"حجة".. الرقعة الغائبة الأهم على خارطة الحرب مع إيران

> "الأيام" عن/ العين الاخبارية:

> ​ كحجر الزاوية، تنتصب محافظة حجة في شمال غرب اليمن، مشَكّلة الرقعة المنسية الأهم على خارطة الصراع مع إيران.
وفي تضاريسها الممتدة من الجبال الشاهقة بمحاذاة صعدة، مرورًا بالمنفذ الحدودي الأكبر مع المملكة العربية السعودية، إلى سواحل البحر الأحمر؛ تختزل محافظة حجة شيفرة النفوذ الإيراني عبر مليشيات الحوثي الانقلابية.

وربما تحمل صعدة -معقل زعيم الجماعة الإرهابية عبدالملك الحوثي- أهمية رمزية بالغة لنشأة الجماعة المدعومة إيرانيا في اليمن، لكن أهمية حجة في نشوء الحركة الحوثية تفوق أية محافظة أخرى.
وتعتبر محافظة حجة أول منطقة يمنية تتمكن إيران من اختراقها قبل ما يقارب 3 عقود حين استغلت سواحل ميدي لتهريب الأسلحة والمخدرات للمتمردين الموالين لطهران في صعدة، حسبما أكده عسكريون لـ"العين الإخبارية". 

وللمفارقة فقد شهدت المحافظة أكبر انتفاضة شعبية مسلحة ضد مليشيات الحوثي، حين تمكنت قبائل حجور عام 2019 من تحرير مناطق شاسعة قبل أن تتعرض للخذلان من قيادات تنظيم الإخوان في اليمن.
ولا تزال التهدئة المشبوهة بين مليشيات الحوثي وألوية عسكرية موالية لحزب الإصلاح الإخواني محط شكوك لدى عديد اليمنيين، خصوصا أنها تنتشر على مساحة مديرية ميدي بالكامل وأجزاء من "حيران" و"حرض" و"عبس" في الجهة الغربية من حجة.
ورغم معارك الكر والفر التي لا تنتهي بين الإخوان والحوثي، يشير خبراء يمنيون إلى ضرورة الدفع بهذه القوة المنضوية تحت قيادة المنطقة العسكرية الخامسة في الجيش اليمني لتؤدي مهمتها في تحرير حجة، باعتبارها الحديقة الخلفية لمعقل الانقلاب الأم في البلاد.

مثلث الإمداد
ووفقا للخبير العسكري اليمني، المقدم عمرو الناصر سنان، فإن محافظة حجة، كموقع تمثل مثلت طريق الإمداد الرئيسي بين صعدة وإيران عبر ساحل ميدي.
وقال سنان في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن مقرر التنظيم السلالي أحمد الكحلاني عقب حصوله على الدعم من نظام الخميني، اتجه في تسعينيات القرن الماضي للتوسع باتجاه السواحل في منطقتي الجر وميدي غربي حجة".

وتمثل التوسع في شراء آلاف الهكتارات من الأراضي والمزارع التي حولها الكحلاني (قبل وفاته) إلى ثكنات تهريب للأسلحة والمخدرات عبر ميناء ميدي إلى جبال مران صعدة، والتي شهدت خلال تلك الفترة ظهور اللبنة الأولى للجماعة الحوثية، بحسب سنان.
ويؤكد الضابط في الجيش اليمني، أن "الكحلاني الذي كان مدسوسا في النظام الجمهوري كان له الدور الأبرز في اختراق أهم مناصب الدولة قبل الانقلاب والتمهيد لظهور المليشيات الحوثية الإرهابية بدعم من النظام الإيراني".
وأشار إلى تعيين شقيق الكحلاني، علي، مديرا للمؤسسة الاقتصادية التي كانت تسيطر على أكبر رأس مال في اليمن في كل المجالات وبدعم وتخطيط وتنظيم مدروس ومدعوم مسبقًا من إيران.

جغرافيا حاكمة
ويلخص الصحفي اليمني علي جعبور أهمية محافظة حجة في موقعها الجغرافي القريب من محافظة صعدة والمحايد للمملكة العربية السعودية، والمطل على البحر الأحمر.
وخلال حديثه عن محافظته لـ"العين الإخبارية" قال جعبور إن الإمامة كانت تاريخيًا تبدأ في صعدة ومن ثم تتحرك إلى حجة ومن قبائلها تستمد الدعم إلى صنعاء للاستيلاء على الحكم، وهكذا.

خزان بشري
ويشير الصحفي والناشط السياسي، علي جعبور، إلى أن العزلة التي تعانيها مديريات حجة الداخلية خلقت بيئة خصبة للاستقطاب الحوثي.
وأصبحت محافظة حجة التي تضم 32 مديرية واحدة من أهم الخزانات البشرية للمليشيات، كما تسيطر القيادات الحوثية المنتمية للمحافظة ميدانيًا على أهم المسارح العسكرية للانقلابيين، وأبرزها يوسف المداني قائد ما يسمى المنطقة العسكرية الخامسة، ونائب رئيس ما تسمى "هيئة الأركان" الإرهابي محمد الغماري.

ويعد القياديان من أهم الأذرع الحوثية التي ارتبطت باكرا بالحرس الثوري الإيراني وكانت اليد الطولى لقائد فيلق القدس قاسم سليماني قبل مقتله بغارة أمريكية مطلع 2020.
ويقول جعبور لـ"العين الإخبارية"، إن "الحوثيين استغلوا تردي التعليم في المنطقة المنغلقة على نفسها لاكتساب حاضنة شعبية"، لافتًا إلى دعم بعض القبائل لمليشيات الحوثي خلال حرب صعدة الأولى في 2004 حين امتدت المعارك ضد الجيش اليمني إلى منطقة وشحة في حجة.

عقبة حجور
وكما مهدت حجة الطريق للحوثيين نحو صنعاء فإنها شهدت أعنف كفاح شعبي مسلح ضد المليشيات الانقلابية خاضته قبائل حجور في قلب المحافظة.
ويشير علي جعبور إلى أن حجة كانت تعتبر المحافظة الذهبية لحزب المؤتمر الشعبي العام، وكانت تمثل العقبة الكبيرة أمام الحوثي في طريقه إلى صنعاء، لذلك قام باختراقها في 2011 عبر مجاميع مدنية بقيادة يوسف المداني.

ولكن -يتابع جعبور- تم صد المداني في مديرية كشر بحجور لمده 6 أشهر، وخلال الانقلاب في 2014 سقطت محافظة حجة ما عدا مناطق حجور والتي بقيت تقاتل الحوثي حتى عام 2019 جراء خيانة أذرع تنظيم الإخوان في السلطة المحلية المعترف بها.
وكادت نيران حجور تلتهم الحوثيين في حجة والمحافظات المجاورة، لتنتهي مسيرة الإرهاب الحوثية في المحافظة التي شهدت انطلاقها، تلك هي حجة وتناقضاتها كما يصفها جعبور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى