وسط الضغوط والانتقادات.. أمريكا تدرس إطلاق سراح نصف سجناء غوانتانامو

> نوران بديع

> ​تدرس إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إطلاق سراح نصف سجناء معتقل "غوانتانامو"، الذي تم افتتاحه بعد هجمات 11 (سبتمبر) 2001، في خطوة تقول تقارير صحفية إنها ربما تمهد الطريق لإغلاقه.

وقالت وكالة "أسوشيتد برس" الإخبارية الأمريكية، في تقرير نشرته أمس، إنّ الإدارة الأمريكية بدأت تمهيد الطريق لإطلاق سجناء "غوانتانامو" بهدوء.

ولفتت إلى أنّ فريقاً من الخبراء يضم عسكريين ومسؤولين في الأجهزة الاستخبارية توصلوا إلى أنّ أكثر من نصف سجناء "غوانتانامو" البالغ عددهم 39 سجيناً، يمكن إطلاق سراحهم.

وتحتجز الولايات المتحدة 39 سجيناً إلى أجل غير مسمى من دون تهمة في هذه القاعدة الأمريكية في كوبا. وأطلق سراح سجين واحد فقط خلال العام الماضي، ما أثار انتقادات من جماعات حقوقية.

هل يغلق غوانتانامو بشكل نهائي؟
وقال تود بريسيلي، نائب المتحدث باسم البنتاغون، إنّ إدارة بايدن تريد "عملية مدروسة وشاملة تركز على تقليص عدد المحتجزين بشكل مسؤول وإغلاق مرفق غوانتانامو".

وأضاف تود بريسلي "أن من بين العوامل التي يأخذونها في الاعتبار أعمار المعتقلين وصحتهم".

ولا يعني إطلاق سراح المعتقلين إغلاق "غوانتانامو" الآن، إذ يوجد فقط 20 سجيناً من المؤهلين للإفراج عنهم أو نقلهم، بعد أن تمت إدانتهم من قبل لجنة عسكرية في "صفقة إقرار بالذنب"، ويتم البحث عن دول مستعدة لقبول بعض هؤلاء السجناء وفرض ضوابط أمنية عليهم.

وحتى مع عدم إغلاق هذا المعتقل، تعني مثل هذه الإجراءات الاقتراب أكثر من إغلاقه، فيما لا يزال هناك 10 أشخاص بانتظار المحاكمة أمام لجنة عسكرية، ومن بينهم 5 متهمين بالتخطيط والمساعدة في هجمات 11  (سبتمبر) 2001.

لكن هذا التوجه الذي تحدث عنه بريسلي يلقى معارضة شديدة من قبل بعض أعضاء مجلس الشيوخ، إذ إنّ زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل ينتقد التوجهات لإغلاق "غوانتانامو"، معتبراً أنه مكان "آمن للغاية وإنساني وقانوني لاحتجاز الإرهابيين.

وفتحت الولايات المتحدة معتقل "غوانتانامو" في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الابن، في (يناير) 2002، حيث يتم احتجاز واستجواب السجناء المشتبه في صلتهم بتنظيم القاعدة وحتى طالبان.

وبلغ عدد المعتقلين في "غوانتانامو" ذروته بواقع 780 سجيناً، ولكن لم يتهم سوى القليل منهم بارتكاب جرائم، وفق ما أورده موقع "الحرة".

انتقادات للولايات المتحدة
وعلى مدار الأعوام الماضية، ظهرت تقارير عن تعذيب وسوء معاملة للسجناء، فيما أطلق سراح 532 معتقلاً منهم في عهد بوش الابن.

وتعهد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما بإغلاق "غوانتانامو" عندما تولى منصبه، لكن أعضاء في الكونغرس الأمريكي عارضوا فكرة نقل السجناء للولايات المتحدة. وغادر في عهده 197 سجيناً.

وفي عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أطلق سراح سجين واحد، ومنذ تسلم بايدن لم يغادر سوى سجين واحد أيضاً، ولكن تم تبرئة 15 شخصاً.

وقد يتمثل التأثير الفوري لهذه الخطوة في العودة، بشكل ما، إلى سياسة إغلاق معتقل "غوانتانامو"، للرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي تَراجَع عنها دونالد ترامب بمجرد توليه الرئاسة في عام 2017.

وفي (يناير) الماضي أحيت جماعات حقوق الإنسان الذكرى الـ 20 لافتتاح معتقل "غوانتانامو"، وطالبت بإيجاد حل لأوضاع السجناء اللإنسانية هناك.

وتتعرض الإدارة الأمريكية لانتقادات واسعة من المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان بسبب عدم اتخاذ خطوات ملموسة لإغلاق معتقل "غوانتانامو"، الذي أصبح مركزاً لمعتقلي تنظيم "القاعدة" الإرهابي عقب هجمات عام 2001.

وتقول  جماعات حقوق الإنسان إنّ الإدارات الأمريكية المتعاقبة فشلت في إغلاق المعتقل، إضافة إلى سوء ظروف عيش السجناء، خاصة مع شهادات بعض المعتقلين السابقين عن الظروف الصعبة التي مروا بها في "غوانتانامو".

وفي آخر تقرير لمنظمة العفو الدولية حول الأوضاع في السجن الأمريكي سيئ السمعة، نددت خبيرة "غوانتانامو" دافني إيفياتار، بالانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، والتي من بينها الاعتقال إلى أجل غير مسمى دون تهمة، وكذلك تعذيب النزلاء.

وتقول إيفياتار "لقد أنشأوا سجناً خارج الأراضي (الأمريكية) لتجاوز النظام القانوني للولايات المتحدة عن عمد".

وأضافت "صحيح أنه لا توجد هنا معلومات متاحة للجمهور، لكن يمكن الاعتماد على تحقيقات مختلفة، من بينها تحقيق أجرته لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي بعدما تعرض عشرات المعتقلين في غوانتانامو لتعذيب وحشي".

يذكر أنّ آخر من تم إطلاق سراحهم من السجن، هو السعودي محمد القحطاني، فقد أوصت السلطات الأمريكية في مطلع (فبراير) الحالي، بالإفراج عن معتقل في سجن "غوانتانامو" العسكري يشتبه في أنه حاول المشاركة في اعتداءات 11 (سبتمبر) 2001، وتسليمه إلى السعودية.

وارتأت لجنة المراجعات في السجن أن اعتقال السعودي محمد القحطاني "لم يعد ضرورياً" لحماية أمن الولايات المتحدة من "تهديد خطر"، وفق ما أوردته صحيفة "الشرق الأوسط".

واتُّهم القحطاني بأنه الخاطف رقم 20 الذي كان يفترض أن يشارك في هجمات 11 (سبتمبر).

وأعلنت اللجنة أنه "مؤهل للنقل" وأوصت بمشاركته في "برنامج إعادة تأهيل" في مركز يستقبل جهاديين سابقين في السعودية لهذه الغاية. وقالت اللجنة إنها أخذت في الحسبان "حالة المعتقل النفسية السيئة" و"الدعم الأسري الذي قد يحظى به"، ونوعية الرعاية التي سيتلقاها في بلاده. كذلك، أوصت باتخاذ إجراءات أمنية بشأنه؛ بما في ذلك المراقبة وفرض قيود على السفر.

كان محمد القحطاني من أول السجناء الذين نُقلوا إلى "غوانتانامو" في كانون الثاني (يناير) 2002. جرى توثيق التعذيب الذي تعرض له على نطاق واسع، وكان قد وضع خصوصاً في الحبس الانفرادي لفترة طويلة وحرم من النوم وتعرض للإهانة بسبب ديانته.

واعترفت سوزان كروفورد، القاضية العسكرية التي ترأست المحاكم الخاصة بـ "غوانتانامو" في عام 2009، بأن "القحطاني تعرض للتعذيب". وقالت كروفورد: "لهذا السبب لم تجرِ إحالة هذا الملف إلى المحاكم الخاصة بالمعتقلين في السجن العسكري".

كما وافقت الولايات المتحدة الشهر الماضي على إطلاق سراح 5 معتقلين، وتعدّ هذه الموافقة دليلاً آخر على جهود متسارعة من جانب إدارة الرئيس جو بايدن لحل أوضاع السجناء هناك.
حفريات

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى