رسالة اعتذار إلى أهالي عدن

> الجوع يمشي عاريا

بين الجميع ولا يلام

والنفط يملأ أرضنا

والناس تبحث عن طعام

إلى أهلي إلى كل الأحبة

إلى تلك الأحياء البسيطة والجميلة التي يقطنها خليط من كل محافظات البلاد.

إلى أساتذتي الكبار ومعلماتنا الفاضلات الذين نهلنا منهم أولى حصص الدرس وكتابة الحرف وتلقي العلم والتربية وإشاعة الخير ونبذ العنصرية والتعايش والسلام.

إلى بحار وشواطئ وقلاع وحصون ومقاهي وحارات وأحياء هذه المدينة المتفردة في الجمال.

إلى كل ذرة وبقعة كانت لنا فيها لقاءات مسائية للسمر والفرح ونحن ملائكة نحتضن أعظم وأجمل عالم حبي للسلام

إلى عدن وأهلها.

يوما ما حملنا أمنياتنا الوردية بأن تتبدل هذه الأوضاع المعيشة القاسية والمزعجة إلى أوضاع تبعث السرور والبهجة في نفوس الناس، ثم حملنا أمنياتنا إلى سقوف وآفاق وفضاءات أعلى لنعانق فيها مدينة مزدهرة وقد انتفضت من برامج البؤس والخراب وعطل كهربائي مزمن وشحة في المياه ومؤسسات تسطع بالفساد والفوضى وبنية تحتية محطمة.

أنا آسف.. أعتذر من قلبي فأنتم شعب جميل ونظيف وعفيف ولطيف تستحقون والله حياة أفضل بكثير من مجرد حياة تم اختزالها في ظلام وجوع وغلاء وصراعات ومظاهر مسلحة ومواصلات مجنونة الأجرة وطوابير للمشتقات وطرق مكسرة ومدينة تكتظ بالبنادق وشباب يتم تفجيرهم على قارعة الطرقات والمطارات ومتقاعدون كبار السن يتساقطون على أبواب البريد طلبًا لريالات قليلة جدا.

عرفنا عن عدن مع كل فجر وهي تلبس ثوبها الوردي الساحر لتذهب في رحلة يومية للحب والعفة والذوق والجمال ثم توزع الورود وأغصان السلام، فيستقبلها الناس في المدارس والمؤسسات وشواطئ السحر والطرقات ومن فوق السقوف والعمارات، يهلل أهالي بالمدينة ويؤشرون بيديهم فتنطلق الجموع طلابا وأساتذة ومزارعين وصيادين وأطباء وجنودا فتشاهد أجمل لوحة للجمال والتمدن والمحبة.

أنا آسف شديد الأسف حيال هذا التردي المعيشي والمدني والحضاري الغريب على مجتمعنا وهويتنا وإيقاعنا المعيشي المنضبط الذي لم يسبق له مثيل قط وكأنه زحف متعمد يستهدف تمزيق أرض لم تؤذِ أحد يوما بل كانت ملتقى أكبر كرنفالات الحب والسلام.

لقد سطرنا آلاف الصفحات على صدر صاحبة الجلالة والمنتديات واللقاءات قلنا فيها إن عدن وأهلها وحيدون وسط زحف هائل من الغجر المتربصين والحاقدين ودول خارجية ونخب وجيوش وحمران العيون جميعهم لا يعطون أي أهمية لأهلنا في عدن.

أنا آسف إن الجميع لا يصغون لأحد ولا يشاهدون غير مصالحهم، أعتذر إن قصرت في شيء من أجل مصلحة أهلنا، وأفيدكم بأننا بمحبتنا لعدن وأهلها وحين نكتب من أجل تزهو وتتبدل حياتنا فقد حشرونا من يوزعون صكوك الوطنية في فصيلة الكافرين الحاقدين على عدن وأننا عملاء مع الإرهابيين.

يا إلهي كم هذا قاسٍ وهمجي وعنيف وغير آدمي، لقد تبدلت أخلاق كثير من الرجال فصارت العطور الجميلة نتنة وكريهة وصارت عطور وروائح الجذام والكراهية هي أجمل عطور يتعطرون بها.

أنا أسف إنهم ألبسوا عدن رداءً لا يشبهها وليس على مقاسها فقلبوا كل شيء.

أحبتي.. هكذا هم الطغاة يزمجرون ويظلمون ولا يستفيقون إلا وقد صاروا خارج المشهد.

أنتم أناس رائعون طيبون أهل دين وخلق، علمتكم مدينتكم روائع الأخلاق وحسن الاستضافة وقبول الجميع وقوة الصبر والعلم والتمدن واعلموا أن الله مع الصابرين وأن غدا لناظره قريب.

أحبتي.. لن يطول عهد الخضوع والجوع، فالله آياته وأحكامه مفاجئة، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى