لطالما كان اليمن ساحة التنازلات السعودية في مواجهة الضغوط الأميركية

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> عاد الحديث مجددًا عن محادثات ثنائية بين السعودية وجماعة الحوثيين، لكن هذه المرة بالتزامن مع صمود الهدنة الأممية بجولتها الأولى، والتي جُدّدت لمرة ثانية، وما رافق ذلك من تشكيل مجلس رئاسي يمني يضم الأطراف التي تقاتل لاستعادة الشرعية المعترف بها دوليًا، بالإضافة إلى زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية في منتصف يوليو المقبل.

وتشهد الحرب في اليمن حراكًا دبلوماسيًا، في محاولة للضغط من أجل الوصول إلى تسوية سياسية، واستغلال الهدنة التي تعد الأولى منذ نحو 7 سنوات، إذ كان آخر وقف منسق لإطلاق النار خلال أول محادثات للسلام عام 2016.

والثلاثاء الماضي، نقلت وكالة رويترز عن مصدرين، عن محادثات مباشرة عبر الإنترنت بين السعودية والحوثيين، استؤنفت لمناقشة الأمن على طول حدود المملكة والعلاقات المستقبلية في إطار أي اتفاق سلام مع اليمن.

وتتوسط سلطنة عُمان تلك المحادثات عبر الإنترنت بين كبار المسؤولين من السعودية والحوثيين. وأضاف أحدهما أن ثمة خططًا أيضًا لاجتماع مباشر في مسقط إذا أُحرز تقدم كافٍ، وقال المصدران، إن مسؤولين من السعودية وجماعة الحوثيين ناقشوا اتفاقًا طويل المدى لأمن الحدود، إضافة إلى مخاوف الرياض المتعلقة بترسانة الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة المسلحة المستخدمة لتنفيذ هجمات على مواقع سعودية.

وتحاط هذه المحادثات السرّية بالكتمان من قبل قيادات الحوثيين، والإنكار في بعض الأحيان من السعودية التي تصنف جماعة الحوثيين "منظمة إرهابية". وفي اليوم نفسه الذي كُشف فيه عن المفاوضات، أعلنت السعودية إدراج 19 شخصًا وكيانًا يمنيًا على قوائم الإرهاب بتهمة دعم جماعة الحوثيين. وسبق ذلك تصنيف 25 اسمًا وكيانًا متورطين بذات التهمة في 31 مارس الماضي.

ولم تعلّق السعودية أو الحوثيون على تلك التسريبات، وهو ما يفعلانه خلال السنوات الماضية، إذ تظل محادثاتهما محاطة بالسرية، لاعتبارات لها علاقة بمصالح تخص الطرفين، سواء بالتوصيف القانوني ضد الحوثيين الذي يخص السعودية، أو تلك الاعتبارات الأخرى التي تخص الحوثيين كجماعة تستمر بالدفع بمقاتليها نحو مهاجمة مدن سعودية باستمرار بتعبئة قتالية ويدفعون ثمنًا باهظًا إزاء ذلك بقصف جوي مضاد.

لكن كثير من الشكوك تثار حول أهداف المفاوضات السرية، وتأثيرها على الأطراف اليمنية المناهضة لجماعة الحوثيين، في احتمالية المضي باتفاق ثنائي بين الجماعة والرياض، بما يخدم أهدافهما، ولا تزال جماعة الحوثيين تسيطر على أكبر مساحة من الشريط الحدودي مع السعودية، والذي يمتد بطول 1300 كيلومتر، وهذا هو المحور الأساسي لتلك المحادثات، بالإضافة إلى محاولات أخرى من قبل السعودية لوقف التهديد الأمني الحوثي باستهداف أراضيها.

قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني سلمان المقرمي إن "المفاوضات السعودية الحوثية على مستويات عدة، قائمة منذ سنوات طويلة وليست جديدة وتحقق بعض النجاح أحيانًا وتخفق في أحيان أخرى، بسبب السيطرة الإيرانية على جماعة الحوثيين، ويتقرر فعليًا في طهران التقدم في التفاوض أو تعطيله".

وأضاف المقرمي في حديث نشرته صحيفة "العربي الجديد" الإلكترونية أمس الاثنين: "لو كان الحوثي مستقلًا بقراره عن إيران لما دخلت السعودية الحرب في اليمن، وبالتالي فإن المفاوضات الجارية حاليًا لا تزال في السياق نفسه".

وكانت السعودية قد عقدت خمس جولات من المحادثات الأمنية مع إيران في بغداد بوساطة عراقية وعمانية، إلا أنها لم تحقق أي تقدّم في الملفات المطروحة بينهما، ومن ضمنها ممارسة طهران الضغط على الحوثيين في اليمن لإيقاف هجمات الجماعة على الأراضي السعودية.
مسارات الأزمة اليمنية
تكتسب المفاوضات السياسية حاليًا بشأن الحرب في اليمن، أهمية مختلفة عن سابقاتها نتيجة للمستجدات خلال الشهرين الماضيين، بالإضافة إلى أجندة الأمم المتحدة في البدء بالتفاوض بملفات جديدة، بالتزامن مع الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية، والتي ستكون حرب اليمن من ضمن أجندتها.

ولا تزال الهدنة الأممية في اليمن صامدة، على الرغم من حالة التعثر في تنفيذ بنودها في ما يخص فتح الطرق بمدينة تعز وهذا ربما المهدد الأكبر لاستمرارها. ولا يزال الأمر مرهونًا بجماعة الحوثيين للموافقة على المقترح الذي قدمه المبعوث الأممي هانس جروندبيرج، بعد مفاوضات في عمّان بين وفدي الحكومة والحوثيين استمرت أسبوعين.

ورأى المقرمي أن لجوء بايدن إلى السعودية لمواجهة ارتفاع أسعار الوقود "سيدفع الرياض إلى تقديم بعض التنازلات". وأضاف: "لطالما كان اليمن ساحة التنازلات السعودية في مواجهة الضغوط الغربية خصوصاً الأميركية، وأبرزها اتفاق ستوكهولم بين الحكومة والحوثيين (ديسمبر 2018)، والذي كان تنازلاً سعودياً لتخفيف الضغط عن الرياض بعد مقتل جمال خاشقجي بشهرين فقط".

ورأى المحلل السعودي أن مفاوضات مسقط بين الحوثيين والسعودية قد تشكل مخرجاً للرياض لتجاوز تشدد إدارة بايدن بشأن التعامل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، علماً أن بايدن كان سبق أن وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في اليمن.

من جهته، رأى الباحث اليمني عبد الغني الأرياني، أن "الاتفاق بين السعوديين وجماعة الحوثيين على طبيعة العلاقات المستقبلة بينهما هو شرط مسبق لأي مفاوضات يمنية - يمنية جادة"، معتبرا أن "من دون ذلك الاتفاق، لن تؤدي تلك المفاوضات إلا إلى الفشل، أو إلى اتفاق لا يمكن تطبيقه"، وفق العربي الجديد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى