إعدام المتظاهرين يجلب عقوبات دولية جديدة على إيران

> طهران«الأيام»إرنا:

> فرضت أستراليا وبريطانيا وكندا عقوبات جديدة على إيران، فيما دعا نشطاء إلى مزيد من التظاهرات غداة تنفيذ أول عملية إعدام على ارتباط بموجة الاحتجاجات التي تعم الدولة وتخضع لقمع شديد منذ حوالى 3 أشهر.

وقالت وزيرة خارجية أستراليا بني وونج، السبت، إن الحكومة ستفرض عقوبات تستهدف أشخاصاً وكيانات في إيران رداً على ما وصفته بتعرض حقوق الإنسان لانتهاكات "جسيمة".

وأضافت وونج، في بيان، أن أستراليا ستفرض عقوبات على 13 فرداً وكيانين، من بينهم شرطة الأخلاق الإيرانية وقوة الباسيج و6 إيرانيين شاركوا في قمع الاحتجاجات، التي اندلعت بعد وفاة مهسا أميني (22 عاماً) خلال احتجازها في سبتمبر.

وبالإضافة إلى عقوبات حقوق الإنسان، قالت وونج إن أستراليا ستفرض عقوبات مالية إضافية على 3 إيرانيين وشركة إيرانية واحدة لتزويدها روسيا طائرات مسيرة لاستخدامها ضد أوكرانيا.

عقوبات بريطانية

وجاء ذلك بعد أن أعلنت بريطانيا، الجمعة، فرض عقوبات على 30 كياناً وشخصية من 11 دولةً بينها إيران التي اتهمتها بإصدار "عقوبات مروعة" على متظاهرين معارضين.

وجاءت تلك الخطوة بعد يوم من إعلان فرنسا عن خطط لفرض عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي على إيران بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان ضمن حملتها الأمنية على الاحتجاجات الشعبية بها فضلا عن توريدها طائرات مسيرة إلى روسيا قبل غزوها لأوكرانيا.

وقالت الحكومة البريطانية إن العقوبات جاءت بالتنسيق مع الشركاء الدوليين بمناسبة يوم مكافحة الفساد ويوم حقوق الإنسان العالمية.

وفرضت بريطانيا عقوبات على 10 مسؤولين إيرانيين على صلة بنظام السجون الإيراني. ومن بينهم 6 تربطهم صلة بالمحاكم المسؤولة عن محاكمة المحتجين وإصدار أحكام عليهم تشمل الإعدام.

عقوبات كندية

بدورها فرضت كندا عقوبات على 22 عضواً بارزاً في السلطة القضائية وجهاز السجون والشرطة، إضافة إلى عدد من كبار مساعدي المرشد علي خامنئي ووسائل إعلام رسمية، وذلك في أعقاب تنفيذ طهران أول حكم إعدام على صلة بالاحتجاجات، ما أثار موجة استنكار دولية.

وتعمدت كندا إصدار العقوبات لتتزامن مع الاحتفال باليومين العالميين لمكافحة الفساد وحقوق الإنسان.

وفي بيان مشترك، نددت كندا والولايات المتحدة بـ"أعمال العنف الوحشية التي يقترفها النظام ضد المتظاهرين السلميين والقمع المستمر للشعب الإيراني"، بما في ذلك "العنف الذي ترعاه الدولة ضد المرأة".

واتهم البيان قوات الأمن الإيرانية بقتل مئات المتظاهرين واعتقال الآلاف بشكل تعسفي "في محاولة لإسكات الشعب الإيراني".

وقالت أوتاوا وواشنطن إنهما تشعران "بارتياع شديد" حيال تقارير عن استخدام العنف الجنسي "كوسيلة شنيعة لقمع الاحتجاجات" والأحكام القاسية التي صدرت بحق متظاهرين.

وقال دبلوماسيون أوروبيون إن الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض تدابير عقابية أكثر صرامة على إيران، بسبب القمع الذي تسبب في مقتل 458 شخصاً على الأقل بينهم أكثر من 60 طفلاً، بحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو.

إعدام المتظاهرين

وأُعدم محسن شكاري (23 عاماً) شنقا، الخميس، لإدانته بـ"الحرابة"، في ختام إجراءات قضائية  اعتبرت مجموعات حقوقية أنها "محاكمة صورية".

وقالت السلطة القضائية إن شكاري اعتقل بعدما أغلق طريقاً وجرح أحد عناصر قوات الباسيج.

واعتبر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك أن إعدام شكاري "مقلق للغاية، وواضح أن الغرض منه بث الخوف في باقي المتظاهرين".

ووصفت منظّمة العفو الدولية عملية إعدام شكاري بأنّها "مروّعة"، معتبرة أن "إعدامه يفضح وحشية ما يسمى نظام العدالة في إيران حيث يواجه عشرات غيره المصير نفسه".

وقال مدير المنظمة محمود العامري إن "شاكري أُعدم بعد محاكمة متسرعة وغير عادلة في غياب محام".

وانضمت عائلات سجناء سياسيين أُعدموا جماعياً في 1988 للأصوات المنددة.

وقالوا، في بيان نشرته "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا) ومقرها في الولايات المتحدة، إن "إعدام محسن تذكير بخسارة أحبائنا الذين.. مثل محسن، حوكموا في محاكمات صورية استغرقت دقائق، وفي غياب محامين ودون أن تتاح لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم، وحكم عليهم بالإعدام".

وعبرت حكومات غربية، سبق أن فرضت عقوبات ضد إيران على خلفية قمع التظاهرات، عن غضبها.

واعتبرت واشنطن إعدام شكاري "تصعيداً قاتماً" متعهدة تحميل النظام الإيراني مسؤولية العنف "ضد شعبه".

من جانبها، عبرت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني عن السخط إزاء "هذا القمع غير المقبول" الذي قالت إنه لن يسحق مطالب المتظاهرين.

ووجهت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك رسالة مماثلة. وكتبت في تغريدة أن "التهديد بالإعدام لن يخنق الرغبة في الحرية" مضيفة أن "ازدراء النظام الإيراني للإنسانية لا حدود له".

كما استدعت ألمانيا السفير الإيراني، على ما ذكر مصدر دبلوماسي، بدون تقديم مزيد من التفاصيل.

مزيد من الاحتجاجات

ودُفن جثمان شكاري بعد 24 ساعة على إعدامه بحضور عدد قليل من أفراد أسرته وعناصر أمن، في مقبرة "بهشت الزهراء"، على ما ذكر مرصد "1500 تصوير" الذي يرصد منصات التواصل الاجتماعي.

وغداة إعدام شكاري، نبهت منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان الى أن ما لا يقل عن 12 شخصا آخرين يواجهون الإعدام بعد صدور أحكام بحقهم لمشاركتهم في التظاهرات.

وذكر تلفزيون "إيران إنترناشيونال"، الجمعة، أنه حصل على معلومات تفيد بأن القضاء الإيراني حكم بالإعدام على متظاهر آخر يدعى حسين محمدي، بتهمة قتل عنصر من قوات "الباسيج"، لافتاً إلى أن تقارير إعلامية أفادت بأن السلطات اعتقلت محمدي من منزله دون أي دليل يثبت صلته بالقضية.

ونزل متظاهرون، ليل الخميس الجمعة، إلى الشارع الذي أوقف فيه شكاري هاتفين "أخدوا محسن وأعادوا جثته"، بحسب فيديو نشره مرصد "1500 تصوير".

وخلال تظاهرة أخرى في حي  شيتغار في طهران، هتف المحتجون "الموت للديكتاتور" و"الموت لسباه" في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري.

ولفت "1500 تصوير" إلى أن عقوبة الإعدام نفذت بسرعة إلى حدّ أن عائلته لا تزال تنتظر نتيجة الطعن في الحكم. ونشر مشاهد قال إنها تظهر لحظة تبلغت عائلة شكاري خبر الإعدام أمام منزلها في طهران، ويمكن رؤية امرأة تنهار وتصيح "محسن!".

وأعلن حامد اسماعيليون، الناشط الإيراني الكندي الذي نظم تظاهرات في برلين وباريس ومدن أخرى، عن تجمعات جديدة في نهاية الأسبوع وكتب في تغريدة: "اياً كانت المعتقدات والإيديولوجيات، دعونا ننضم إلى هذه التجمعات للاحتجاج على الإعدام المروع لمحسن شكاري".

اغتيال إمام سني

وأعلن مجلس الأمن في محافظة سيستان بلوشستان بجنوب شرق إيران، الجمعة، اغتيال إمام سني بعد خطفه.

وافاد المجلس، في بيان، أن "مولوي عبد الوحيد ريغي إمام جمعة أهل السنة في مجلس الإمام الحسين في مدينة خاش وأحد ابرز شيوخ المنطقة ومحافظة سيستان وبلوشستان، خطف واستشهد على أيدي مجهولين ظهر الخميس".

وشهدت المحافظة احتجاجات إثر ورود أنباء عن تعرض فتاة للاغتصاب في السجن من قبل مسؤول في الشرطة في مدينة شاباهار.

وتعد سيستان بلوشستان ذات الغالبية السنية أفقر منطقة في إيران ويعاني سكانها البلوش التمييز.

وأودت الحملة الأمنية التي تشنّها السلطات الإيرانية بحياة 128 شخصاً على الأقل في المحافظة، بحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، وهي أكبر حصيلة للقتلى في 26 من محافظات إيران الـ31.

بلجيكي في إيران

في بلجيكا، حضت أسرة البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل، العامل في المجال الإنساني والمعتقل في الحبس الانفرادي في إيران منذ فبراير، الحكومة البلجيكية على التحرك من أجل إطلاق سراحه، مبدية مخاوف من عواقب على صحته.

ونددت شقيقة فانديكاستيل، خلال مؤتمر صحافي في بروكسل، بـ"تعذيب نفسي لا يوصف" يتعرض له شقيقها، معتبرة أنه "رهينة بريئة في معركة قضائية سياسية" بين البلدين.

وبحسب عائلته، فإن الأربعيني الذي أوقف من دون سبب في طهران في 24 فبراير، بدأ إضراباً عن الطعام في نوفمبر احتجاجاً على تدهور ظروف اعتقاله في زنزانة انفرادية تحت الأرض.

وقالت شقيقته باكية فيما جلست والدتها بجانبها: "هو محروم منذ 290 يوماً من أي تواصل بشري.. الأيام تمضي وعائلتنا تتفكك.. إننا حزينون منهارون.. حيال هذا الظلم".

وطلب أوليفييه فان ستيرتيجم، صديق الرهينة والمتحدث باسم الحملة للمطالبة بإطلاق سراحه، موعداً مع رئيس الوزراء ألكسندر دو كرو، معتبراً أن "الوقت حان للتحرك" من أجل الخروج من "مأزق كامل".

وأعلنت المحكمة الدستورية البلجيكية، الخميس، "تعليق" معاهدة بلجيكية إيرانية لنقل مدانين، أقرها البرلمان بطلب من الحكومة في يوليو للسماح بعودة فانديكاستيل.

وأثارت المعاهدة الموقعة في مارس 2022 بين بروكسل وطهران بعيد اعتقال فانديكاستيل، جدلاً كبيراً وطعوناً من قبل معارضين إيرانيين في المنفى.

واعتبر هؤلاء المعارضون أن الاتفاق يمهد لنقل دبلوماسي إيراني أدين بتهمة الإرهاب في بلجيكا عام 2021 إلى طهران.

وحكمت محكمة بلجيكية في أنتويرب (شمال) على الدبلوماسي أسد الله أسدي في فبراير 2021 بالسجن 20 عاماً بعدما أدين بتهمة التخطيط بمساعدة شركاء بلجيكيين إيرانيين، لهجوم بقنابل كان سيستهدف التجمع السنوي الكبير في فرنسا للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في 30 يونيو 2018، وهو تحالف لمعارضي نظام طهران.

وشن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حملة ضد المعاهدة ما أثار غضب أقارب الموقوف البلجيكي الذين نفوا الجمعة حجة أن النص "أعد على مقاس" أسدي.

وقالت المحامية أوليفيا فينيه، التي تتولى الدفاع عن عائلة فانديكاستيل، إن "نموذج المعاهدة تقليدي للغاية على صعيد نقل" الموقوفين.

وتعهدت الحكومة البلجيكية، الجمعة، "أن تتواصل في الأيام المقبلة مع عائلة" الموقوف، وفق ما أفاد مصدر حكومي وكالة فرانس برس.

دفاع إيراني

ودافعت إيران عن كيفية تعاملها مع الاحتجاجات واتهمت الغرب بالنفاق.

وأعلنت أنها تبدي "أقصى درجات ضبط النفس" في مواجهة الاحتجاجات التي تفجرت إثر موت الشابة مهسا أميني البالغة 22 عاماً في 16 سبتمبر بعد 3 أيام على توقيفها على يد شرطة الأخلاق لمخالفتها قواعد اللباس الصارمة في البلاد.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إنها "في تعاملها مع أعمال الشغب مارست إيران أقصى درجات ضبط النفس، وعلى عكس الكثير من الأنظمة الغربية.. فقد استخدمت أساليب متناسبة وقياسية ضد أعمال الشغب"، حسبما نقلت وكالة إرنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى