لماذا وصلنا إلى هذا الوضع المتردي؟

>
كانت عدن من أول المدن في المنطقة العربية التي شهدت تطورا حضاريا من خدمات وبنية أساسية متكاملة، وميناؤها من أهم الموانئ في العالم كان يستقبل في اليوم أكثر من عشرين باخرة قبل إغلاق قناة السويس بعد هزيمة 5 يونيو 67، لكن كانت هناك مقومات كثيرة تجعل من عدن أهم مدينة في الجزيرة والخليج، كانت البواخر الصغيرة لشركة باخشب السعودية والصناديق الخشبية التي تأتي من كل دول الخليج تحمل من عدن المواد الغذائية الأساسية وكل مستلزمات الحياة لسكان دول الخليج، هذا الكلام ليس مبالغة بل حقيقة، وكنت شخصيا أعمل في رصيف المعلا التابع لأمانة ميناء عدن وكل هذه المعلومات شخصية لأني كنت أشاهدها بأم عيني وليس حسب قول قيل لي.

كان من المفترض أن تتطور الحياة في عدن بعد الاستقلال عن بريطانيا، وأن تعود حركة الملاحة في ميناء عدن بعد فتح قناة السويس بعد حرب أكتوبر 1973، لكن البريطانيين كانوا أكثر حقدا علينا دسوا لنا طابورا خامسا داخل صفوف الجبهة القومية، ورسموا لهم الخطة التي مكنتهم من الانتقام من عدن وسكان الجنوب الذين أجبروهم على الرحيل من عدن وجنوب الجزيرة العربية، وذلك عبر قيام الطابور الخامس بتنفيذ الخطة بداية من خلق تيار يمين ويسار داخل الجبهة القومية، ثم الانتقام من قيادات الصف الأول للثورة وصعود مناضلي الصف الثالث والرابع من المناضلين محدودي العلم والثقافة مستغلين المرض الذي اكتشفوه فينا ومازلنا نعاني منه حتى اليوم، إنه مرض الزعامة والقيادة وشهوة السلطة والمناطقية والعنصرية المقيتة التي لا تزال تتحكم في كل سلوكنا وتصرفاتنا، ونشهد اليوم صورة بشعة لهذا المرض فوطننا اليوم تحت سيطرة نظام 7 يوليو بدعم ممن نعتبرهم أصدقاءنا من الجيران، ولذلك فإن السؤال الكبير المطروح اليوم: لماذا لا نستفيد من أخطاء من سبقونا ونوحد صفوفنا في جبهة وطنية جنوبية واحدة لمواجهة المؤامرة واسترداد دولتنا التي أضاعها الجهل الماركسي الذي حكم الجنوب منذ عام 1969م حتى عام 1990م؟

لماذا الخلاف وعلى ماذا نحن مختلفون؟ ببساطة وبدون مجاملات نحن مختلفون على مصالحنا الشخصية ولسنا مختلفين على مصالح الوطن، لو كان هذا الوطن يهمنا وهذا الشعب الطيب الذي استحملنا كل هذه الفترة لتنازلنا لبعضنا وتوافقنا، وشكلنا الجبهة الوطنية الجنوبية لاستعادة دولة الجنوب التي فرطت فيها قيادات جاهلة لم يكن يهمها الوطن بقدر اهتمامها بمصالحها الذاتية.

علينا الاعتراف بأننا نعاني من مرض عضال اسمه الأنانية والذاتية والمناطقية السخيفة، وأننا أضعنا دولة ووطنا وشعبا وثروة بسبب هذا المرض الذي علينا الاعتراف بوجوده فينا لكي نعالجه، وإذا لم نرتفع إلى مستوى المسؤولية ونعترف بالمرض وبوجوده فينا فلن نستطيع معالجته، ولن نستطيع استعادة الجنوب ودولته التي فرطنا فيها مقابل الحفاظ على مصالحنا الشخصية كقيادات سياسية.

إننا لا نستحق احترام هذا الشعب ولا نستحق أن نكون قيادات لهذا الوطن، ببساطة لو تنازلنا لبعضنا البعض احتراما وتكريما لهذا الشعب وهذا الوطن لتمكنا من فرض إرادتنا دون الحاجة إلى مساعدة أحد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى