الأمم المتحدة: فشلنا في تطبيق العدالة الانتقالية لحل قضايا المسرحين

> عدن «الأيام» عبدالقادر باراس:

>
القاضية ضيف الله: القوانين تمنح المبعدين الحقوق على الورق وعند التنفيذ نجدها صفر
مسؤول أممي: الحكومة عرقلت منحة قطر لدعم مرتبات المبعدين قسرا
الانتقالي: على المجلس الرئاسي تنفيذ أحكام القضاء الخاصة بالمبعدين دون إبطاء أو تعالي

> خلص مختصون بينهم قضاة ومسؤولون وحقوقيون وعسكريون الى أن قضية المبعدين العسكريين والمدنيين الجنوبيين قسرا لن تجد حلا لهذا الملف إلا بمعالجة سياسية شاملة ورغبة من رأس الدولة.

جاء ذلك في ورشة خاصة عقدتها الشبكة المدنية للإعلام والتنمية وحقوق الإنسان في العاصمة عدن (منظمة غير حكومية)، أمس الأحد بفندق كورال، لمناقشة قضية المبعدين العسكريين والمدنيين الجنوبيين، حيث أكد المشاركون استمرار تجاهل الجهات الرسمية والمعنية عن حلحلة هذا الملف الإنساني.

ورشة نقاشية عن المبعدين العسكريين والمدنيين الجنوبيين قسريا
ورشة نقاشية عن المبعدين العسكريين والمدنيين الجنوبيين قسريا

وفي أحاديث المشاركين أبرزت القاضية نورا ضيف الله قائد، عضو لجنة قضايا الموظفين المبعدين عن وظائفهم والناطق الإعلامي باللجنة، دور اللجنة ومسؤوليتها في محاولات حلول لقضايا المبعدين وقالت :"قضية المبعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين الجنوبيين مازالت منذ عام 90م وحتى اليوم مفتوحة دونما نتائج ودونما حلول تنصف هؤلاء الناس الذين أرهقوا من المظلومية ومن المتابعات ويعيشونها حتى هذه اللحظة".

وأشارت إلى أن ملفات المبعدين مفتوحة منذ عام 94م بسبب حرب صيف 94 بأسبابه المباشرة والغير مباشرة وحتى تاريخ صدور القرار الرئاسي في عام 2013م وإلى يومنا ونحن في عام 2022م بقيت ملفاتهم مركونة في المكاتب.

وأضافت: "نعمل اليوم بروح واحدة ونأمل بالخروج بمخارج وتوصيات تسهم في معالجة هذا الملف الإنساني الذي أرهقنا جميعا".


وتابعت ضيف الله :"القرار الرئاسي أعطى صلاحيات وسلطات واختصاصات لمعالجة هذه المظلومية، فالقرار حدد ثلاث فئات لمعالجة العسكريين والأمنيين والمدنيين، وعلى هذا الأساس خاضت اللجنة القضائية الرئاسية أعمال المعالجة لجميع هذه الحالات، حددنا أولا من هم المستهدفين في المعالجة من خلال القرار الصادر في 8 يناير 2013م وهم من أُحيلوا إلى التقاعد بصورة مبكرة (التقاعد المبكر) وهي المعالجة التي جاءت في نصوص القرار على أن تعطى لهم استراتيجية الأجور والمرتبات، ويتم إعادتهم إلى جهات أعمالهم إذا لم يكونوا قد بلغوا أحد آجال التقاعد، وأن يمنحوا كافة الحقوق القانونية من ترفيع وترقية، وعلى أن تحتسب لهم فترة التقاعد القسري لأغراض الترقية والترفيع والمرتبات.

وواصلت ضيف الله :"الفئة الأخرى وهم الذين وصلوا إلى أجال التقاعد ولم يتم معالجة أوضاعهم وهؤلاء تطبق عليهم استراتيجية الأجور والمرتبات إذا كانت الإحالة ما قبل الاستراتيجية وما بعدها ولم يطبق عليهم، ويتم تسوية أوضاعهم التقاعدية وفقا للدرجات التي كانوا يستحقونها عند الإحالة للتقاعد ويتم منحهم كافة الترقيات والترفيعات والحقوق والمكتسبات التي تم اسقاطها عنهم، أما الفئة الأخرى وهي فئة ما يطلق عليهم بـ (الخصخصة) وهم من الذين سُلمت منشآتهم ومصانعهم إلى المستثمرين ولم يتم معالجة أوضاعهم وهؤلاء يتم معالجة أوضاعهم وفقا للقرارات الوزارية إذا لم تطبق عليهم، ونفس الأمر ينطبق على العسكريين والأمنيين (جهاز الأمن السياسي) نفس المعالجات هي نفسها تمنح للعسكريين والأمنيين.


وبحسب ضيف الله هناك فئة أخرى لم يذكرها القرار الرئاسي وهي فئة المنقطعين لكن اللجنة عملت في حينها وأشعرت آنذاك الرئيس السابق عبدربه منصور هادي-مصدر القرار- أن هذه الفئة أُغفلت من المعالجة وبالتالي وجه بأن يكونوا ضمن المعالجة واللجنة قامت بمعالجة كثير من المنقطعين فهؤلاء أيضا تطبق عليهم استراتيجية الأجور.

واستطردت القاضي نورا في مداخلتها بأن: "اللجنة إلى يومنا وإلى هذه اللحظة وهي تقوم بمعالجة كل القضايا بأحكام الدستور وأحكام القوانين الوطنية وكل المواثيق والعهود الدولية لم تغفلها اللجنة، لماذا لم تغفلها اللجنة؟ لأن الدولة ملزمة بالمواثيق والعهود وفقا للمادة (6) من الدستور التي جاء فيها بأن الدولة ملتزمة بأحكام المواثيق والعهود الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

وأشارت إلى وجود مفارقة بين أحكام القوانين أثناء فعل التنفيذ بالقول: "المفارقة أن كل القوانين وأحكام الدستور تُعطي للمبعدين ولكل المواطنين الحقوق وتكفل لهم بصورة تشريعية واضحة وقوية لكن للأسف الشديد عند التنفيذ نجدها (صفر) لو كانت كل جهة التزمت بما عليها وفقا للقوانين السارية والنظامية بأحكام الحقوق والحريات، لا اعتقد أننا سنصل إلى ما وصلنا إليه، وما كنا بحاجة إلى إصدار لجنة لأن كل الأمور قد مرت وفقا للقوانين وأحكام الدستور وبالتالي لا مجال للانتهاك ولا محل للمظلومية، لكن الذي حدث غيَّر الآليات التي تعمل اللجنة من خلالها، آليتان، آلية وفقا للاستمارة التي تقررها اللجنة وسُلمت للعسكريين والأمنيين والمدنيين وبالتالي كل مبعد يقوم بتعبئة الاستمارة، فاللجنة هي من تقوم بمعالجتها، أما الآلية الثانية وهي أتت من البلاغات (بلاغات وبيانات الجهات)".

القاضية ضيف الله: القوانين تمنح المبعدين الحقوق على الورق وعند التنفيذ نجدها صفر
القاضية ضيف الله: القوانين تمنح المبعدين الحقوق على الورق وعند التنفيذ نجدها صفر

وذكرت القاضية نورا ضيف الله بأن عدد إجمالي قضايا المبعدين التي تم إدخالها وصل إلى حوالي 140 ألف حالة تظلُّم، ربما الرقم مخيف، لكن ما نريد توضيحه هو أن قضايا قد أُدخلت غير مختصة بها اللجنة، فاللجنة مهامها في معالجة لقضايا 90 – 94م ومتعلقة بالمحافظات الجنوبية، لكن كثر منهم تدافعوا ومن كل مكان لديهم قضايا تخص أحداث السبعينيات وأحداث 1986م ومن جاء من خارج المحافظات الجنوبية، فهذا العدد لا يؤكد الإجمالي الحقيقي لقضايا المبعدين، ونريد اليوم مناقشة قضايا المبعدين سنجد اللجنة قد عالجت ما يقارب ستون ألف تظلم من بين قضايا المبعدين قسرا".

وقال د. محمود شائف، مدير الشبكة المدنية للإعلام والتنمية وحقوق الإنسان، تحولت قضية المبعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين الجنوبيين إلى قصة درامية محزنة أرَّقت الرأي العام الجنوبي منذ حرب صيف 1994م.

وأضاف: "نتائج حرب 94 أضرت حياة الآلاف وحولتهم إلى جيوش من العاطلين والمعوزين وتلك الممارسات كانت مخالفة صريحة للقانون الوطني والدستوري ومخالفة صريحة للقوانين المواثيق الدولية وفي مقدمة ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية".

وتابع :"نريد أن نشخص المشكلة ومكامن الخلل، ومن هي الجهات المسؤولة والمعيقة التي وقفت عائقا لتنفيذ كل القرارات التي أقرتها اللجنة القضائية الرئاسية وقرارات المحكمة، وتساؤلنا من المسؤول عنها؟!، ومن سيعوض هؤلاء الناس؟ من الظلم والقهر والاستبداد التي حلت بهم خلال الثلاثين السنة، حيث جزءا منهم قضى نحبهم بسبب انه لم يجدوا لقمة وعيشة وحبة الدواء، وجزء كثير منهم يحتضر وفي قائم الانتظار، ولا زالت قضيتهم في دهاليز الروتين والفساد، فمن المسؤول؟".


وفي السياق، قال فضل محمد الجعدي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي إن الورشة تناقش قضية هامة متعلقة بالمبعدين العسكريين الجنوبيين.

وأضاف: "لقد كشفت حرب 1994م الظالمة وتبعاتها مدى التآمر على الجنوب وحقد عصابات يوليو الأسود الذي طال كل ما هو جميل".

وتابع :"إحالة الكوادر العسكرية والأمنية والمدنية هو أحد الشواهد الحية على العقلية المريضة لتلك القوى البغيضة القبلية والدينية والعسكرية، لقد كان يوم 24 مارس 2007م يوما خالدا في حياة المتقاعدين قسرا عسكريين وأمنيين حيث كسروا حاجز الصمت بإعلانهم الاعتصام المفتوح ومن هذا الاعتصام تحددت المنطلقات الرئيسية لنضالهم ضد غطرسة نظام صنعاء بدء بالزحف إلى العاصمة عدن يوم 7/ 7/ 2007م لكسر حاجز الخوف على مستوى الجنوب كله وعلى غرار تلك الارهاصات انبثقت ثورة الحراك السلمي الجنوبي.

الانتقالي: على المجلس الرئاسي تنفيذ أحكام القضاء الخاصة بالمبعدين دون إبطاء أو تعالي
الانتقالي: على المجلس الرئاسي تنفيذ أحكام القضاء الخاصة بالمبعدين دون إبطاء أو تعالي

ويرى القيادي البارز في الانتقالي أن الجنوب يخوض أصعب مراحل النضال لنيل حريته واستقلاله بما تبقى من تشكيلات الجيش القديم والقوات المسلحة الجنوبية والمقاومة الباسلة، ضد الإرهاب والمليشيات الحوثية وإلى جانب دول التحالف العربي في معركة الدفاع عن العمق العربي لكسر المشروع الإيراني بالمنطقة، وانه لمن المؤسف إزاء هذه المواقف أن يتم التعاطي مع قضية العسكريين والأمنيين المسرَّحين بهذه الصورة القاتمة دون معالجات حقيقية ولذلك ينبغي على مجلس القيادة الرئاسي العمل وبصورة عاجلة على تنفيذ أحكام القضاء دون إبطاء أو تعالي، وتنفيذ قرارات لجنة معالجة قضايا المبعدين قسرا من وظائفهم والتي شكلت بقرار جمهوري، وكذا صرف مرتبات العسكريين والأمنيين وبأثر رجعي، وإقرار التعويضات والتسويات لكل الكادر العسكري الجنوبي الذي تم التعامل معه بعنصرية من قبل نظام 7/ 7 وتتحمل الشرعية إيجاد الموارد المناسبة لإجراء التعويضات والتسويات واحتساب ذلك منذ تاريخ الإحالة للتقاعد والتعويض المادي والمعنوي عما لحق بهم من أضرار نفسية وصحية، كما ويجب على الجميع الوقوف لنصرة هذه الشريحة التي طالها التهميش وتجرعت مرارة السنوات العجاف.

وعلق نائب مدير مكتب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في عدن د. وليد باهارون حول عمل اللجنتين (المبعدين قسرا والأراضي) بالقول "أتذكر صدور القرار الرئاسي إبَّان ثورة التغيير، موضوعنا كان عن العدالة الانتقالية كان ضروريا لمحاسبة كل الانتهاكات التي حدثت، كل القوى في حينها كانت كل القوى معنا بوجوب تطبيق العدالة الانتقالية، وشكلت على أساسها لجنتين، أولها لجنة المبعدين قسرا ولجنة الأراضي".

وأضاف :"واجهتنا صعوبات كثيرة وبالرغم من دعمنا للجنتين إلا إننا وجدنا مشروعنا قد تعثر لأسباب كثيرة، هناك من كان يريد إضافة قانون المشروع ممن انتهكوا في أحداث الناصريين وفترة الإمامة ليعودوا بنا إلى 200 سنة وقبل، كان يراد منا أن نجعل مشروع القانون مفتوحا لكل الاحداث والانقلابات التي تمت في الشمال والجنوب وبالتالي تم تمييع القرار نهائيا، بمعنى عدم إصدار أي قانون ذات شأن بالعدالة الانتقالية وهو القانون الذي يحدد القانون لأعمال ومخرجات اللجنتين، واللجنتين من غير هذا القانون سيكون عبارة عن توصيات يقود القرار لصاحب القرار بحسب الظروف والامكانيات والمزاج والبعد السياسي.

وتابع: "فشلنا في تطبيق قانون العدالة الانتقالية لأن القانون تم ترحيله ما بين رئاسة الوزراء ومن ثم أعادوه إلى الشؤون القانونية ليدخل بعدها لرئاسة الجمهورية وبالتالي تم تمييع القانون كون هناك مسؤولين اتهموا بأشياء كثيرة لإيقاف مشروع تطبيق القرار، لكن في المقابل هذا استمرينا بدعم عمل لجنتين، كنا خائفين على مخرجات بيانات الناس لكي لا تضيع، عملنا على دعم اللجنتين بتوفير مكاتب وأجهزة حاسوب وسيرفرات ودعمنا في بناء القدرات كل ذلك حتى لا تضيع بيانات الناس أو تحرق بتعمد حاولنا حفظها في البنك المركزي أو في مكان أخر لآن هناك كثير من ستتعرض مصالحهم ويتضرر من تلك البيانات حتى لا تصل إليهم أي مساءلة قانونية".

وحول المنحة القطرية المخصصة للمبعدين قسرا قال: "نحن والقطريين كنا مترددين في آلية الدفع، لأن الحكومة أصرت على تشكيل لجنة وزارية وأغلبهم من المنتهكين وهي كانت تريد العمل من الصفر من تحقيق وتمحيص، وكأن اللجنة لم تعمل شيء، فالحكومة كانت تريد العمل من جديد وهي بحاجة إلى صرفيات وسيارات وجميعهم وزراء، وبذلك تم تمييع القرار، وبتشكيل هذه اللجنة سيكون بالطبع مخالفا لقانون العدالة الانتقالية برمتها فـ (لا يمكن أن تأتي بطلب العلاج وأنت متسبب بالمرض) ومع ذلك نقول المشوار ما زال موجودا، نحن كداعمين ما زال موقفنا ضعيفا ولا نستطيع إقناع المانحين في ظل هذه الأوضاع".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى