عبد الحميد السعيدي.. بين القهر والتعاسة وخذلان مكتب الرئاسة ..!

> محمد العولقي

> الأعمار بيد الله ولكل أجل كتاب، هذه حقيقة لا يستطيع مخلوق إنكارها مثلما لا ننكر على أنفسنا الاهتمام بقاماتنا الوطنية الكبيرة وحماية تاريخها من الانقراض .. من هذا المنطلق أسأل مكتب رئاسة الجمهورية : هل الأستاذ عبد الحميد السعيدي صاحب التاريخ الإداري الزاهر والزاخر بالأعمال الجليلة أقل ممن منحتهم الرئاسة مناصب عليا في وزارة الشباب والرياضة بين عشية وضحاها؟

* لماذا يماطل مكتب رئيس الجمهورية ويتجاهل عرض درجة الأستاذ عبد الحميد السعيدي على رئيس الجمهورية لينال حقه كمكافأة نهاية الخدمة؟ .. لماذا لم يأخذ فرصته بتعيينه مستشاراً لوزارة الشباب والرياضة بدرجة نائب وزير بعد خمسين عاماً من الكفاح الإداري المرير في أروقة ودهاليز الرياضة؟ ، هل لأن الأستاذ عبدالحميد السعيدي لا ينتمي لتيار سياسي، أم لأنه ليس من مواليد حزب الذقون الطويلة؟

* هل كان على الأستاذ عبد الحميد السعيدي وهو في سن الثامنة والسبعين عاماً أن يقف على الأعتاب ويدق أبواب السياسيين ومجلس شؤون القبائل لينتزع درجته الوظيفية قبل أن يلقى ربه؟ .. أين فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي من هذا الاستعداء الواضح لهذا القيدوم الكبير ؟ .. هل يعلم الرئيس أن قرار ترقية السعيدي إلى مستشار بدرجة نائب وزير في درج مدير مكتبه منذ ثلاث سنوات أم أنه من الأصل لا يعرف؟

* أيا كانت الإجابة فالنتيجة واحدة إنكم تنالون من الروح المعنوية للأستاذ عبد الحميد السعيدي وتعذبونه بحكم أنه ينتمي لحزب الرياضيين ولا ينتمي لحزب السياسيين .. تعالوا انظروا وتأملوا في قيادات وزارة الشباب والرياضة الكرتونية التي جاءت إما في الغالب لانتماءات سياسية ليس فيها مكان للكفاءة والخبرة أو بوساطات الشيوخ الركع في أحسن الأحوال .. يؤلمني أن تتم معاملة الأستاذ عبد الحميد السعيدي بهذا الاستخفاف غير المبرر، ويوجعني أن الرجل الخبير الذي أفنى حياته في خدمة الرياضيين والشباب يواجه هذه الأهوال من العقوق ثم يُكافأ بجزاء سنمار من طرف رئاسة عنصرية تنظر للون والمذهب السياسي ولا تراعي الطيف الوطني النقي .. هيا تأملوا في تلك الطحالب الفاترة التي تحتل المناصب الإدارية في وزارة الشباب والرياضة ، ولا تتعجبوا فنائب الوزير كان مجرد نطفة وعلقة ومضغة في رحم المجهول عندما كان مشوار الألف ميل للأستاذ عبدالحميد السعيدي قد بدأ.

* لا تندهشوا عندما يُعين طفل رضيع نائباً على حساب السعيدي لمجرد أن الأول يرقص على رؤوس ثعابين السياسيين ويتسلح بالولاء لحزبه، على حساب مصلحة وطنه و يستند على ظهر (حمالة الحطب) .. أدقق بألم في دفتر أحوال وزارة الشباب والرياضة، فلا أجد فيها إلا كائنات هلامية لا تمت للكفاءة بصلة، نصفها تابعة للعيسي ونصفها الآخر للأقربين الأولى بمعروف حزب الوزير نفسه، فهل بعد كل هذا التهريج من سيلتمس منكم العذر لتأخر إقرار درجة الأستاذ عبد الحميد السعيدي رئاسياً ..؟

* سأكون متجنياً على الأخ نائف البكري وزير الشباب والرياضة وغير منصف لو أنكرت دوره الكبير وبخست حقه في إنصاف القامة الرياضية والخبير الإداري المحنك عبد الحميد السعيدي، فالوزير لم يقصر ورفع بقرار تعيين السعيدي مستشاراً بدرجة نائب وزير ، لكن القرار حبيس أدراج مكتب رئاسة الجمهورية بلا سبب مقبول أو مبرر معقول، علماً أنه عندما بدأت رحلة السندباد عبد الحميد السعيدي مع الإدارة الرياضية مع مطلع ستينات القرن الماضي كان معظم أعضاء الحكومة ومعهم مدير مكتب رئاسة الجمهورية في علم الغيب، لا ندري هل هم جمع تكسير أم جمع مذكر سالم؟

* بداية صعبة في زمن المد الثوري تعامل معها عبد الحميد السعيدي بحماس الشباب وحيويته الرياضية، تقريبا بدأ السعيدي رحلته في خندق واحد مع رفيق دربه فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي مع الفارق طبعاً .. هناك في غرفة مظلمة أشبه بعلبة كبريت انكب السعيدي يرسم ملامح الحاضر ويضع لبنات رياضة وطن خرج للتو من عباءة الإنجليز، سهر الليالي طالباً للعلا ولم يغمض له جفن وهو يؤسس لعمل إداري متقن لا تشوبه شائبة.

* خمسون عاماً هي بعمر رئيس الحكومة معين عبد الملك والسعيدي يبني وطنه الرياضي من صحته ومن قوته ومن حقوق أسرته عليه ومن عمره وحياته ومن عرقه الرقراق .. خمسون عاماً والسعيدي يغرس بذوره في كل مكانه ويسقيها من عرقه أحياناً ومن دموعه أغلب الأحيان إلى أن صارت الرياضة اليمنية حديقة غناء ، لكن للأسف أصبحت تلك الحديقة مرتعاً للغربان والبوم والجراد والفضل في هذا لتلك الكائنات السياسية المكتئبة التي تتبنى الفاشلين والفاسدين من ذوي الأفكار المغلوطة.

* تخيلوا رجلاً عاصر كل المراحل وبصم على كل حقبة بدمه ودموعه وابتسامته يصرخ من الألم مناشداً مكتب الرئاسة الإفراج عن قرار درجته الوظيفية .. تصوروا رجلاً يحمل فكراً مستنيراً عمره خمسين عاماً من العمل المتدفق عطاء والمتواصل كفاحاً يتألم بصمت وهو يرى محسوبيات تقرصن حقه وتجبره على مشاهدة النجوم في عز الظهر .. لاحظوا أن الرجل الخبير الذي لم يسأم تكاليف الحياة مثل الشاعر زهير بن أبي سلمى لازال في نفس عنفوان قدراته الذهنية، يختزن عقلاً إدارياً فذاً فيه حلول لكل لغز أو طلسم ، لكن مشكلته أنه في (بلاد العميان) حيث الطقوس السياسية هي من تتحكم في المشهد الرياضي للأسف الشديد ، كما أنه بالنظر إلى تاريخه الطويل الحافل بالإنجازات و المشحون بالملاحم الإدارية يبدو في زمن الطحالب السياسية مثل جوهرة بيد فحام ولا حول ولا قوة إلا بالله.

* بين يدي تاريخ حضرة (الشيبة) تاريخ وطن رياضي بدأ من الصفر ، هو أرشيف كامل ، كان شاهداً على كل المراحل ، وهو موسوعة إدارية عملاقة توازي وطناً مر بالكثير من مراحل المخاض ومثل هذا الرجل يجب بل يلزم أن يُوضع في مكانة مرموقة تستلهم منه كل الأجيال دوافع وحوافز النجاح المرير الممزوج بالتحديات العاصفة والمصاعب العاتية .. وحتى يفهم (كتاكيت) قيادات طرشان الزفة ألف باء القيادة عليهم بقراءة محتويات سيرة القيدوم عبد الحميد السعيدي سطراً سطراً فقرة فقرة كلمة كلمة.

* تدرج الأستاذ عبد الحميد السعيدي في السلم الإداري خطوة خطوة، وارتقى الدرجات بهدوء دون تسرع ، وفي كل موقع كان مثل اليعسوب فوق الكل ، يمتص رحيق زهرة شبابه لأجل وطنه ثم يطرحه عسلاً صافياً فيه لذة للشاربين الرياضيين .. من يريد منكم أن يعرف عبد الحميد السعيدي عن قرب عليه قراءة سيرته الذاتية الزاخرة بالمآثر والإنجازات العظيمة ، لكنك عندما تقرأ جيداً مرحلة كفاح الخمسين عاماً تجد نفسك بالصوت والصورة أمام مناضل صنديد صنع من بحر الواقع المرير طحينة مذاقها حلو وصورتها البهية تسر الناظرين.

* وأنت تتمعن في رحلته الطويلة المليئة بدراما الشهد والدموع ستجد نفسك أمام إنسان محب لوطنه وللناس ، حالماً بمستقبل أفضل وحياة أحسن لكل البسطاء والكادحين حيث ولد بينهم وترعرع بينهم وتألق لاعباً وإدارياً بينهم أيضاً .. عاش الكثير من أحزان الماضي وكان واحداً من قلائل صنعوا لهذا الوطن فرحة رياضية في زمن الانكسارات السياسية، كان يعمل بأسلوب البنائين صبوراً حليماً وكل شيء عنده بميزان، يفكر بعقل مفتوح ومتحرر يبحث عما يمكث في الأرض، لطيف المعشر، حلو الحديث ،لا يعرف اللغو ولا المراوغة ولا الكذب، يفرح لنجاح غيره ويتواضع لله أولاً ، ثم للناس ثانياً أمام نجاحه

* ظل طوال خمسين عاماً شغوفاً بعمله في محيط الشباب والرياضة، فهو الرجل الأولمبي الذي نال أعلى وسام أولمبي عالمي، و هو الوكيل المساعد الذي قرأ طلاسم الواقع وفك لوغاريتماتها الصعبة، وهو الوكيل الذي يخطط ويبرمج ويستشف آفاق المستقبل بحاسة أنف فأر عرف كيف ينجو من جحيم تسونامي .. وعبد الحميد فارس الرياضة الأول بلا منازع يؤمن دائماً بمبادئه، قريب من كل أصدقائه، يضيقون بهمومهم الرياضية فيشكون بها إليه ودائما حاضر بالحلول يأتيك بها قبل أن يرتد إليك طرفك.

* القيدوم عبد الحميد السعيدي الذي صنع للرياضة اليمنية شيئاً من لا شيء ، وهو على مشارف نهاية الخدمة ينزف دماً يعيش بيننا بقلب مثقوب من الوجع يتألم لأن هناك من يماطل في منحه منصب مستشار بدرجة نائب وزير يتوجع لأن أولاده في مكتب الرئاسة لا يقيمون وزناً لتاريخه ونظافة يده ونقاء سريرته وعظمة موازينه الثقيلة، تأملوا في تاريخه الطويل فهو لا يشكو لنا همومه ولا يبوح لنا بوجعه وألمه، وما أكثر الأحزان في صدره، لأنه بالفعل يتعرض للظلم من ذوي القربى، هذا الرجل الذي يمثل قمة وطن وقامة بلد ومقامة دولة لا يجد من أبنائه في الحكومة من يضع يده على جرحه وينصفه في زمن الولاءات الغبية والمحسوبيات العبيطة.

* عرفته كما هو صافي الذهن، قليل الغضب، حتى عندما يتعلق الأمر بحقوقه فهو كتوم للغاية لا ينفعل ولا يتوسل لفتة تجبر الكسر والخاطر، لم يتاجر بتاريخه ولم يدخل في سباق محموم على المناصب التي يهبها السياسيون للنطيحة قبل المتردية ، أحب رياضة وطنه وأخلص لها، وأحب الناس والرياضيين والشباب وأخلص لهم ، أحب عدن و رياضتها ويحلم أن يُدفن بعد عمر طويل في ترابها، فهل يعقل يا فخامة الرئيس ألا ينال هذا الرجل درجته وهو على قيد الحياة ..؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى