​هل تنجح تحركات العميد صالح في حشد القبائل اليمنية؟

> فتحي أحمد:

> الولايات المتحدة لديها الحل في اليمن.. فبينما تتلقى جماعة الحوثي الدعم من طهران، تغازلها واشنطن خلسة. ويبقى الحديث عن وساطة عمانية من أجل التهدئة مجرد ذر للرماد في العيون.
أليس من العجيب أن ينخرط الحوثيون في اليمن في الاحتفالات التي تقيمها الأمم المتحدة حول العالم، وينعتونها في الوقت نفسه بالزيف والسوء؟ إما أن يكونوا ضد الأمم المتحدة أو معها.

الحقيقة تقول إن الحوثيين يضحكون على أنصارهم ويروجون دعايتهم ضد الغرب والولايات المتحدة والمؤسسات الدولية، وهذا دليل على أنهم يتسوقون من كل الأسواق، وهم ليسوا “كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا”، بارعون في التلون في مواقفهم السياسية.

الولايات المتحدة تدرك الوضع الجيوستراتيجي وأهميته بالنسبة إليها في اليمن، لذلك وضعت إستراتيجيتها بناء على ذلك، ووضعت خطة قابلة للتطبيق، وهي إشراك بعض أدواتها مثل الحوثيين في الحكم وليس أخذ اليمن والسيطرة عليه منذ البداية، فهو في مفهومها العسكري عش دبابير.

لقد اقتنعت الإدارة الأميركية بأن السيطرة على اليمن يجب أن تتم من الداخل، فرمت بالحوثيين في صراع الفوضى الخلاقة، وزودتهم بالمال والسلاح اللازم حتى تمكنوا من السيطرة على العاصمة، وتمددوا في اليمن بشكل لافت وكبير، إلى أن وقعوا في شراك قوتهم المدعومة إيرانيا وأميركيا. فهم فئة قليلة، لا تستطيع السيطرة على اليمن إلا إذا تلقت دعما يثبت أقدامها في مواجهة الشرعية اليمنية.

هذا هو الواقع المحسوس. وقد يستغرب البعض من هذا الكلام؛ جماعة الحوثي لا تستغرق “غلوة قهوة واحدة” حتى تتمكن الولايات المتحدة من الإجهاز عليها وتحويلها إلى كومة رماد.
والزيارات المكثفة التي يقوم بها العميد طارق صالح إلى القبائل والأسر المتضررة من أجل مخاطبة الشارع اليمني والأحزاب الفاعلة في الساحة اليمنية، على مبدأ تأسيس أطر لمحاربة المد الحوثي المدعوم من إيران، يبقى مدى تأثيره على الشارع اليمني محل شك. فرغم أن الحوثيين لم يكن لديهم القوة للسيطرة على البلاد، إلا أن الشركاء في اليمن هم من أوصلوا البلاد إلى هذه الحالة. التنافس والمحاصصة السياسية أدخلا اليمن في نفق مظلم وحالا دون القضاء على جماعة الحوثي واجتثاثها من جذورها.

طارق صالح يحاول من خلال زياراته إلى العائلات المنكوبة والعشائر اليمنية الضغط باتجاه إعادة اللحمة بين القبائل اليمنية التي بيدها جل الأوراق اللازمة لتوحيد الجبهة اليمنية، في شمال وجنوب البلاد. لكن تبقى المشكلة قائمة، ويبقى الشرخ بين الجنوب والشمال منذ عقود السبب في تعثر توحيد الصفوف.

اللعب على وتر القبائل ربما يكون المخرج في مواجهة إيران في اليمن. خلال الشهور القليلة الماضية، كانت هناك تحركات قبلية واجتماعية يمنية واسعة لدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية لمواجهة تصعيد ميليشيات الحوثي الإرهابية واستمرار رفضها لأي جهود سلام دولية، وربما يؤدي هذا إلى توحيد الرأي اليمني في مواجهة المد الشيعي.

الحوثيون وداعموهم في طهران لا يتحركون وفق مخطط زمني آنيّ، وإنما وفق مخطط زمني بعيد المدى، وقد يقبلون بحل مرحلي يمثل ما يشبه درجة في سلم يقود إلى طوابق أخرى.
بينما للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تصور مختلف عن وضع الحوثيين في النظام السياسي لليمن بعد الحرب لا يتواءم مع تصور إيران والحوثيين لوضعهما داخل منظومة السياسة والحكم في اليمن بعد أن تضع الحرب أوزارها، فهما تدركان (السعودية وإيران) نوايا الشيعة التوسعية.

يبدو العميد صالح في نظر نشطاء التجمع اليمني عدوا يجب تقويض تحركاته، والتجمع الذي يطلق عليه إخوان اليمن، يرى أن صالح لا يمثل اليمن ولا يمثل الشرعية.

الحقيقة أن قيادات الإخوان، ومعهم اللواء الركن علي محسن الأحمر نائب رئيس الجمهورية المقرب من الإخوان المسلمين، تكنّ عداءً عميقا للعميد صالح، وهذا ما يزيد من حجم الرفض الذي يواجه عودته إلى المشهد العسكري أو السياسي، ويزيد من خلط الأوراق.
الجهود التي يبذلها العميد طارق صالح لتحريض القبائل اليمنية تهدف إلى مواجهة الحوثيين والتدخل الإيراني. ولكن، هل تتغاضى الولايات المتحدة عن تحركات العميد؟
*"كاتب فلسطيني - العرب"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى