مع اقتراب رمضان.. الدجاح في اليمن لمن استطاع إليه سبيلا

> "الأيام" غرفة الأخبار

> يواجه اليمنيون قبيل رمضان في كل عام ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية بما فيها أسعار الدجاج مع تزايد شدة أزمة غاز الطهي في ظل أوضاع معيشية قاسية في بلد يدخل، بعد أيام قليلة، السنة التاسعة من الحرب.

فوجئ اليمنيون في صنعاء وبقية محافظات وسط وشمال اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مؤخرا، بارتفاع جديد في أسعار الدجاج بنسبة 30 بالمئة، ليصبح سعر الدجاجة وزن كيلو غرام 1800 ريال في الأسواق المركزية لتجار الجملة (أكثر من ثلاثة دولارات) بعدما كان سعرها 1250 ريالا (أكثر من دولارين).

يأتي هذا في ظل دخل بسيط جداً لغالبية اليمنيين مع توقف صرف المرتبات الحكومية لمعظم موظفي الدولة، وتراجع فرص الأعمال الحرة مع كساد اقتصاد البناء، وتسريح القطاع الخاص لكثير من العاملين في شركاته.
يمكن قراءة ما يعني ارتفاع أسعار الدجاج من خلال الاقتراب قليلا من قاع المجتمع، وما صارت إليه الحياة المعيشية للناس بعد 8 سنوات من الحرب.

كان كثير من اليمنيين في مناطق المرتفعات قبل الحرب يعتمدون على الدجاج كجزء مهم في وجبة الغداء؛ وكانت أوزان الدجاج قبل الحرب بأحجام اختفت تدريجيا خلال الحرب، فعلى الرغم من تراجع أوزان الدجاج خلال الحرب إلا أنه قلما تجد مَن يشتري الدجاجة بوزن الكيلوغرام كاملة.

ودفعت الحرب كثيرا من اليمنيين لشراء ربع دجاجة مذبوحة لتتمكن الأسرة من طبخها، والاستفادة من حسائها في تناول طبق آخر كالعصيد مثلا.

بل وقد دفعت ظروف الحرب الكثير من اليمنيين لاستبدال الدجاج بوجبة تعتمد بدرجة رئيسية على خضروات، التي بدورها شهدت ارتفاعا في أسعارها نتيجة تزايد الطلب عليها؛ ما اضطر العائلات إلى التقليل من استخدامها أيضا، والاعتماد على الزهيد منها؛ لدرجة صار تجار الخضروات يبيعونها بعبوات صغيرة جداً، تضم قطعة أو قطعتين إما من الطماطم أو البطاطس أو الثوم أو الباذنجان أو الكوسا أو البامية…؛ وهي عبوات مجهزة في أكياس بلاستيكية صغيرة، وتباع بأسعار تناسب القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في ظل عجزهم عن شرائها بالكيلوغرام، لكن هذه العبوات تكفي ليوم واحد بل لطبق واحد؛ وهو وضع لم يكن موجودا قبل الحرب.

وبالتالي فارتفاع أسعار الدجاج سيضاعف من أعباء الناس، وسيدفع كثيرا ممن ظل يعتمد على الدجاج للجوء إلى طبق يخلو من اللحم.

صدام. م ، عامل طلاء، كان يشتري نصف دجاج مرة في الأسبوع، لكنه أصبح الآن مضطرا إلى شراء ربع دجاج. يقول لـ”القدس العربي”: “صار صعبا أن استمر في شراء النصف؛ لأن هذا الارتفاع في السعر ليس الأول، ولن يكون الأخير … كما أن دخلي من عملي في طلاء المنازل بالكاد يغطي الاحتياجات الضرورية في الأيام العادية، أما في رمضان فالاحتياجات تزيد، والعمل قليل؛ لكن لم نعد كما كان حالنا قبل الحرب، لقد غيّرت الحرب كل شيء”.

بدورها، انتقدت جمعية حماية المستهلك اليمنية بصنعاء ارتفاع أسعار الدجاج الأخير، مستغربة ذلك في ظل متغيرات عالمية تقتضي خفضا لا رفعا للأسعار.

وفي رسالة وجهتها الجمعية لوزير الزراعة والري في حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين (غير معترف بها)، أشارت الجمعية إلى أن ارتفاع أسعار الدجاج يأتي مع اقتراب شهر رمضان في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة يعيشها المستهلكون.

وطالبت الجمعية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة الأسعار كما كانت عليه؛ نتيجة انخفاض أسعار مدخلات الإنتاج العالمية من أعلاف وأدوية وغيرها، إضافة إلى انخفاض أسعار النقل الدولي والمشتقات النفطية، وفق بيان نشرته على صفحتها اليوم في “فيسبوك”.
  • موجة سعرية
بموازاة ارتفاع أسعار الدجاج، تشهد الأسواق في اليمن ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية، وانتشارا لافتا للمواد المغشوشة ومنتهية الصلاحية بعبوات جديدة في استغلال حركة الشراء قبل شهر رمضان على الرغم من تنفيذ حملات نزول للأسواق من قبل الجهات المعنية.

وأوضحت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك في صنعاء أن المستهلك يعاني قبل وخلال رمضان سنويًا من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والترويج لمنتجات مغشوشة ومقلدة وإعادة تعبئة مواد غذائية منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك من قبل بعض التجارب ضعفاء النفوس، مستغلين إقبال المستهلكين على شراء متطلبات رمضان.

وطالبت الجمعية في خطاب موجه لوزير الصناعة والتجارة في حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين بتكثيف الحملات الرقابية باعتبارها أحد الأدوات التي تحدّ من انتشار ممارسات الغش والتقليد التجاري للسلع والمنتجات الغذائية وضبط الأسعار النهائية للمستهلك التي تسهم في التخفيف من معاناة المستهلك في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وفق بيان نشرته الجمعية على صفحتها في “فيسبوك”.

يقول الصحافي اليمنيّ ياسر علي الكثيري لـ”القدس العربي”: مشكلة ارتفاع الأسعار قبل رمضان عادة متوارثة في الأسواق اليمنية. لكن الجديد في سنوات الحرب، وبخاصة السنوات الأخيرة، أن البقالات والسوبرماركت وتجار الجملة صاروا لا يستطيعون، في الغالب، بيع ما لديهم من سلع رمضانية، وبخاصة في الثلاث السنوات الأخيرة مع وصول الأوضاع المعيشية لمستويات سيئة للغاية تزداد تدهورًا كل عام؛ فيضطر التجار لتخزين بقية السلع الرمضانية لبيعها في العام المقبل، وأحيانا يخزنها من عام إلى آخر، وبعض السلع تتلف أو ينتهي تاريخ صلاحيتها خلال تخزينها قبل نفاد بيعها؛ فيقوم بعض ضعفاء النفوس من التجار بإعادة تعبئتها في معامل وجدت لهذا الشأن بتواريخ جديدة، وبعض هذه السلع تُقدم في عروض ترويجية لإغراء المستهلكين بشرائها.

وحمّل الكثيري السلطات في كل المحافظات مسؤولية ضبط هؤلاء التجار وتنفيذ حملات رقابية حقيقية لمتابعة أسعار الأسواق وإنقاذ المستهلكين من السلع منتهية الصلاحية.
  • التكيّف مع العوز
الزائر للأسواق ومحلات بيع المواد الغذائية بما فيها الرمضانية سيجد كسادا لافتا، إذ لم يعد هناك إقبال يعكس اهتمام الناس بشراء احتياجات رمضان؛ فالأوضاع المعيشية وصلت بالناس حد التكيف مع رمضان والتعامل معه شهرا عاديا كبقية الشهور. وبالتالي تمثل المناسبات الدينية كرمضان والأعياد محطات لنكء الجراح لدى أرباب الأسر تجاه أبنائهم الذين يشعرون بالحاجة التي تقتضيها المناسبة، لكنهم لا يجدون ما يسد هذه الحاجة؛ وهو ما سينعكس على وعيهم بالحياة، لاسيما في حال استمرت الحرب، وتوالت سنوات المأساة اليمنية عجافا، الأمر الذي سيكرس وعيًا مستلبا للحاجة في الأجيال المقبلة.
القدس العربي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى