​"نادي الخريجين".. خنجر مليشيا الحوثي لقتل فرحة الطلاب

> رئام الأكحلي

>
"تدرس في الابتدائية والثانوية وتصل إلى الجامعة وتحلم باليوم الذي ستتمكن فيه من الاحتفال بنجاحك وتجاوزك لكل هذه المراحل الصعبة، ثم تجد نفسك مقهورا في هذا اليوم بالذات بسبب شروط مجحفة مفروضة عليك بالقوّة وتكسر فرحتك"، هكذا تُعلِّق إحدى الطالبات المتخرجات من كلية التجارة في جامعة صنعاء على الممارسات الحوثية المتعسّفة بحق الطلاب المتخرّجين في العاصمة صنعاء، من خلال ما يسمّى "نادي الخريجين".

فما هذا النادي؟ وكيف كسر الحوثيون من خلاله فرحة الخرّيجين؟ وما سر الحملة الشاسعة التي أطلقها الطلاب والناشطون مؤخرا في مواقع التواصل الاجتماعي ضده؟


مؤسسة نادي الخرّيجين

في بداية الأمر، تأسس هذا النادي كملتقى طلاب جامعي، داخل جامعة صنعاء، يقدّم خدماته المجانية كالدورات والمنح التعليمية والوظائف بشكل مجاني، وبدون أي مقابل للطلاب الخرّيجين، وأيضا التسهيلات لهم، والحد من معاناتهم، كما تم تقديمه.
فيما بعد تم ترخيصه من قِبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة الحوثيين، وقد بعث هذا النادي رسائل لجميع المؤسسات والشركات بعدم تقديم دعم لأي طلاب خريجين إلا لأولئك الذين يحملون توجيها منه.

ما حدث بعد فترة وجيزة هو أن هذا النادي فجأة تقمّص دور الجهة الإشرافية على الخريجين، وحفلات التخرّج داخل إطار "جامعة صنعاء"، وما هي إلا أشهر قليلة حتى بدأ بإصدار قرارات خاصه به، متكئا على الأمن الجامعي التابع لجامعة صنعاء، كونهم تابعين لـ "الحوثي"، برئاسة المدعو إبراهيم الكبسي.
أصبح هذا النادي كيانا معترفا به من قِبل الجامعات، خوفا من نفوذه، متسلّقا على ظهور وتعب وخبرة من سبقوه بسنوات، وبدأ بإظهار نواياه أمام مرئ ومسمع الجميع، فقام بالتضييق على جميع منسّقي ومتعهّدي الحفلات، وأصحاب الفقرات، ومقدّمي الخدمات، وفرض عليهم شروطا وعقود عمل تعسفية، كي يسمح لهم بالعمل تحت مظلته، منهم من وقّع، ومنهم من رفض، كل أولئك الذين رفضوا قام النادي بمنعهم منعا باتا من تنسيق أي حفل تخرج في صنعاء.


شروط تعسّفية

قام الحوثيون تحت مظلة نادي الخرّيجين بفرض رسوم "فتح ملف" مقابل 20 ألف كبداية للتمكّن من إقامة حفل التخرّج، أي أن الأمر في حقيقته هو دفع رسوم لاستخراج تصريح من النادي لا يمكن للطلاب الخرّيجين إقامة الحفل بدونه.

لم يقف النادي عند هذا الحد، بل قام بمنع الفِرق الموسيقية، ومنع الفِرق الراقصة، بعذر أن "الأغاني حرام"، قام أيضا بإلغاء جميع الفقرات الفنية وأغاني الراب، وألعاب الخفة، والعديد من الفقرات الترفيهية المتعارف على وجودها في جميع حفلات التخرّج مسبقا، بحُجة أنها فقرات من شأنها تأخير النّصر، حسب اعتقاد الحوثيين.
منع النادي أيضا المكاتب ومتعهدي الحفلات غير التابعين لهم بالعمل في حفلات التخرّج، مما اعتبره العديد من الطلاب والمراقبين والناشطين خطوة من شأنها قطع أرزاق المكاتب والمتعهدين الأكثر خبرة، حيث تعد هذه الأنشطة مصدر رزقهم الوحيد.


قمع الحريات الشخصية

تمادى نادي الخرّيجين في فرض الشروط التعسفية على الطلاب، حد التدخل في جميع شؤون الطلاب الخرّيجين، حتى على مستوى الملابس والأظافر والألوان، حيث يقوم النادي بتهديد أي دفعة مخالفة بإلغاء الحفل، وإجبار الطالب على الموافقة على شروطه، حيث إنه قد انتظر لسنوات هذه الفرحة، التي قتلها هذا النادي، بحسب تعبير العديد من الطلاب، الذين قابلهم موقع "بلقيس"، الذين رفضوا عن الإفصاح عن أسمائهم.

إحدى الطالبات الخريجات تحدثت لموقع "بلقيس" عن ممارسات تعسفية شهدتها فقالت "إنهم يتدخلون بالزي الذي سنرتديه، ويكلفون أحدهم بمراقبة بوالط البنات، حيث تجبر الطالبات على السير أمامه ليراقب بوالطهن، وما إن كانت هذه البوالط غير محتشمة أو لا!".
طالب آخر يقول أيضا لموقع "بلقيس": "زميلاتنا البنات، درسنا بمعيّتهن أربع سنوات، ولكن في حفل التخرّج منعنا من التخرّج معا كدفعة واحدة، تحت مبرر منع الاختلاط، بربكم أي منطق هذا؟".

وعلّقت أخرى: "من المواقف الطريفة والمضحكة أنّ النادي يتدخل أيضا بكلمات الإهداء، التي يكتبها الطلاب، حيث إنهم في إحدى المرات منعوا إحدى الطالبات من كتابة عبارة حضن أبي، ومنعوا أخرى من كتابة زوجي الحبيب، باعتبارها عبارات وكلمات خادشة للحياء".


لوائح ووثائق رسمية

يفرض النادي في لوائحه الرسمية على الخرّيجين إعداد تقرير رقابي وتقرير مالي للدفعة بعد إتمام الحفل، شاملين كافة أنشطة الدفعة ومراحل عملها منذ بدء إنشائها، وحتى بعد إتمام الحفل، وتسليم النادي نسخة منهما.
كما يشترط عدم حجز متعهّدي الاحتفالات أو المقدّمين أو فنيي الصوتيات أو التصوير أو أي من تجهيزات الحفل الأخرى إلا عبر النادي، وتقديم طلب إصدار التصريح لإقامة جلسات التصوير، وتقديم طلب إصدار إفادات للجهات الداعمة أو غيرها للنادي، وغيرها من الشروط المتعلّقة بالحجوزات المنسّقة والعقود.

كما يشترط كشفا بأسماء الدّفعة المتخرّجة، وأسماء كبار الضيوف والشخصيات، وشعار الدُّفعة وبرنامج الحفل، ونسخة من المجلة الرسمية للدفعة قبل طباعتها.
يشترط النادي أيضا - شرط أساسي- أن يكون محتوى برنامج الحفل متوافقا مع الهوية الوطنية والسياسة المتّبعة من قِبل حكومة الحوثيين، وفي إطار مواجهة العدوان والحرب الناعمة حد وصف النادي، الأمر ذاته منطبق على تسمية الدفعة.

كل هذه الممارسات التعسفية والاستفزازية ظل الحوثيون يفرضونها على الطلاب الخرّيجين خلال السنتين السابقتين، وهي المدة التي تأسس فيها ما يسمى "نادي الخريجين"، الذي لاقى استهجانا شعبيا واسعا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث أثارت مثل هذه التعسّفات الرأي العام الذي اتهم الحوثيين بتضييق الخناق على الطلاب الخرّيجين، وكسر فرحتهم وخواطرهم، وإفساد اليوم المميّز الذي يصعب تكراره.

كل هذه الأمور نقطة من بحر في محيطات تعسّفات مليشيا الحوثي، التي لا تنفك عن قهر الشعب اليمني بأي وسيلة كانت، وفي مختلف مجالات الحياة، التي تسعى جاهدة لتدميرها متى ما سنحت لها الفرصة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى