​في مئوية تأبين الفيلسوف أبوبكر السقاف.. "ريادة التأصيل لقضية شعب الجنوب"

> عدن "الأيام" عبدالقادر باراس:

>
نظمت الأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، أمس الأحد، بالعاصمة عدن، حفل تأبين مئوية فقيد الجنوب، أبوبكر السقاف، "ريادة التأصيل لقضية شعب الجنوب" بحضور فضل محمد الجعدي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب الأمين العام، وعدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية ومن الإعلاميين والكتاب والصحفيين والمهتمين وممثلي منظمات المجتمع المدني.


وفي الفعالية نقل الجعدي، تحيات الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، ولأسرة الفقيدين المناضلين أبوبكر السقاف، وهشام باشراحيل، صادق تعازيه ومواساته، مؤكدا على تخليد دورهما النضالي التاريخي المشرف جيلا بعد جيل.

وتناول في كلمته تساؤلاته عن من هو الذي وضع عقل المرء على عتبات جدلية الوعي والوجود، والدور الذي جسده الفقيد خلال مسيرته النضالية بالقول: "لماذا؟ هو السؤال الذي يتيح للدهشة أن تصل بنا إلى دلالات الحقائق ومضامين التغييرات، لماذا؟ هو سؤال البصيرة السالكة بالضمير إلى الموقف في الحياة ومن معطياتها، لماذا؟ هو سؤال الفلسفة الأكبر الذي لا يخوض غمار تحدياته المعرفية غير القلائل في هذا العالم ومنهم المفكر الفيلسوف المناضل الجنوبي "أبوبكر السقاف" الذي نحيي مئويته اليوم وفاءً لبراعة المنبر ولفكره الثائر على الظلم والاستبداد ومن أجل كرامة وعزة الإنسان، أبوبكر السقاف، الذي لم يصطف إلا في صف قضية شعب الجنوب العادلة وحقه في استعادة دولته المحتلة المسلوبة منذ حرب صيف 1994م الغادرة والتي قتلت مشروع الوحدة اليمنية الاندماجية المشؤومة في أول الطريق، لذلك انبرى فيلسوفنا الكبير بصدق المفكر وعنفوان العارف دون مساومة أو خضوع أو خوف ووجل ودون ملل أو انكسار أو كلل يجابه ويواجه لا منطقية قوى الظلم والظلام وايدلوجية الغطرسة والاستحواذ والنهب والفساد ومن يقف خلفها من تشكيلات اجتماعية واقتصادية وثقافية واجتماعية وسياسية انتهازية".

مضيفا: "إن الفيلسوف والمفكر الجنوبي المناضل أبوبكر السقاف لم يقف في المنطقة الرمادية في القول والفعل بل كانت حرية الإنسان ثابتة في منطقه، والثورة تتجسد في سلوكه الفعلي في الحياة، فحيث ما نلتقيه، في الشارع أو في قاعات الدرس في الجامعة، نجده حاملا لروح التحرر مشع بطاقة الوقاد، فيوقد فينا جذوة الحرية ويبعث في خلجاتنا ديناميكية المقاومة وأخلاقيات النضال الأصيلة فيه. ولابد للقلم الحر من مساحة،  هي أيضا مساحة تحلق فيها الحرية وتستطيع من خلالها كلمات التنوير وأحرف التحرير أن تفتح أبواب العقول والضمائر وتستثير في نفوس الأحرار أنوار الانعتاق، تلك المساحة الشجاعة لم تكن لتكون لولا عملاق جنوبي آخر شكل ثنائية فذة وشجاعة في مضمار الحرية جنبا إلى جنب فقيدنا المفكر أبوبكر السقاف، فقد كان عملاق الصحافة الجنوبية المناضل الجنوبي الكبير هشام محمد علي باشراحيل، ذلك الرفيق العضوي الذي شاطر السقاف رؤاه ووطننا الجنوب أمانيه وتطلعاته من خلال صحيفة "الأيام" الغراء التي شكلت جبهة وعي عريضة شجاعة قل نظيرها والتي جعلت صفحاتها عناوين بارزة لفكر الحرية النبيل وصوت عالي لحق الإنسان الجنوبي في العيش الكريم".


وختم الجعدي كلمته: "لذلك فإننا اليوم ونحن نحي مئوية فقيدنا المفكر الفيلسوف المناضل أبوبكر السقاف ونكرم فقيدنا الصحفي الجنوبي المناضل هشام باشراحيل، إنما نجدد عهدها بالسير على درب الحرية متمسكين بالقيم والمبادئ الوطنية التي قضوا حياتهم مدافعين عنها من أجل وطن جنوبي عادل يعلي من شأن الإنسان ويحترم حقوقه المشروعة بمبادئ العدالة والمساواة، فرحمة الله على الفقيدين المناضلين الكبيرين الجنوبيين أبوبكر السقاف، وهشام باشراحيل، ولروحهما السلام".

كما أشادت في حفل المئوية كلمتين استعرضهما كل من رئيس اللجنة التحضيرية لأحياء المئوية محمد علي شائف ناجي، وعن اتحاد الأدباء والكتاب الجنوب، د. جنيد محمد الجنيد، جانبا من حياة الفقيد أبوبكر السقاف ومأثره ومواقفه الشجاعة في نصرة قضية شعبه في الجنوب.
فيما تحدث فهد علي عبدالرحمن السقاف، ابن اخي الراحل، كلمة نيابة عن أسرة الفقيد أبوبكر السقاف، قائلا: "الأخوة الكرام الحاضرون جميعا، إنني وباسم عائلتنا، عائلة الراحل الكبير ابوبكر السقاف، وبالأصالة عن نفسي أتقدم بالشكر والتقدير والعرفان للمجلس الانتقالي برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، والأخ المناضل فضل الجعدي، وكل إخواننا في الانتقالي ممن أخذوا على عاتقهم إحياء مئوية الفيلسوف والمفكر والمثقف الموسوعي أبوبكر بن عبدالرحمن السقاف، لقد تلقينا تعازي ومواساة فخامة الرئيس وإخوانه في قيادة الانتقالي بكل ترحاب و محبة، فهم لم يفوتوا وفاة عملاق الجنوب دون تفاعل يليق بهذا المفكر الكبير.


وأشار إلى أن رحيل أبوبكر السقاف، شكَّل خسارة، لكن ستظل مواقفه بارزة وعلامة فارقة في تاريخه النضالي.
وشكر في ختام كلمته تحياته من الاعماق لمن حضر هذه المئوية التأبينية بالقول: "سوف نحمل هذه المشاعر الجنوبية الأصيلة إلى زوجته وابنته، الشكر دائم لكم والشكر جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

كما تطرق مقدم حفل التأبين د. هشام محسن السقاف، عن أدوار ونضالات الفقيد الراحل السقاف بالقول "عرفناه كتلة من النور والنضال في سبيل عدن والجنوب، كان الفقيد السقاف ضيفا عزيزا على "الأيام" كما يتذكره أخي باشراحيل، ومن هناك ومن ذلك البيت الذي أسميته يوما بيت أبي سفيان فمن دخله كان آمنا، حيث جرت الوقائع الأولى لتحريك الشارع الجنوبي ليخرج هذا الشعب طاقاته من اجل الحرية والكرامة ونبذ الاحتلال".

وتحدث باشراحيل هشام باشراحيل، نائب رئيس تحرير صحيفة "الأيام" كلمة عن الأسرة، قال فيها: "أشكر الجميع لأحياء هذا الحفل بمئوية تكريم د. أبوبكر السقاف، أحد رجالات التنوير في عدن والجنوب وفي البلدان العربية قاطبة، أتذكر في احدى مقالاته الموسومة في ذكرى عيد الاستقلال فتح الجنوب والاستعمار الداخلي، جملة تلخص فكره عندما قال، في الفقرة الأولى من الحلقة الثانية: "إن النزعة الاستبدادية ترتبط بمبدأ الاحتكار للحق والحقيقة والسلطة فهي لا تعرف النسبية ومن ثم لا تعترف بالاختلاف فتكون دائما مصدرا لعدم الاستقرار والحروب الاهلية"، كان فكر أبوبكر السقاف، على الدوام مناهضا باستخدام الدين وخلطه بالسلطة لاستعباد المواطنين وانتهاك حقوقهم الدستورية".


وأضاف: "كان الراحل أحد كبار عمالقة المفكرين السياسيين والمثقفين الذين حفلت بهم "الأيام"، فكان مفكرا فريدا من نوعه يجيد الحديث للمتعلم والبسيط، بالتأكيد أنتم تعرفون عنه الكثير، لكن هناك من الأمور الشخصية التي لا يعرفها الجميع عنه بأنه كان محاضرا في جامعتي كامبردج والسوربون بفرنسا، ومتقنا للغات الإنجليزية والفرنسية والروسية، كان مدركا لحقيقة ان التعليم يبدأ من الطفولة، ساعيا في ان يكون هناك خطاب خاص سواءً للطفل او للبالغ، وما يلفت الناظر طريقة مخاطبته للبسطاء عندما يشرح لهم حقوقهم الأساسية".

وأشار باشراحيل بأن والده كان على علاقة ارتباط دوما بالراحل السقاف، قائلا :"كان والدي هشام باشراحيل يستضيفه على الدوم وكانت مأدبة الغذاء تتحول إلى مناقشات سياسية وفلسفية تطول لساعتين ولثلاث ساعات، فكان والدي يناديه دائما باسم بـ (بيكر) وكانت هناك علاقة مختلفة بين والدي و السقاف ومع أصدقائه ومحبيه، كان يحب الضحك والغناء والفنون الشعبية الجنوبية، لكن أساسا كان محب لرؤية الجنوبيين متوحدين حول قضيتهم، ولذلك كنا دوما عندما نتسلم مقالاته لنشره في "الأيام" كنا مدركين بأن مقالاته  ستتبعها مشاكل لكن كانت جزء من دور "الأيام" في التنوير وفتح عقول الناس تجاه حقوقهم، وكما وصف د. هشام السقاف دار "الأيام" ببيت أبو سفيان، نقول له بيت أبو سفيان مازال قائما وستظل "الأيام" على الدوام بيت كل الجنوبين".

وختم نجل الراحل باشراحيل، كلمته قائلا: "علينا أن لا ننسى دور هؤلاء المفكرين الكبار في فتح ملف القضية الجنوبية والدعوة لها وتنوير الناس بها والدفع بها إلى الأمام، وأكبر تكريم للراحلين أبوبكر السقاف وهشام باشراحيل وتخليد إرثهم اليوم هو في جمع الجنوبيين حول قضيتهم وتوحيدهم باتجاه هدفهم الأسمى، هذا هو التكريم الذي يستحقانه، يجب دوما أن نضع دور المفكرين والكتّاب والصحفيين والكتاب في المقدمة ونحثهم على دعوة توحيد الجنوبيين وليس تفريقهم، هذا هو إرثهم، وما نريد أن نستمر عليه وهذا هو دورنا اليوم وشكرا".


وفي ختام الحفل قدم الجعدي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، درع المجلس، تكريما لأسرة الفقيدين الراحلين الفيلسوف أبوبكر السقاف، ولصاحب الكلمة الحرة هشام باشراحيل، تقديرًا ووفاءً لأدوارهما النضالية البارزة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى