مرضى الفشل الكلوي في اليمن.. مآسٍ فاقمها الانقلاب الحوثي

> ​ تتاجر مليشيات الحوثي الإرهابية بمأساة مرضى الفشل الكلوي باليمن على وسائل إعلامها في وقت تتجاهل معاناة المصابين وصرخات استغاثتهم.
ويواجه في محافظة الحديدة (غرب) أكثر من 1200 مصاب بمرض الفشل الكلوي منهم 900 حالة خطرة، الموت يومياً، إثر قطع التيار الكهربائي واعتماد مراكز علاج القصور الكلوي على مولدات خاصة لا تفي بالغرض.

كما خفضت مليشيات الحوثي حجم الموازنة التشغيلية إلى 5 أضعاف من الدعم الإجمالي الذي كان مخصصا قبل الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، حيث كانت تصل لـ5 ملايين ريال لكن مليشيات الحوثي نهبت تلك الأموال وبالكاد حالياً تصل إلى 600 ألف ريال، فضلاً عن نهب رواتب الموظفين الذين يعملون منذ أعوام بلا أي مقابل.
ويقول القائمون على مركز الحديدة لعلاج مرضى الفشل الكلوي لـ"العين الإخبارية" إنهم يستقبلون شهريا من 60 إلى 70 حالة جديدة مصابة بالقصور الكلوي بمعدل شخصين إلى ثلاثة يوميا من 5 محافظات يمنية، في ظل أجهزة غسيل متهالكة وبعضها انتهى عمره الافتراضي.

مأساة غالية
من على سرير متهالك، تخضع الخمسينية غالية أحمد المصابة بالقصور منذ 10 أعوام إلى جلسة الغسيل الكلوي بمركز الحديدة تتحدث بصعوبة مع حركة خفيفة لرأسها الذي أصبح معزولا عن باقي الجسد جراء كسور أصاب قدميها مع الحوض وشلها عن الحركة تماماً.
غالية أم لأربعة أبناء أحدهم رصدته عدسة "العين الإخبارية" وهو يربت على كتفها فيما كانت تشكو الإهمال وعدم امتلاك وسيلة للنقل من منزلها خارج الحديدة إلى المدينة حيث مقر المركز والتي ارتفعت بسبب إغلاق الحوثيين لبعض الشوارع وعسكرتها.

يتجنب المرضى بما فيهم "غالية" وحتى الموظفين هنا مجرد الإشارة للمليشيات خشية القمع المفرط، فيما تمتمت بصعوبة وعلى يديها ورقبتها أنابيب وموصلات تنقل الدم ببطء، قائلة: "أجهزة الغسيل تالفة وجلسات الغسيل متدهورة".
وفاقمت مليشيات الحوثي من معاناة مرضى الفشل الكلوي باليمن، وأصبح بقاؤهم على قيد الحياة مرهونا بقدرتهم على الوصول لمراكز التنقية الدموية.

تعز معاناة أخرى
وصعبت مليشيات الحوثي من قدرة المرضى على الوصول إلى مراكز الغسيل الكلوي، بعدما أغلقت الطرق العامة المؤدية إلى المدن الرئيسية.
في محافظة تعز، يجبر المرضى على المرور عبر طرق بديلة تكلف مبالغ إضافية، كما أن ساعات السفر الطويلة تضاعف من معاناتهم في ظل حصار مليشيات الحوثي.

"محمد الوصي" واحد من عشرات المرضى في مناطق الساحل الغربي لليمن، ونظرا لعدم وجود مراكز التنقية الدموية فيها، أجبر على الانتقال إلى مدن أخرى كمدينة تعز، مع ما يحمل ذلك من تكاليف باهظة.
على مدى 5 أعوام كان الانتقال من أجل الوصول إلى مراكز الغسيل الكلوي، أكثر صعوبة، نظرا لقيام مليشيات الحوثي بإغلاق الطريق الإسفلتي الرابط بين المخا ومركز المحافظة، ما يستلزم المرور عبر طرق جبلية وعرة.

يقول الوصي لـ"العين الإخبارية" إنه أصيب بالفشل الكلوي، بعد أسابيع من معاناته من أمراض لم يدرك ماهيتها قبل نحو 5 أعوام، وعندما أبلغه الطبيب إصابته بالفشل الكلوي، مثل له صدمة كبيرة، وفي الأسابيع اللاحقة أصيب بالوهن الشديد بحيث إنه لم يعد قادرا على العمل لتأمين دخل أسرته.
ومع مرور الأعوام من العلاج واجه الرجل البالغ من العمر 53 عاما صعوبة في تحمل نفقات الانتقال عبر طرق بديلة إلى مركز مدينة تعز، لكن المكوث في المدينة يستلزم دفع تكاليف مالية إضافية بما فيه استئجار منزل جديد وتحمل تكاليف شراء الأثاث المنزلي.

الخيارات كانت صعبة بالنسبة إليه، فلا الأموال التي يمتلكها تكفيه للانتقال بشكل أسبوعي إلى مراكز التنقية الدموية، ولا تساعده على البقاء هناك لا سيما أنه باع الأراضي الزراعية التي يملكها في المناطق الريفية لتغطية تكاليف العلاج.
يقول إنه أجبر على بيع الأراضي التي يمتلكها، في السنوات الثلاث الأولى من المرض ولم يتبق منها شيئا، كما أجبر على بيع الحلي الذهبية التي تمتلكها زوجته، لتغطية تكاليف السفر والإقامة بضعة أسابيع والعودة مجددا.

مناطق بلا مركز كلى
بحسب تقديرات رسمية يصل عدد المصابين بالفشل الكلوي في اليمن إلى نحو 8 آلاف مصاب، لكن المئات ممن يقطنون 6 مديريات ساحلية بين محافظتي تعز والحديدة يفتقرون لمراكز التنقية الدموية.
تقول مديرة مكتب الصحة بمديرية المخا، الدكتورة سميحة جميل، لـ "العين الإخبارية" إن بعض المرضى يحتاجون إلى جلستي غسيل أسبوعيا، لكن البعض منهم لا يتمكن من الحصول على الجلستين ويكتفي بجلسة واحدة.

وترى في حديثها مع "العين الإخبارية" أن أكثر الفئات المرضية معاناة في مناطق الساحل الغربي لليمن، هم المصابون بالفشل الكلوي، وإن انعدام توفر مراكز الغسيل أثقلهم بالأعباء المالية نظرا لانتقالهم إلى مدن أخرى.
ورغم الجهود التي بذلتها منذ أشهر لوضع حد لتلك المعاناة، من خلال طرح فكرة إنشاء مركز غسيل كلوي في مديرية المخا، على شركاء العمل الإنساني، إلا أن جهودها باءت بالفشل.

وتقول إن تحركاتها اصطدمت بعدم التجاوب من قبل شركاء العمل الإنساني من المنظمات الدولية، ما أبقى معاناة مرضى الفشل عند حدودها السابقة، ودون آمال بالإفراج.
من جانبه، يقول مدير مستشفى المخا العام، الدكتور نصر عسكر، لـ"العين الإخبارية"، إنه كان يأمل في وجود مركز خاص لمرضى الفشل الكلوي.

لكن غياب التمويل بحسب الدكتور عسكر، جعل القطاع الطبي في المخا يخفق في إيجاد مركز يستوعب كل المرضى.
ويعتبر مرضى الفشل الكلوي أكثر المرضى معاناة في اليمن، حيث يرتبط بقاؤهم على قيد الحياة بقدرتهم على الوصول إلى مراكز غسيل الكلى، ووفق منظمات حقوقية وطبية فإن 25% قضوا نحبهم نتيجة نقص أو غياب الخدمات الصحية إثر حرب مليشيات الحوثي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى