لماذا تسعى فرنسا للتقارب مع السعودية وما علاقته بخلاف واشنطن والرياض؟

> "الأيام" سبوتنيك

>
​لم يعد خافيًا على أحد التحركات الفرنسية الحثيثة في منطقة الشرق الأوسط، ومحاولة باريس إعادة التموضع في سبيل البحث عن دور حيوي هناك؛ لملء الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة الأمريكية بعد خلافها مع السعودية.

الحراك الفرنسي ركّز على السعودية، وعلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية ما بين باريس والرياض، باعتبار أن الأخيرة باتت لاعبًا رئيسيًا في الساحة العربية والدولية، مع تحكمها في أسعار الطاقة عبر منظمة الأوبك.

وفي وقت وجد فيه المراقبون بأن علاقات قوية تجمع ما بين فرنسا والسعودية، أكدوا أن هناك تحركًا يقوم به الرئيس ماكرون مع المملكة، التي تبحث عن شركاء إقليميين جدد لا يملون عليها تحركاتها السياسية.

وأكدت فرنسا في بيان عقب اتصال هاتفي بين وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، ونظيره السعودي الأمير خالد بن سلمان، الخميس الماضي، أنها ستعزز التعاون الدفاعي مع المملكة في مواجهة التهديدات، معربةً عن التزامها بالشراكة التاريخية مع المملكة. واتفقا على تعزيز الحوار بينهما بشأن التهديدات التي تطول مصالح فرنسا والسعودية وأمن واستقرار الشرق الأوسط وأوروبا.
  • تنويع الشركاء
اعتبر فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن التقارب والحراك الاقتصادي والسياسي بين المملكة وفرنسا، يأتي في إطار العلاقات التاريخية العميقة بين البلدين، حيث توجد باريس في الأسواق السعودية منذ عقود.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الشراكة السعودية الفرنسية امتدت لتصل إلى الصناعات العسكرية الثقيلة، وهناك الكثير من القطع العسكرية سواء في القوات البحرية والجوية والبرية من التجهيزات الفرنسية، والتي أثبتت وجودها في الجيل الرابع من الصناعات العسكرية.

وتابع: "المملكة تعيش خلال حقبة ذهبية في جميع المجالات، حتى على مستوى التنمية السياسية، والتوجه السعودي الصيني وتنوع الشراكات الاقتصادية والتجارية والعسكرية وفي مجالات الطاقة وتقنية المعلومات، فالمملكة لديها من الفكر والإدراك السياسي للتنوع والاعتماد على شركاء استراتيجيين".

ولفت إلى أن هذه الخطوة تأتي مع الجانب الفرنسي لتعزيز العلاقات التاريخية التي تحتاجها المملكة في هذا الوقت، حيث اختارت المملكة المدار الفلكي السياسي والاقتصادي والتنموي الذي تسبح فيه، بعيدًا عن أي من الدول التي تؤثر عليها في تحديد مسارها السياسي، مشيرًا إلى أن المملكة أثبتت للعالم خلال قمتها الأخيرة مع الصين أنها من تحدد هذا المدار، ويأتي التعاون من ضمن خياراتها الذاتية والاستراتيجية من الشركاء الاستراتيجيين.

ويرى العنزي أن الجانب الفرنسي استشعر بأن هناك فجوة يتحدث عنها الإعلام الأمريكي ويبحث عن إحلال نفسه محل هذه الفجوة، لكن السعودية لم تبتعد عن حليفها الاستراتيجي لكنها أثبتت أيضا أن العالم العربي يمكنه تنويع الشركاء الاستراتيجيين، وأن العالم سيصبح ثلاثي القطب (الشرقي والغربي والقطب العربي الأوسط) والذي يتميز بوفرة الموارد وقدرته على المباشر في جميع المصالح وتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
  • دور فرنسي
من جانبه اعتبر مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التقارب الفرنسي السعودي في الفترة الأخيرة طبيعي، باعتبار أن باريس ثاني أهم لاعب في منطقة الشرق الأوسط بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك إطار مشترك بين الدولتين، وسبق وأن زار الرئيس الفرنسي المملكة لتخفيف حدة التوتر مع لبنان بعد تصريحات وزير الإعلام السابق جورج قرداحي، وبعد الزيارة قدم استقالته وهو ما خفف من حدة الخلافات، وحاليًا لا تزال المسألة ما بين بيروت والرياض تشهد شدًا وجذبًا، وهناك ضيق سعودي من هيمنة وسيطرة "حزب الله" على الساحة هناك.

ولفت إلى أن هناك ملفات مشتركة بين الطرفين، أبرزها الملف اللبناني، واهتمام فرنسا بالملف السوري والليبي، وكذلك الصراع الغربي مع إيران، والخلافات الأمريكية حول البرنامج النووي وعلاقة إيران بأجنحتها المشتركة في الدول العربية من بينها الحوثيين في اليمن، والذين يشكلون ضيقًا كبيرًا للمملكة.
وأوضح أن فرنسا تعرف الدور الرئيسي للمملكة في أزمة الطاقة وتحكمها بشكل كبير في أسعار النفط عن طريق منظمة الأوبك، والأزمة الروسية الأوكرانية.

ولم يستبعد غباشي أن تكون فرنسا بهذا التقارب تبحث عن دورًا لها، وترى في نفسها البديل بعد الولايات المتحدة بسبب الخلافات بين الأخيرة والسعودية، ودخول الصين على خط الأزمة وملء جزء كبير من هذا الفراغ، حيث تحاول باريس أن تقتنص خصوصية علاقة مع السعودية، لا سيما بعد منع واشنطن لصفقة الغواصات بين باريس وأستراليا.

يذكر أن فرنسا قد دعت لعقد مؤتمر "بغداد 2" والذي استضافه الأردن قبل أيام وبحث أزمات المنطقة، لا سيما لبنان والعراق والعلاقات الخليجية الإيرانية، وبحضور الرئيس إيمانويل ماكرون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى