه الوزير اليمني، ما هو إلا "فقط تكلفة الفرص الضائعة للاقتصاد اليمني، وخسران الإيرادات التي كان يمكن أن يحققها الاقتصاد اليمني خلال سنوات الحرب الماضية".

ويؤكد أن هذه الأرقام "لم تتضمن تقييم الأضرار المادية والبشرية والتدمير الذي لحِق بالبنى التحتية والمنشآت الإنتاجية والخدمية".

ويوضح صالح في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "مثلاً تمثل تكلفة الفرصة الضائعة حجم الخسائر الاقتصادية التي تعرض لها الاقتصاد اليمني خلال السنوات الست الماضية، وهي حجم الفاقد في قيمة إنتاج المجتمع من السلع والخدمات المولدة للناتج المحلي".

ويضيف: "كان من المتوقع أن يتجه نمو الناتج إلى التزايد وبوتيرة تصاعدية في ظل الظروف الطبيعية وبأن يرتفع من 33.2 مليار دولار عام 2014 إلى 34.6 مليار دولار في عام 2015 ثم إلى 42.1 ملياراً عام 2019، إلا أنه باستمرار ظروف الحرب والصراع حقق الناتج تراجعاً كبيراً وبشكل مستمر خلال سنوات المقارنة وتراجع من 33.2 مليار دولار إلى 23.1 مليار دولار ثم إلى 19.9 مليار دولار".

وتابع: "الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المحتسبة بصورة أولية وصلت إلى نحو 93.4 مليار دولار خلال فترة الحرب من 2015 إلى عام 2019".

وفي حال استمرار الوضع بصورته الحالية، فإن خسارة الناتج المحلي للاقتصاد وتكلفة الفرص الضائعة سترتفعان بصورة قياسية.

عائدات النفط

ويواجه اليمن ضغوطاً وصعوبات مالية واقتصادية غير مسبوقة ناتجة عن تراجع عائدات النفط التي تشكل 70٪ من إيرادات البلاد وتوقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة.

وغادرت شركات النفط والغاز الأجنبية اليمن، وتوقف إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال كلياً منذ إبريل 2015، تزامناً مع انخفاض أسعار النفط العالمية بصورة حادة.

وتوقف تكرير النفط في مصفاة عدن وحدثت أزمة خانقة بالمشتقات النفطية، وعاد العمل لاحقاً وبشكل جزئي في المنشآت النفطية وفي المصفاة، وهو ما انعكس سلبياً على المؤشرات والموازين الاقتصادية الكلية وساهم بطريقة مباشر وغير مباشرة في تدهور الحياة المعيشية لملايين اليمنيين.

ويمتلك اليمن احتياطياً من النفط الخام يقدر بنحو 3 مليارات برميل، إضافة إلى احتياطي أوَّلي من الغاز قدره 18.215 مليار قدم مكعبة، حتى عام 2014.

وكان القطاع النفطي (نفط وغاز) يلعب أهمية عالية في النشاط الاقتصادي وتمويل التنمية في اليمن، حيث ساهم قبل تعطُّله بـ24.1% من الناتج المحلي الإجمالي، و83.3% من إجمالي الصادرات السلعية، و45.3% من إجمالي إيرادات الموازنة العامة للدولة.

عن الخليج أونلاين

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى