تهريب الوقود في الحديدة أحد أغرب نتائج الحرب

> «الأيام» خيوط:

> قيمتان لعملة واحدة في ذات المحافظة بل في ذات المديرية، سعر صرف مستقر وآخر منهار أمام الدولار، ومعه تتفاوت أسعار السلع والوقود، لعل هذا أحد أغرب نتائج الحرب وأصعب انعكاساتها على حياة المواطنين.
في محافظة الحديدة (غرب اليمن) التي تتواجد بها قوتان تتقاسمان الأرض وسلطتان مختلفتان وعملتان لا شبه بينهما سوى أنها من زمرة الريال.

فيمكن للسائر في وقت متأخر من الليل بأحد الخطوط السريعة أو أحد الطرق الرملية التي تربط بين المديريات أن يرى سائقي دراجات نارية يحملون صفائح ذات عشرين لترًا من أمامهم وخلفهم وعند أرجلهم حتى لا يكاد رأس السائق يُرى، ويسيرون بسرعة كبيرة جدًا يجعل منك تتساءل ماذا يفعل هؤلاء؟!

قد تظن بداية أنهم ينقلون الماء ولكن لماذا في الساعات المتأخرة من الليل؟ ولماذا يفضلون السير في الطرق الرملية مبتعدون عن الأسفلت؟ كل هذا كان جوابه أنهم يقومون بشراء الوقود من الجوار، ويقصد بالجوار هناك وكأنهم عبروا حدودا لدولة أخرى واخترقوا حواجزها الأمنية ليبدو عليهم مظهر الفرار من ملاحقة حرس الحدود.

يختلف مصيرهم بين من محترق بالوقود المتسرب، ومن يلقى القبض عليه، ومن قد يتعرض لحادث في الطريق الوعر قد يؤدي لمصرعه.
يحدث أحيانًا أن يتوفر الوقود في مناطق سيطرة قوات العمالقة المحسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًا والمدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات وبثمن يعتبر أقل من مناطق سيطرة أنصار الله (الحوثيين).

محمد عبد الله، 17 سنة، وعبده حسن، 18 سنة، من الشباب الذين دفعتهم صعوبة المعيشة إلى اتخاذ قرار شراء الوقود من مناطق سيطرة قوات محسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًا وبيعها في مناطق سيطرة أنصار الله (الحوثيين) سبيلًا للعيش، والمجازفة على الرغم من صعوبة المهمة وخطورتها.
لم يصلا لمبتغاهما، وجدا مرميين في وسط الصحراء وهما فاقدان للوعي وفي غيبوبة تامة وكدمات في الرأس، لعل حادثًا قد اعترضهما أثناء ذهابهما في طريق صحراوي وعر، كان من الممكن أن يبقيا هناك إلى أن يفارقا الحياة.
فالشابان من سكان مديرية التحيتا ويعيشان في إحدى أريافها، المديرية التي تنقسم على طرفي النزاع ويقيم كل طرف حواجز أمنية ونقاط عسكرية تجعل من التنقل داخل المديرية أمرًا عسيرًا ومحفوفًا بالمخاطر.

توهان
اختارا السير فجرًا في أحد أيام شهر يوليو 2021 لبدء مغامرة دخول التحيتا حيث قوات العمالقة وشراء الوقود، اختارا السير في طريق الجبلية الصحراوي للدخول خلسة من النقاط الأمنية لاختصار الطريق والسير بعيدًا عن الأعين.
صحراء واسعة غادر من كان يسكن فيها نتيجة الحرب، سعيا للوصول للجانب الآخر وخاطرا بأرواحهما للحصول على فارق سعر ليكون مصروفهما لبضعة أيام قادمة.

لم يصلا لمبتغاهما، وجدا مرميين في وسط الصحراء وهما فاقدان للوعي وفي غيبوبة تامة وكدمات في الرأس، لعل حادثًا قد اعترضهما أثناء ذهابهما في طريق صحراوي وعر، كان من الممكن أن يبقيا هناك إلى أن يفارقا الحياة أو تأكلهما الكلاب الضالة أو أحد دواب الصحراء، ولكن أحد سكان أطراف الجبلية مر صباحًا من ذات المكان وقام بنقلهما إلى مديرية زبيد.

فارق للعيش
رجح قاطنو صحراء الجبلية من طبيعة إصابتهما وبقايا الدراجة النارية كونه حادثًا كاد أن يودي بحياتهما، مر أسبوعان على دخولهما مدينة الحديدة بينما لا زالا في غيبوبة تامة تشبه ضمائر موقدي الحروب ومغذيها.
شباب يفقد حياته وصحته في سبيل الحصول على فارق ثمن يمكنه من العيش، وحواجز أمنية جعلت من مديرية واحدة أشبه بدولتين، وانعدام للمسؤولية تركت شعبًا يذوق الأمرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى