​مصر تلوح بالخشونة ضد إثيوبيا لحسم ملف سد النهضة

> «الأيام» العرب:

> تسعى الدبلوماسية المصرية لتحريك الجمود في قضية سد النهضة بعد توقف المفاوضات الثلاثية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا منذ نحو عامين، ما انعكس على تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري التي حملت تلويحا باستخدام حلول خشنة حال أقدمت أديس أبابا على الملء الرابع وأحدثت ما يمكن وصفه بأنه استدارة جديدة إلى الملف بعد أن تراجع الاهتمام به إقليميا.

وقال رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر السفير كريستيان برجر في تصريحات على هامش أسبوع المياه الأوروبي السبت، إن الاتحاد على استعداد ليقوم بدور الوسيط في مفاوضات سد النهضة لحل الأزمة، متوقعا إمكانية إبرام اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث يخلق فرصة للتنمية الاقتصادية المشتركة.

وأشار المتحدث باسم الخارجية الفرنسية باتريس باولي أثناء لقائه مع عدد من الصحافيين بالسفارة الفرنسية في القاهرة السبت، إلى أن باريس تشجع الحوار الثلاثي، وتُذكر بالإعلان الصادر من مجلس الأمن تحت الرئاسة الفرنسية عام 2021 ويدعو ويشجع الأطراف المعنية على الحوار، وإيجاد حل عن طريق المفاوضات.

ولم يفرز التلميح المصري بالدفاع عن مقدرات الشعب ومصالحه واقعا مغايرا يمكن التحرك في إطاره عبر مسار المفاوضات بين الدول الثلاث، وإن كانت تصريحات شكري حملت تأكيداً بأن مصر تستهدف مضايقة أديس أبابا وعدم السماح بتمرير الملء الرابع الذي ستكون له تأثيرات مباشرة على حجم المياه الواردة إلى مصر مع الدخول في سنوات الجفاف المتوقعة بعد بضعة أعوام.

وسوف تصبح القاهرة أمام مخاطر الانجراف إلى تراشق وتصعيد قد توظفه أديس أبابا لصالحها والتأكيد على عدم وجود نوايا مصرية للوصول إلى الحل السلمي بالتفاوض، وبالتالي فتحركاتها بحاجة إلى قدر من الفاعلية تبرهن أن لديها أوراقا يمكن استخدامها في مواجهة التعنت الإثيوبي، ما يشكل محفزاً للمجتمع الدولي من أجل التحرك مجددا والضغط بأدوات أكثر قوة على الحكومة الإثيوبية.

وقال شكري في تصريحات صحافية قبل أيام إن بلاده “لها الحق في الدفاع عن مقدرات ومصالح شعبها، وتتخذ مواقف منضبطة تراعى فيها جميع الاعتبارات والعلاقات”، مضيفًا “كل الخيارات مفتوحة في أزمة سد النهضة، وتظل جميع البدائل متاحة، ومصر لها قدراتها وعلاقاتها الخارجية ولها إمكانياتها”.

ورفضت الخارجية الإثيوبية هذه التصريحات ووصفتها في بيان رسمي بأنها “غير مسؤولة”، وقالت إن مثل هذه التهديدات “تشكل خرقا لمواثيق الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي”، واعتبرت أن تصريحات الوزير المصري “انتهاك واضح” لاتفاق المبادئ حول سد النهضة الموقع عام 2015 بين مصر وإثيوبيا والسودان.

وتعثرت آخر جولة من المفاوضات بين الدول الثلاث بكينشاسا في أبريل عام 2021 بسبب خلافات بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية ثانية.

وتنطلق الرؤية المصرية من وجود تأييد لضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث لبناء وتشغيل السد، ومقترحات خاصة في الاتفاق الإطاري تتحدث عن آليات الملء والتشغيل في سنوات الجفاف والجفاف الممتد، ما يحتم التصعيد الحالي لإرغام إثيوبيا على الالتزام بذلك قبل الشروع في الملء الرابع الصيف المقبل.

وجاء الحديث المصري عن التحركات المنضبطة في إطار حل المنازعات وفقًا للقانون الدولي عبر الطرق السلمية وأي وسائل أخرى تتضمنها المواثيق الدولية.

وقال مصدر مصري لـ”العرب” إن مصر استنفذت التحركات والوساطات دون إحداث تقدم في ملف سد النهضة، وفي حال لم يتغير الموقف الإقليمي والدولي الداعم لأديس أبابا في تعنتها، فالقاهرة ستكون مضطرة للتحرك منفردة، خاصة مع وصول أديس أبابا إلى مرحلة الملء الرابع.

وأشار المصدر، رفض ذكر اسمه، إلى أن تصريحات وزير الخارجية المصري تعني أن أخطار سد النهضة أضحت واقعًا على مصر، وعليها التحرك لحماية مصالح شعبها، وهناك قناعة بأنه في غياب تهديدات مصرية قوية وإثبات القدرة على تغيير حالة الجمود الحالية فإن المجتمع الدولي لن يتحرك لدعم موقف القاهرة، لاسيما أن التشبث بالوساطة جرى التعامل معه من جانب قوى إقليمية على أنه دليل ضعف.

ولفت المصدر إلى أن الموقف المصري الأخير يستهدف إرسال إشارات على أن هناك حلولاً قد تتجه إليها القاهرة في إطار حقها المشروع في الدفاع عن مصالحها، والتأكيد على عدم التهاون في الحفاظ على الأمن المائي الذي يشكل تهديداً للأمن القومي.

وتكررت مفردات دبلوماسية مصرية اعتبرت أن قضية سد النهضة الإثيوبي تمثل “أولوية وجودية تمس حياة الشعب المصري بأكمله”، وهو ما جاء أيضَا في اللقاء الذي جمع مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السفير محمد البدري مع مدير إدارة أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية سايمون ماسترد الخميس، وشهد توضيحًا لرؤية القاهرة بشأن التعنت الإثيوبي.

وتأتي التحركات المصرية بعد أن فشلت مباحثات وساطة قادتها دول خليجية مهمة بين الدول الثلاث مؤخراً، وأصرت فيها أديس أبابا على تقسيم حصة المياه بينها، ما جعل القاهرة على يقين من أن إثيوبيا تراوغ بشأن الحصول على مكاسب لإعادة تقسيم حصة المياه وتوظيف سد النهضة لتحقيق أهدافها.

وتمضي القاهرة على طريق التصعيد الدبلوماسي في وقت لم تصدر فيه عن الخرطوم مواقف قوية مماثلة، ما أثار التكهنات حول إمكانية وجود فجوات في مواقف البلدين.

وتسعى مصر لإرسال إشارات مفادها أنها سوف تتحرك بمفردها حال كان للسودان رأي مختلف، وهو ما ظهر في تصريحات وبيانات مصرية عديدة حملت تأكيداً على أن حقوق الشعب المصري من دون التطرق إلى موقف السودان.

وأكد رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية السفير صلاح حليمة أن التصريحات المصرية ردة فعل على تصرفات أحادية إثيوبية ومساعي فرض الأمر الواقع على دولتي المصب، وهي تعبر عن خيبة أمل في نجاح أي مفاوضات مستقبلا مع توالي الأضرار الجسيمة التي سوف يسببها سد النهضة على الأمن المائي المصري.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن خشونة تصريحات القاهرة جاءت بعد تمادي إثيوبيا في انتهاك المواثيق الدولية، بما فيها ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقات الثنائية بين البلدين بدءاً من العام 1902 والاتفاق الإطاري عام 2015، وتجاهل ما جاء في البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، ما يجعل هناك حاجة إلى الضغط على أديس أبابا لدفعها نحو إعادة النظر في أسلوبها والتأكيد بأن السيادة على النيل الأزرق مشتركة.

وتوحي التصريحات المصرية الأخيرة بالوصول إلى طريق مسدود، ويتعين على القاهرة التحرك وفقًا للخيارات المتاحة أمامها التي تتمثل في طرق أبواب فض المنازعات بالطرق السلمية وفقًا لما جاء في إعلان المبادئ والقوانين الدولة ذات الصلة، أو اللجوء إلى حق الدفاع الشرعي عن النفس تجاه ما يهدد الأمن والاستقرار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى