خطاب رئيس مجلس القيادة مؤسف ومخيب للآمال ومثير للتساؤلات

> المراقب الجنوبي*

> رغم طابعه الإنشائي والمراسيمي المعتاد والممل والمكرر منذ زمن بعيد في خطابات حكام صنعاء (الوحدويون حتى الموت)، إلا أن خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الذي كنا نأمل أن يكون مختلفًا بحكم اختلاف الظروف والمعطيات، وأن يعكس طبيعة التفاعلات المحكومة بتوافقات المرحلة الانتقالية الاستثنائية المؤقتة ومهماتها المعلنة.

جاء الخطاب هذه المرة مشحونا بمفردات عقيمة جديدة/ قديمة مرددا لشعارات سياسية لم يعد لها من معنى بعد سيطرة أنصار الإمامة على عاصمة سبتمبر (صنعاء) والانقلاب الفعلي والمكتمل الأركان على النظام الجمهوري حتى وإن نالوا نصيبا كبيرا من هجوم الخطاب اللفظي عليهم، ومازال الخطاب السياسي (التقليدي) أيضا والمنكر لحقائق الواقع وشواهد التاريخ الجنوبي مصرًا ومقتنعًا بل متمسكًا (بواحدية الثورة اليمنية)، بل جعل من ذكرى 26 سبتمبر احتفالًا متصلًا ومستمرًا بثورة 14 أكتوبر الخالدة وعيد الاستقلال الوطني المجيد أيضا، وهي في نظرهم (مجرد ملحقات للثورة الأم)، ومواصلًا بذلك نفس موقف وخطاب نظام عفاش إزاء أحداث الجنوب الوطنية والتاريخية، وكأنها مجرد ارتدادات تلقائية وعفوية لما يتم في الشمال، وكأن الجنوب مجرد تابع وملحق بذيل (صنعاء) وليس بشعب حر قائم بذاته ويمتلك إرادته الوطنية الحرة المستقلة، وهو الذي صنع لنفسه الفخر والمجد وبإرادته الصلبة وعزيمته القوية حقق كل انتصاراته التاريخية العظيمة ودفع ثمنها غاليا لتحقيقها وتنتظره في الطريق أمجاد وانتصارات عظيمة أخرى، ناهيكم عن تمسك الخطاب بالمرجعيات الثلاث التي أسقطها الانقلاب وما تلته من تطورات ووقائع وتفاهمات ومعطيات على الأرض، وهو نوع من هروب العاجز إلى الأمام وتقدم مرتعش الساقين إلى الخلف، ويعكس أيضا عدم الجدية في مواجهة الانقلاب لأسباب غامضة وفقًا لما جاء في خطاب نقل السلطة، وقد تجلى ذلك أيضا بوضوح تام عند التأكيد على تقديم المزيد من التنازلات للإماميين الجدد ونظامهم الطائفي القائم عبر الهدن المتتالية (ولمصلحة الشعب) كما يبررون ذلك بوقت لم تثمر فيه الهدن غير تقوية موقف الانقلابيين وتعزيز قدراتهم العسكرية بشكل غير مسبوق، ويبدو أن الأمر لا يقلقهم طالما هم مطمئنون أو هكذا نعتقد أن الهدف هو الجنوب وإسقاط مشروعه الوطني كما يتوهمون.

رسائل الخطاب كانت ناعمة ومع هروبها من ملامسة القضايا الملحة فهي لا تطمئن، وتعكس رؤية سياسية (شمالية) خالصة مع الأسف لمجريات الأمور والتطورات، وتقفز بشكل معيب وفاضح ومقلق على الموقف من الجنوب وقضيته، وهو أمر غير مستغرب أبدًا، بل تجاهل مطالب أبناء الجنوب وتحركاتهم الشعبية في حضرموت والمهرة المتواصلة منذ أشهر بشأن إخراج القوات التي تخضع لسيطرة الإخونج والمنظمات الإرهابية المرتبطة بهم وبتوأمهم الحوثي من الجنوب، تنفيذًا لاتفاق ومشاورات الرياض وكأن شيئًا لم يحصل، أو أن صوتهم السلمي هذا لا يسمعونه جيدًا، أو لا يستحق التوقف أمامه والإنصات لصوت الناس وإرادتهم التي لن تنكسر، وسيعلمون ذات يوم بأنهم قد أخطأوا التقدير وجانبهم الصواب.

* "الأيام" تحتفظ بهوية المراقب الجنوبي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى