امراء الحرب مستمرون في استنزاف جيوب المواطنين

> عدن «الأيام» خاص/ غرفة الأخبار:

>
  • سلبوا مصادر قوتهم.. "الاقتصاد" أداة  المتحاربين لخنق معيشة الناس
> أثخنت الصراعات العسكرية والسياسية المتواصلة جراح اليمن الذي يعاني من فقر وبطالة وآفات اقتصادية مزمنة وتحديات جسيمة مع تضخم فاتورة الخسائر الناتجة عن الحرب التي وضعت غالبية سكان البلاد على حافة الجوع الشديد بعدما سلبت منهم مصادر دخلهم وسبل عيشهم وأفقدت الكثير القدرة على الصمود.

وترسم تقارير اقتصادية عديدة محلية ودولية صورة قاتمة لمستقبل اليمن بعد ما عبثت به الحرب الطاحنة التي عصفت به منذ ثمان سنوات وتسببت بتعطيل وتدمير حياة اليمنيين، وأسرهم، والبنية التحتية، ونقص حاد في الغذاء، ووسائل الحياة الأخرى، وفي أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.

وعادت أجواء الحرب مرة أخرى بعد انتهاء المدة الزمنية للهدنة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين في الساعة السابعة من مساء أمس الأول بالتوقيت المحلي، دون التوصل إلى اتفاق لتمديدها، في ظل رفض الحوثيين مقترح المبعوث الأممي هانس جروندبرج لتمديد الهدنة.

وتجسد الصورة القاتمة للاقتصاد الذي يعاني من الصراعات في الأرقام والبيانات التي تحملها تقارير رسمية ودولية تكشف عن تكلفة باهظة للصراعات المدمرة التي شهدتها اليمن منذ العام 2011، على وجه التحديد وتسببها في خسائر جسيمة تتعدى 500 مليار دولار ودفعت البلد للاعتماد بشكل كلي طوال السنوات السبع الماضية على وجه الخصوص على المساعدات الإغاثية التي لم تغط أكثر من 10% من حجم الاحتياج الفعلي مع تضخم فاتورة الخسائر.

ونقلت صحيفة العربي الجديد الإلكترونية أمس الثلاثاء عن الخبير الاقتصادي ياسين القاضي قوله، إنّ الاقتصاد كان طوال الفترات الماضية السلاح الرئيسي للمتحاربين والمتصارعين في اليمن، وأداة الانتقام المستخدمة لاستهداف الخصوم، وهو ما أدى إلى تفاقم معاناة الشعب اليمني الذي تعرض لضربات متتالية تصاعدت وتيرتها منذ تحول النظام السابق بعد ثورة 11 فبراير 2011، إلى استخدام ما أمكنه من الوسائل والأدوات لإفشال المرحلة الانتقالية والتي انتهت بنشوب حرب طاحنة ستظل البلاد لفترة طويلة تتلمس طرق التعافي من تبعاتها الكارثية.

ويجزم القاضي بأن اليمن دخلت الآن مرحلة حصاد هذه السنوات المريرة من الصراعات بنفس الأدوات المتمثلة بالنظام السابق والتي جاء دورها لتكريس واقع اقتصادي وسياسي وجغرافي تم رسمه منذ البداية بعد تدمير مؤسسات الدولة وزرع مكونات عديدة من مخلفات وأمراء الحرب يخوضون حالياً صراع توطيد النفوذ وتقاسم الغنائم.

وترجح تقارير اقتصادية حكومية واجنبية، أن الاقتصاد اليمني تكبد خسائر تفوق 500 مليارات دولار نتيجة إصابته بشلل شبه تام وفقدانه ما يقارب ثلثي ناتجه المحلي المحتمل نتيجة توقف جزء كبير من الأنشطة الاقتصادية في القطاعات العامة والخاصة، وتوقف البرامج الاستثمارية الحكومية، بما فيها الممولة خارجيا نتيجة تعليق تمويلات المانحين، فضلاَ عن توقف جزء كبير من الاستثمارات الخاصة، وانسحاب أغلب المستثمرين الأجانب، وتوقف صادرات النفط والغاز الطبيعي، وانخفاض الإيرادات الحكومية غير النفطية من الجمارك والضرائب.

ويغذي العنف المستشري وانعدام الأمن والصراعات البينية وتراخي قبضة الدولة وتهالك المؤسسات العامة، الانكماش الحاصل في الاقتصاد اليمني مع انخفاض إجمالي الناتج المحلي السنوي بنسبة 2 % في عام 2021، متراجعاً إلى ما يقرب من نصف مستواه قبل نشوب الصراع الدائر منذ العام 2015.

وفي حالة انحسار القتال الفعلي، يتوقع صندوق النقد الدولي العودة إلى تحقيق نمو اقتصادي متواضع بنسبة 2 % تقريباً في العام 2022، بالرغم من انعدام اليقين، إلى حدً كبير، بشأن تطور النزاع.

ورأى المحلل الاقتصادي معين الحداد أن المعضلة الأساسية في اليمن تكمن فيما نتج عن هذه الحرب والصراعات البينية المتعددة من نهب واسع النطاق طال ثروات ومقدرات البلاد، وأفرزت كيانات وجماعات وسلطات اعتمدت على الجبايات وتجارة الوقود والعملة والدعم الخارجي في توطيد تواجدها وتكوين ثروات مالية لتوسيع نفوذها وتمويل أجندتها في تغذية استمرار الصراع الذي يضمن بقائها، وفق الصحيفة الصادرة في لندن.

وتركزت الأضرار على مستوى القطاعات بشكل كبير في الإسكان، حيث تعرضت ما بين 40 و60 % من الوحدات إما لأضرار جزئية بما نسبته 40 % أو تدمير كامل بنحو 1.5 %، حسب بيانات رسمية.

وتضررت قطاعات التعليم والصحة والنقل والمياه والصرف الصحي بشكل خطير، إذ تراوح إجمالي الأضرار بين النقل 31 % والصحة 40 %، في حين تأتي مدينة صعدة في المرتبة الأولى بين المدن من حيث أعلى نسبة من الأضرار التي لحقت بالأصول المادية حيث تضررت 67 % من منشآتها، بينما يبرز قطاع الطاقة الأكثر تضرراً على مستوى الوضع التشغيلي.

ويؤكد كذلك الباحث الاقتصادي جمال راوح لـ "العربي الجديد"، أن الحرب استنزفت اليمن بشكل واسع، وأدت إلى قطع أهم شريان اقتصادي يغذي الموازنة العامة للدولة والمتمثل بعائدات النفط والغاز وتبعات ذلك في توقف دورة حياة اليمنيين مع انقطاع رواتب الموظفين المدنيين، إضافة إلى تهاوي القطاعات الخدمية كالكهرباء والصحة والتعليم ونظام الرعاية الاجتماعية وتبخر فرص العمل، ناهيك عن الانقسام المالي والنقدي المدمر وفقدان قيمة الريال اليمني بنسبة تصل إلى أكثر من 120 %.

ويعاني معظم اليمنيين من فقدان سبل العيش وصعوبات الحصول على الخدمات العامة وانقطاعات في التيار الكهربائي لمدة تتراوح بين 12 و23 ساعة في اليوم، حسب بيانات رسمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى